![]() |
السيدة كورونا
السيدة كورونا تشرفت بقاع العالم بزيارة السيدة كورونا؛ فكان أن نال من اشتهت ضيافتهم نصيبه من تحياتها المختلفة، فمنهم من شدت على رأسه؛ فأصابه دوار، ومنهم من هشت على أمعائه؛ فلزم الحمام، ومنهم من جثمت على صدره فأصابه اختناق، ومنهم من زاوجت له التحية؛ فرقص من شدة الوجع؛ ومنهم من كانت معه سخية؛ فخصت له كل التحيا؛ مما أوداه إلى المستشفى. المهم ضيفتنا كورونا؛ بجلال حضورها أرهبت مستقبليها ومخالطيهم، ومخالطي مخالطيهم، وكل من لهم أو ليس لهم الحق عليهم، وليس الذنب ذنبها، ولم تظلم أحدا. كورونا في الواقع تحب السبات العميق؛ كانت نائمة فأيقظها الغول، فأحالت كسلها إلى نشاط دائم؛ حالها حال النملة الشغالة؛ لا تسد باب رزقها ما دام الجو يلائمها، ومع حضورها كثر القيل والقال، ووقع الناس في حيرة السؤال، واهتزت الدول كل أراد أن يفوز بأسبقية ردعها؛ لأنها تجاوزت حد الضيافة، ونشبت مخالبها تريد ضمان الإقامة، وفي دهاليز نيتها تطبخ فكرة الاستيطان؛ لتؤمن لسلالاتها دوام السكن مع الأمن والأمان، وإن أحد عارضها تخصب حشاها، وتلد من صلبها كل قاتل ومدمر، والحق كل الحق معها، ألم تكن خامدة فحركوها؟ ألم تكن جامدة فأحيوها؟ فلا لوم عليها، وليركب كل خيله لمنازلتها، ولننظر من سيضع السلاح؛ هي طبعا لها جنود متجانسة متلائمة، تساند بعضها البعض؛ إن ضعفت أولاها تستدعي تابعتها لمواصلة النزال، والمغضوب عليهم؛ لا ترابط بينهم كل في فج سحيق القرار؛ لا يستقر على رأي، دائمي التناوش فيما بينهم، هدفهم الاستباق لإيجاد الحل المستقل، لا الاتفاق على منازلة كورونا والقضاء عليها، وهي نقطة ضعف استغلتها العدوة؛ فانتشرت في الميدان، وأصابت القاصي والداني، وعرقلت حلول القضاء عليها من باب أنانية المتنافرين وعنادهم. فكانت من نتيجة نجاح كورونا؛ أن أوصدت كل الأبواب؛ ابتداء من بيوت السكن وانتهاء بأبواب الرزق؛ فجاع من جاع، وتمرد من تمرد، وزاد الطين بلة أن خلخلت عدة نقط؛ منها الصحة والتعليم، فتكدست المستشفيات وبان ضعفها من الخصاص في كل مواردها، وهزل التعليم بالدراسة عن بعد، فكان للغول ما أراد، أدار رحاه الأزلية لإبادة العباد، وأحسن الرمية فأصابت حصاه، وضلت جياع الكراسي فارغة الأفواه. |
رد: السيدة كورونا
نسأل الله السلامة من كل بلية ، ونسأله أن يحفظ شعوب العالم كله من شرها ، وسطوة جورها ويؤلف بين قلوب الإنسانية للتصدي لها ..
شكرا للموضوع الذي أتى بك ليلى لنطمئن عنك .. وكل عام وأنت بكل خير . |
رد: السيدة كورونا
الله المستعان .. وهو اللطيف بعباده ..
الهي ندعوك ونرجوك لشفاء المرضى وتخفيف آلامهم |
رد: السيدة كورونا
الأديبة العزيزة أستاذة ليلى تحياتي.. اشتقنا فعلاً للأدب الساخر .. ونصك جاء متميزاً مما جعلني أقيمه بالنجوم المتوفرة كلها.. نجوم الليل وليست نجوم الظهر .. أسعدني النص فعلاً .. ويبقى السؤال: من هو الغول؟! |
رد: السيدة كورونا
كل الشكر لك عزة على تعليقك ودعائك ومشاعرك النبيلة
|
رد: السيدة كورونا
ونعم بالله أستاذ جعفر
ومعك نرفع أكف الضراعة إلى العلي القدير أن يرفع الداء والوباء عن عباده وشكرا على المرور الطيب |
رد: السيدة كورونا
أسعدني تعليقك أستاذة هدى، وأشكرك على تقييم النص بنجوم الظهر، ويبقى لنجوم الليل بريقها وسحر تأثيرها على نفوس عشاقها.
أما بخصوص سؤالك عن الغول؛ فهو في التراث الشعبي المغربي؛ شخصية خرافية وردت في حكاية "هاينة"؛ وهي شخصية مرعبة؛ قديما كانت تستدعيها الأمهات تمويها؛ لإخافة أطفالهن الأشقياء، أو الذين يمتنعون عن الأكل أو النوم في الوقت المناسب.... و المقصود به في نص "السيدة كورونا"؛ هم أتباع النظرية الملتوسية؛ التي رأى صاحبها أن النمو السكاني على البسيطة لا يتماشى ونمو الموارد الغذائية؛ ولتقليص الهوة بينهما وضع أربع مقترحات: - التقشف في الاستهلاك الغذائي - تحديد حجم السكان بحجم الغذاء - الحد من استغلال الأراضي الزراعية - تخفيض عدد السكان لذلك اقترح مالتوس نوعين من الضوابط السكانية: 1. الضوابط الوقائية؛ تمارس تأثيرها على نمو السكان من خلال خفض معدل المواليد. 2. الضوابط الإيجابية؛ تمارس تأثيرها على النمو السكاني عن طريق زيادة معدل الوفيات؛ منها ما هو طبيعي (الفيضانات، البراكين، الأعاصير والزلازل)، ومنها ما يتم تطبيقها من قبل الإنسان؛ (نشر الأمراض، الحروب، المجاعات والفقر)؛ كل ذلك كفيل بازدياد نسبة الوفيات؛ وبالتالي تخفيض عدد السكان. وللوصول إلى المبتغى؛ ينصح مالتوس باعتماد الضوابط الوقائية، وفي حالة فشلها يتم اللجوء للضوابط الإيجابية. وارفق جوابي بمقال عن مالتوس ونظريته موسوم بعنوان: "مالتوس.. اقتصادي أرّقه التكاتر السكاني مالتوس اقتصادي وديمغرافي إنجليزي، بدأ حياته المهنية قسيسا في كنيسة أنجليكانية ثم تحول إلى تدريس التاريخ والاقتصاد السياسي والبحث في مجال علم السكان (الديمغرافيا).اشتهر مالتوس بنظريته المعروفة بـ"المالتوسية" نسبة إليه والتي حاولت تفسير ظاهرة تنامي الفقر ومشكلاته في العالم بتزايد أعداد السكان ونموها بمعدلات تفوق معدلات نمو المحاصيل الزراعية، مما سيؤدي الى اختلال التوازن. المولد والنشأة ولد توماس روبرت مالتوس يوم 14 فبراير/شباط 1766 في مدينة صغيرة تدعى روكري بإنجلترا، ونشأ في أسرة ميسورة الحال تعهدته بالتربية والتعليم. كان والده صديقا للفيلسوف الإنجليزي ديفد هيوم، كما كان متأثرا بأفكار الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. ولعل كتاب "إميل" الذي ألفه روسو هو الذي ألهم مالتوس الأب في تنشئة ابنه وفق قواعد ليبرالية في التربية. الدراسة والتكوين تلقى مالتوس تعليمه الأساسي على يد مدرس خصوصي تعهده إلى أن دخل كلية المسيح التابعة لجامعة كامبردج عام 1784، حيث تمكن من دراسة العديد من المواد وبرع في اللاتينية والإغريقية فنال فيهما عدة جوائز. حصل مالتوس أولا على الإجازة عام 1788، لكن شغفه المعرفي ما كان ليسمح له بالوقوف عند ذلك المستوى، فتابع دراسته الجامعية إلى أن نال شهادة الماجستير في 1791. التوجه الفكري تأثر مالتوس بالفلسفة الليبرالية وكان واسع الاطلاع على أفكار فلاسفة الأنوار من قبيل هيوم وروسو. وكان مطلعا على أفكار المدرسة الكلاسيكية في الاقتصاد، حيث قرأ كتابات آدم سميث وكان على صحبة مع ديفد ريكاردو. الوظائف والمسؤوليات انتخِب مالتوس بعد تخرجه زميلا في كلية المسيح بكامبردج، ثم عين قسيسا بالكنيسة الأنجليكانية عام 1797، لكن قضايا اللاهوت لم تستهوه بما يكفي فالتحق بكلية شركة الهند الشرقية (البريطانية) عام 1805 أستاذا للتاريخ والاقتصاد السياسي. اختير زميلا في الجمعية الملكية عام 1819، وانضم إلى نادي الاقتصاد السياسي عام 1821، إلى جانب اقتصاديين آخرين مرموقين مثل ديفد ريكاردو وجيمس ميل. كما صار عضوا في الجمعية الملكية للأدب سنة 1824، ثم في الأكاديمية الفرنسية للعلوم الأخلاقية والسياسية عام 1833، وأكاديمية برلين الملكية في نفس السنة. وكان أيضا من بين الأعضاء المؤسسين لجمعية لندن للإحصاء في 1834. التجربة الفكرية صاغ مالتوس نظريته الشهيرة في كتاب نشره لأول مرة عام 1798 بصفة مجهولة دون ذكر اسم الكاتب، ويحمل عنوان "مقالة حول مبدأ السكان". وتقول هذه النظرية إن وتيرة التكاثر الديمغرافي (السكاني) هي أسرع من وتيرة ازدياد المحاصيل الزراعية وكميات الغذاء المتوفرة للاستهلاك. وهذا من شأنه أن يؤدي في المحصلة إلى اختلال التوازن بين عدد السكان من جهة وإنتاج الغذاء اللازم لإطعامهم من جهة أخرى، مما ينذر بمشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة من فقر وجوع، وبروز لظواهر مجتمعية سيئة كالتشرد والتسول واحتراف النصب والسرقة. ويرجع السبب في حصول هذه الفجوة بحسب مالتوس إلى أن البشر يتكاثرون كل 25 سنة وفقا لمتتالية هندسية (1، 2، 4، 8، 16، 32… إلخ)؛ أي أن أعداد السكان ستتضاعف بعد كل ربع قرن وستستمر في الزيادة إلى ما لا نهاية ما لم يقف عائق أمام هذا النمو (مجاعات، حروب، أوبئة، كوارث طبيعية، تنظيم النسل….) وفي المقابل ينمو إنتاج الموارد الغذائية وفقا لمتتالية حسابية (1، 2، 3، 4، 5، 6… إلخ)؛ فقط بسبب محدودية الأراضي الصالحة للزراعة وتناقص الإيرادات جراء كثافة الاستغلال. ويشير مالتوس أمام هذا الوضع إلى أن المجتمع إذا لم يتدارك نفسه ويضع لأفراده -الفقراء منهم تحديدا- قيودا أخلاقية للتحكم في وتيرة تكاثر أعداد السكان بما يتوافق قدرته على إنتاج الغذاء، فإن "قوانين الطبيعة" ستفعل فعلها فيه لإعادة التوازن إليه وإرجاع الأمور إلى نصابها، عبر تفشي الأمراض والمجاعات وكثرة الحروب اقتتالا على الموارد تحت سطوة غريزة البقاء عند الإنسان. ومن بين القيود الأخلاقية التي يرى مالتوس أنها قد تعين على الحد من الولادات، الاستعفاف قبل الزواج وتأخير سنه بالإضافة إلى اقتراحه حلولا أخرى. كما يرى أن من مسؤولية كل أسرة ألا يتجاوز نصيبها من الأطفال القدر الذي ترى يقينا أن باستطاعتها أن تعوله. وبحسب مالتوس، فإن من مسؤولية الدولة أن تلجم نفسها عن تقديم المساعدات الاجتماعية للفقراء لأن ذلك لا يعينهم حقيقة وإنما يحول بينهم وبين إدراك كونهم السبب الأول في "المأساة" التي يعيشونها، فيشجعهم ذلك على الاستمرار في التكاثر وتزداد حدة المشكلة بسبب المساعدات بدلا من أن تكون السبيل إلى حلحلتها. وتعد النظرية المالتوسية من أكثر النظريات التي أسالت المداد وأثارت النقاشات خلال القرنين الماضيين ولا تزال، فبين مؤيد لها ومعارض وبين ناعت لها بالواقعية ومتهم إياها بالتشاؤمية، تبقى فكرة مالتوس حول التزايد السكاني مستأثرة باهتمام الدارسين، رغبة في تأكيدها أو تفنيدها. المؤلفات ألف مالتوس أول كتاب له عام 1796 بعنوان "الأزمة" لكنه لم يجد طريقه إلى النشر. وألف كتابه "مقالة حول مبدأ السكان" عام 1798 فطبع عدة مرات، وله مؤلف آخر بعنوان "مبادئ الاقتصاد السياسي" نشر سنة 1820. الوفاة توفي توماس مالتوس يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 1834 عن عمر ناهز 68 عاما، في قرية سانت كاثرين بالقرب من مدينة باث جنوب غربي إنجلترا. أتمنى أن أكون قد وفيت الجواب حقه، وأشكرك أستاذة هدى مرة أخرى على تعليقك الذي أثار نهم البحث. |
رد: السيدة كورونا
ليلى الغالية.. راقني نصك جدا .
دام لك التميز |
الساعة الآن 26 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية