![]() |
ديمة!
ـ هذا النص تحية إلى روح الصديق الذي ترجل عن صهوة قلمه باكراً، تاركاً معاناة الكلمات فوق سطور الأوراق، تبحثُ عن فارسٍ يمتطي صهوة قلمه، يخرج الكلمة من أحشاء الصخر، هاتفةً للحرية. تعد الجيل الآتي بأن لن تهزمها رماح الجهل، ولن تخذلها العقول الثائرة. تلك الكلمات التي أسكنتها قلبي، وعدتني بأن تنتصر على العيون الغادرة، وعلى الشعارات المزيفة الماضية! اختفى صديقي في ظروفٍ طاحنة، كانت عصيبة جداً لحظات المغادرة، حين ذهبت ديمة لتستريح من عناء يومٍ طويلٍ، أغلقت باب غرفتها لتبدل ملابسها ثم وضعت رأسها فوق وسادتها وراحت تحلم بالحرية تدق بابها، تفتح دفاترتها الفتية، تهدي قوافيها أزاهير ربيعٍ، أخضر البسمات على الدوام! اخترق حُلمها تجاوز عابر للقارات، دخل مِخدعها، غص بالمجنزرات ـ لم يكن المكان والزمان مناسبين لترمي بنفسها فوق صدره، تم تكميم أزاهير الربيع ليرحل مُرغماً صديقي، ويبتعد عن عيونها! اِختبأت وراء عشرات المجلات التي كتب فيها مقالاته، وراحت تبكي، حتى أعياها الدمع، سرقوا حلمها، وطعنوا طيور السلام..اختفى صديقي ولاتزال روحه تبحث عن مرقدٍ تأوي إليه، لنثر أزاهير العالم فوقه عربون محبة ووفاء! دخلت ديمة غرفتي، بينما كنت أطالع آخر مقالاته، أخبرتني بأنهم اِنقلبوا على كلماته، نُخبٌ تُنتج آلات التفريق والتمزيق بكل حرفية، تسطو على المفردات الجميلة، وتحرق الأوراق أوج ربيعها! تبادلنا عبارات التعازي، والمواساة، وبكينا وتعانقنا من جديد، وشعرنا بمدى حاجتنا له. وتوعدنا الحاقدين بقوافٍ غاضبة حتى الثأر لسطور صديقنا.. كانت الأوساط الأدبية تشهد ولادة أولى قصائده، حين بدأت خارطة العالم تتغير، وتعيد فن نحتها تكونت طبقات، وسحقت طبقات، وتم تضليل مستضعفين، لتجنيدهم مقابل حفنةٍ من دولارات، هم لايعلمون بأن أثمانهم قُبضت، وبأنهم مجرد أداة لصنع الحروب!يبيدون ثم يُبادون! دخل صديقي القاعة الأدبية التي ضجت تصفيقاً، كانت ديمة مُرتبكة وفخورة، حبيبها يُتوج شاعراً كان وائق الكلمات، بينما حنجرته تصهل إباءً: أنا الميتُ العائد مزقتُ كفني تمرداً خذوني بينكم هناك حيث ترقد الجثث صقيعٌ موحشُ صقيعٌ موغلٌ أدركت ديمة بأنه راحلٌ لامحال، وأدركتُ بأنه يتألم صمتاً، ولن ينتظر الكلمات لتزهر فوق الشفاه الثائرة. واعترفت الأوساط الأدبية بميلاد شاعر، أخفى مهنة عشقه للكلمات، أمام العيون التي كانت تقرأ له وتتعلم من نبضه فن الثورة على الطغيان!أرسى قواعد رسم القهر بالكلمات، ومنح الزمن عجلة لا تصدأ بتقادم عمرها! رحل صديقي عن عمرٍ ناهز أربعين حقلاً وبُستاناً وآمال ياسمين!وتمردت الموسيقى في ألحانها لينضم معشر الشعراء إلى أوتارها، فيعزفون الحزن كلماتٍ وتمني، فتنضم ديمة لطوابير الأرامل والثكالى، وتنزوي دمعتي ألماً، ونتمرد سوية على ملابس الحِداد، أنا وديمة!! وداعاً ياصديقي! غيبك الموتُ مرة، وغيبنا القهرُ مئات المرات!! |
رد: ديمة!
أجد نفسي من جديد أمام إبداع متميز يقدم لنا نصا على طبق دسم ..
الجميل في قصتك الجديدة عروبة هي أنها مزجت بين سرد الراوي وتقمص أناها .. ثم ذلك الألم الصامت والساكن بين حروفك . تعطيه إبداعاتك هالة من النبل . وحين تخرج القصة عن المألوف وعن السرد التقليدي فإنها بلا شك تضمن لنا متعة القراءة . شكرا عروبة على إبداعك المتألق دوما والذي يمنحنا لحظات ممتعة مع حرفك الراقي . مع خالص محبتي . |
رد: ديمة!
روعة
سرد بهي وشهي كل التقدير لقلمك وبوحك |
رد: ديمة!
اقتباس:
وعبرت.. كل الشكر مروركم والتقييم تحيتي وتقديري |
رد: ديمة!
اقتباس:
تحيتي وتقديري |
رد: ديمة!
ضجت كلماتك بالصدق حتى شعرت بواقعيتها لا محالة .. فعزائي لك ولديمة وللعالم المنسي تحت وطأة الظلام .. شكرا لك عروبة مع خالص محبتي
|
رد: ديمة!
اقتباس:
تحيتي وتقديري |
الساعة الآن 49 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية