منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مدينة د. منذر أبو شعر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=489)
-   -   وقفة مع عوالم أوليفر ساكس Oliver Sacks (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=34581)

د. منذر أبوشعر 18 / 10 / 2021 10 : 02 AM

وقفة مع عوالم أوليفر ساكس Oliver Sacks
 


لا أستطيع التعايش مع بني صهيون، أو التخاطب معهم، لأنني لا أتخيل إلاَّ الانتهاكات المتعمَّدة، والحقد الدفين مع كلّ نأْمة، أو مع كل همسة تصدر عنهم؛ إذ تتصدر في واجهة الخيال ـ على الدوام ـ صور كل جراحات تزوير التاريخ، وكل ناصع بدهيات الحقائق بأبشع صورها.
ومع ذلك كله، جرؤتُ اليوم أن أقرأ لـ أوليفر ساكس Oliver Sacks (1933 ـ 2015) من بابة الفضول، وبابة الاستكشاف، لأجد نفسي أشفق على هذا (البائس) الشاذ، المثلي، الذي ضجَّ الأدب بروايته (أريد ساقاً أقف عليها) A leg to stand on؛ فالخواء الروحي، دون دليل، يقود إلى مزيد ضياع، ومزيد حيرة، ومزيد عذابات.. فتكثر الأسئلة، ولا جواب.. مع أن الزلال جميعنا يحمله على عنقه لكن بعضنا لا يراه، فيظل يدور ويدور..
وللسخرية، مع طرف شفقة شرقية، فقد مات Oliver Sacks وهو يدور في نفس المكان؛ وكان طبيعيَّاً أيضاً أن يحرق أوائل تجاربه في الكتابة بسبب (الشك الذاتي) كما خطَّ في مذكراته.
** ** ** ** **
وأوليفر ساكس Oliver Sacks (1933 ـ 2015): شاعر الطب الأول، كاتب وطبيب بريطاني الجنسية، مختصٌّ في طب الأعصاب neurology، انتقل إلى أمريكيا وعاش بها.
وُلد في كركلوود Kirkwood شمالي لندن، وكان الأصغر بين أشقائه الأربعة، من أبوين يهوديين: أبوه صموئيل Samuel (ت: 1990 م) طبيب مهاجر من ليتوانيا Lietuvos شرق السويد. وأمه مورييل إيلسي Alsey Moriel (ت: 1972) إحدى أوائل الجراحين الإناث في إنجلترا. ومن أبناء عمومته: أبا إيبان Abba Eban (ت: 2002) رجل الدولة الصهيوني، وروبرت أومان Robert J. Aumann الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية Economics.
درس في جامعة أوكسفورد The University of Oxford عام 1951، فنال الجزء الأول من درجة البكالوريوس في علم وظائف الأعضاء physiology وعلم الأحياء Biology.
وفي عام 1956 قرر البقاء في الجامعة عاماً إضافياً لمباشرة بحث علمي حول تاريخ علم الوظائف physiology، مشاركاً في معمل الجامعة للتغذية البشرية. لكنه توقف في إتمام بحثه، مما أصابه بالإحباط والاكتئاب؛ فرأى أستاذه في الجامعة ووالداه أن يحرر نفسه من الدراسات الأكاديمية لفترة فيقضي الصيف في كبوتز إين هاشوفيت Kibbutz HaShofet وهي مزرعة جماعية يهودية، تبعد 25 كم جنوب شرق مدينة حيفا = بأمل أنَّ الجهد البدني سيساعده في حل حالته النفسية المضطربة، وتكون دواء لوحدته المعذبة.
وعندما استعاد عافيته، قرر العودة إلى الطب، ليبدأ العمل الإكلينيكي (علم النفس السريري) Clinical psychology، ورؤية المرضى في لندن.
ثم أنهى فترة التخصص في علم الأعصاب Neuroscience وعلم الأمراض العصبية Neuropathology في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس Los Angeles، وانتقل بعدها إلى كلية ألبرت آينشتاين للطب Albert Einstein College of Medicine في نيويورك عام 1965.
وفي عام 1966، عُيّن كطبيب أعصاب neurologist في عيادة لأمراض الصداع في برونكس The Bronx حي الطبقة الفقيرة في نيويورك. وكان مرضاه وعلاجهم المادة الأساس التي كتب منها كتابه " اليقظة" Awakenings.
** ** ** ** **
حياته الشخصية
لم يتزوج ساكس أبداً، وعاش وحيداً معظمَ عمره. كما رفض أن يُطلع الآخرين على شيء من تفاصيله الشخصية، حتى فترة من متأخرة من حياته.
وذكر ميوله الجنسية المثلية، لأول مرة، في سيرته الذاتية "على الطريق: حياة" On the Move: A Life الصادرة سنة (2015).
وكان سبَّاحاً ماهراً، سبح كل يوم تقريباً طوال حياته، مذ درَّبه أبوه بطل السباحة في عمر الستة أشهر، وحتى صار يسبح بصورة منتظمة حول جزيرة برونكسIsland Bronx شمال شرق نيويورك، بما يعادل (2.4 كم) تقريباً.
وكان رياضياً بامتياز: أنجز جلوس القرفصاء Squat exercise وهو يحمل على أكتافه 600 رطل / أي ما يعادل 272 كغ، وقطع ما مجموعه 100 ألف ميل / أي ما يعادل مائة وستون مليون كم على دراجته النارية.
وفي كتابه "أريد ساقاً أقف عليها" كتب عن حادثة كادت تودي به، وهو في الحادية والأربعين من عمره سنة 1974، حينما سقط من منحدر صخري، وجرحت ساقه اليسرى جرحاً بليغاً بينما كان يتسلق الجبال وحيداً في النرويج.
** ** ** ** **
لكن كل ذلك، كان ضجيجاً صاخباً في حياته: صورة جميلة في عيون الناس، إنما هي في دفائن ذاته لا تُرضي عمق جوعه للأنس الحقيقي.
** ** ** ** **
وفي عام 2008، بعد بلوغه الخامسة والسبعين، وهو لايزال أعزباً، توهَّم أنه وجد ضالته، فبدأ صداقة مع الكاتب والمساهم في جريدة النيويورك تايمز بيل هايسBill Hayes، وتطورت العلاقة بينهما إلى شراكة التزام طويلة في منزل مشترك، استمرت ست سنوات حتى وفاته سنة 2015. وكتب بيل هايس عن هذه العلاقة الشاذة بينهما في مذكراته: مدينة نيويورك وأوليفر وأنا، الصادرة سنة 2017.
** ** ** ** **
ووصفه أحد زملائه بأنه "غريب الأطوار للغاية": مثل حبه لشرب الدم مخلوطاً مع الحليب، وإدمانه على مخدر LSD. وكتب هو عن نفسه بأنه حصل على النشوة الجنسية لأول مرة بشكل تلقائي في حمام السباحة عندما قام بتدليك رجله. كما اعترف بـ "تخيلات شهوانية من جميع الأنواع" عندما كان يزور في شبابه متحف التاريخ الطبيعي، فتخيَّل أنه يمارس الجنس مع أفراس النهر في الوحل.
** ** ** ** **
المرض والموت
في مقابلة أجريت معه عام 2001 قال إنَّ الخجل الشديد، الذي وصفه بأنه "مرض"، كان عائقاً طوال حياته أمام تفاعلاته الشخصية. وقال: كان يعتقد أن خجله ينبع من (عَمَه التعرف على الوجوه)، المعروف باسم "عمى الوجه" Prosopagnosia، وهو اضطراب في الدماغ، يتسبب في الإصابة بعدم القدرة على التعرف على الوجوه أو تمييزها. وهي حالة درسها في بعض مرضاه. وهذه الإعاقة العصبية لم يدرك شدتها وتأثيراتها على حياته بشكل كامل حتى بلغ منتصف العمر، حتى أنها منعته من التعرف على انعكاس صورته في المرايا. وكان ماركوس Marcus أخوه الأكبر يعاني من ذلك أيضاً.
وفي عام 2006 خضع للعلاج الإشعاعي لورم ميلانيني العنبي / سرطان ميلانوما العين Uveal melanoma في عينه اليمنى. ففقد الرؤية المجسمة؛ ثم أدى في النهاية إلى عمى العين اليمنى تماماً؛ وقد كتب عن ذلك في كتابه: عين العقلThe mind’s eye.
وفي يناير 2015 تم اكتشاف النقائل من ورم العين في الكبد metastatic cancer
وهو سرطان يتكوّن في منطقة أخرى منفصلة عن المنطقة الأولى التي نشأ فيها السرطان الأولي. وقدَّر الوقت المتبقي له بـ "شهور". فأعرب عن نيته في أنْ "يعيش في أغنى وأعمق الطرق وأكثرها إنتاجية". وأضاف: "أريد وآمل في الوقت المتبقي أنْ أعمق صداقاتي، وأنْ أودع من أحبهم، وأنْ أكتب أكثر، وأنْ أسافر إذا كانت لديَّ القوة، وأنْ أحقق مستويات جديدة من التفاهم والبصيرة".
ثم في 30 أغسطس 2015 توفي بسبب المرض في منزله في مانهاتن عن عمر يناهز 82 عاماً، محاطاً بأقرب أصدقائه.
** ** ** ** **
مؤلفاته
كُتُب ساكس تزخر بتفاصيل غنية عن خبراته مع المرضى، وكيف تعاملوا مع حالاتهم؛ كما تلقي الضوء على كيفية تعامل العقل الطبيعي مع الإدراك والذاكرة والتفرد؛ فهو من المؤمنين بقدرات العقل الكبير؛ وقد وصَفَ العقل بأنه أكثر شيء مدهش في العالم. لذلك عُدَّت بعض مؤلفاته مصدراً للإلهام؛ واستمدت منها بعض الأفلام والمسرحيات؛ ولقبته صحيفة التايمز الأمريكية The New York Times بشاعر الطب المعاصر، وأحد أفضل الكتاب الإكلينيكيين في القرن العشرين.
وقد حاز على رتبة القائد (CBE) ـ في رتب الإمبراطورية البريطانيةThe Most Excellent Order of the British Empire ـ كشكر على خدماته التي قدمها في سبيل الأدب، خلال " Queen's Birthday Honours".
وأبرز كتبه:
1 الصداع النصفي Migraine: وهو أول مؤلفاته، كتبه وهو الرابعة والثلاثين من عمره. وكان عنوان الكتاب في طبعته الأولى: الصداع النصفي - تطور اضطراب شائع. وتمت كتابته في عام 1967 في تسعة أيام، ونُشر لأول مرة في عام 1970. ثم نُشرت نسخة منقحة ومحدثة في عام 1990.
ويتحدث الكتاب عن طبيعة وعلاجات الصداع النصفي بشكل عام، وعن العديد من الأنواع الفرعية المختلفة، لا سيما فحص سمة الهالة البصرية Glory optical phenomenon الشائعة لدى العديد من المصابين، بالإضافة إلى علامات وأعراض ما قبل الصداع النصفي؛ مركزاً بشكل خاص على الجوانب النفسية العصبية للصداع النصفي.
2 اليقظة Awakenings: نشر الكتاب سنة (1973)، وهي سيرة ذاتية، كتبها في الأربعين من عمره. ويتحدث عن جهوده لمساعدة المصابين بالتهاب الدماغ النوامي لاستعادة وظائفهم العصبية الطبيعية.
والتهاب الدماغ النوامي Encephalitis lethargica أو sleepy sickness: مرضٌ خطير، نادر، انتشر بعد الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918)، فأصيب به ما يقارب خمسة ملايين شخصٍ، تُوفي حوالي ثلث عددهم، ومن نجا منهم أصبح كالجثة بلا حركة أو كلام أو أي تفاعل مع العالم. وحتى اليوم، لا يُعرف سببٌ مؤكَّد للمرض، لكن هناك العديد من الأبحاث التي تربط التهاب الدماغ النوامي بوباء الإنفلونزا سنة 1918، المعروف بـ الإنفلونزا الإسبانية.
3 أريد ساقاً أقف عليها A leg to stand on: نشر الكتاب عام (1984)، وكان عمره إحدى وخمسين سنة. ويروي عن تجربته الشخصية بعد إصابة ساقه عندما كان في رحلة لتسلق الجبال في النرويج، وعن الكمّ الهائل من المشاعر والانفعَالات التي راودته، والحالة النفسية الصعبة التي كان يمر بها، خاصة أنه قطع مسافات طويلة على ساق واحدة ليصل إلى منطقة مأهولة ليسعفه سكانها. فوصف إصابته، والأفكار التي كانت تدور في عقله، وأنه لم يستسلم. كما عبَّر عن الحالة النفسية للمريض، ولم يتوقع أن تكون حالة المريض النفسية سيئة عند مرضه إلى هذه الدرجة، ثم يروي مرحلة تلقيه العلاج، والعلاقة التي ربطته بالطبيب الذي أشرف على حالته، متحدثاً عن الوضع النفسي للمريض، ومراحل اليأس التي يمر بها خلال مسيرته الطويلة نحو الشفاء. مُعلّقاً على الأحداث بأسلوب سلس، يجعل القارئ يظن نفسه جزءاً من المعاناة التي عاشها الكاتب؛ فقد امتزجت كلمات الرواية بمشاعر الألم والحزن التي عاشها في هذه التجربة، فأجاد في وصف عظمها وقسوتها على نفسه، وكانت صادقة لأنه عاشها بالتفصيل، داعياً في ختامها إلى إحداث طفرة نوعية في عالم الأعصاب من أجل الاستعاضة عن الأعضاء الميكانيكية بأعضاء أكثر تطوراً. ومما قاله في أحد فصولها: كن صبوراً، تحمّل، انتظر، كن ساكناً، لا تفعل شيئاً، لا تفكّر، يا له من درس صعب ومتناقض للتعلم!
4 الرجل الذي حسب زوجته قبعة The Man Who Mistook His Wife for a Hat نُشر الكتاب سنة (1985)، وحاز على إثره شهرة واسعة، لأنه كان سابقة نوعية عند ظهوره؛ فالكتب التي دمجت بين المرض العصبيّ والجانب القصصيّ كانت نادرة جداً في ذلك الوقت، والكاتب استطاع جمْع أغرب القصص التي حدثت مع مرضاه، مع تقسيمها على أربعة فصول: الفقد (وأبرزها: تجربة فقدان شخص عزيز)، وفرط النشاط ADHD، والحالات النقلية / الأمراض المعدية Infection، وعالم السذّج naïve؛ وكل عنوان قسمٌ، هو في حدّ ذاته مصطلحٌ علميٌّ كثيرُ الورود في مجال علم الأعصاب وعلم النفس؛ وكلُّ قصة من القصص تندرج ضمن تلك الحالة العلمية. كما أنّه شرح الحالات المرضية بأسلوب علميّ في جزء خاص سمّاه: “تعقيب”، مما جعل الكتاب مناسباً لشريحة واسعة من القرّاء تضمُّ المتخصصين وغيرهم. مؤكداً أنَّ الصحة مطلب ضروريٌّ رئيس، وبفقدانها نشعر بعظم ما نملكه.
5 رؤية الأصوات / رحلة إلى عالم الصم Seeing Voices: نشر الكتاب سنة (1989)، وكان عمره ستاً وخمسين عاماً. أبحر به في عالم مرض الصمم Deafness وأعراضه، والأسباب المؤدية إليه. وهو ورقة بحثية أكثر من كونه كتاباً سردياً، ووصفته مجلة المكتبة Library journal عند صدوره بالثاقب والمؤثر بشكلٍ غير عاديّ.
6 عالِم أنثربولوجيا على سطح المريخ An Anthropologist on Mars: نشر الكتاب سنة (1995)، وكان عمره اثنين وستين عاماً. ويحكي عن الأشخاص ذوي الإعاقات أو الأمراض العقلية، بما في ذلك اثنان مصابان بالتوحد Autism. واعتبر هذا العمل مهماً في إطار الحركة من أجل حقوق المصابين بالتوحد. وبعد وقت قصير من نشر الكتاب، تلقى ساكس مئات الرسائل من أشخاص يتعرفون على أنفسهم، أو يتعرفون على الأقارب.
7 عمى الألوان The island of the colorblind: نشر الكتاب سنة (1997)، وكان عمره أربعاً وستين عاماً. يصف فيه بحذق وفرادة عالم المصابين بحالة عمى الألوان، وكيف بناهم المرض من جديد عوضاً عن تدميرهم، وعن رحلة في عالم الأعصاب، والأسباب الحقيقية وراء هذا الداء.
8 العم تنجستين Uncle Tungsten: وهو ذكريات صباه الكيميائية وطفولته، مع كتاب تمهيدي في تاريخ وعلم الكيمياء. ولا يقتصر الكتاب على سرد شغف الشاب بالكيمياء، بل يربط ذكرياته بالحريق الكارثي في كريستال بالاس Crystal Palace بلندن سنة (1936)، وتجاربه الرهيبة للسادية في المدرسة، واهتمامه بـ كيمياء الهواء Atmospheric chemistry، وهوسه العابر بتلوين صوره بالأبيض والأسود في معمله المنزلي.
ونُشر الكتاب في سنة (2001)، وكان عمره ثمان وستين عاماً، وسمَّاه على لقب العم تنجستين سكرتير شركة Tungstalite، التي صنعت مصابيح متوهجة مع خيوط تنجستين (وتنجستين: هو عنصر كيميائي مهم جداً يرمز له بـ W، يستخدم في صناعة الأسلاك المتوهجة في المصابيح الكهربائية)، وكان العم Tungsten مفتوناً بالتنجستين وكان يعتقد أنه معدن المستقبل.
9 مجلة أواكساكا Oaxaca Journal: نشر الكتاب سنة (2002). وهو رحلة لرؤية السرخس Polypodium في جنوب المكسيك، وتأمُّلٌ في حضارة أمريكا الوسطى، وعلماء الطبيعة الهواة، والشوكولاتة، والزراعة، والميسكال Mescal المشروب الكحولي المكسيكي التقليدي، وغير ذلك.. أي هو سجلٌ حافلٌ لـ "غزوة السرخس" في عشرة أيام. ويمتاز الكتاب برشاقة العبارة، وسرعتها، وينم عن سعة اطلاع المؤلف واهتمامه بالثنائيات Eudicots، كما يدل على رهافة إحساسه الفيكتوري بالتواضع (أي بحثه عن معنى الهوية وديمومتها)، وفتنته بالعالم من حوله.
10 نزعة إلى الموسيقى / حكايات الموسيقى والدماغ Musicophilia Tales of Music and the Brain نشر الكتاب عام (2007) وكان عمره أربعاً وسبعين عاماً. ويناقش دور الموسيقى في الانفعال الذي يؤدي إلى استقامة الأفعال. وأنَّ الاستماع للموسيقى سمعيٌّ وعاطفيٌّ، وحركيٌّ أيضاً، وقديماً كتب نيتشه: «نحن نستمع للموسيقى بعضلاتنا»، أي نواصل أداء حركات توقيعية وفق نغم ما، لا إرادياً، حتى لو لم نكن نصغي إليها بشكل واع، فتعكس وجوهنا ووضعياتنا حكاية اللحن، والأفكار والمشاعر التي يستحثها.
ويقدم هذا الكتاب القيِّم الكثير من التجارب والحالات لمرضاه ومراسليه كان للموسيقى دور رئيس فيها: كيف يمكن للموسيقى أن تكون هاجساً؟ أو أن تكون مصدر تعذيب للإنسان وتحرمه من الاستمتاع؟ وكيف للتخيلات الموسيقية أو الهلوسات الموسيقية أن تكون مصدر إلهام للموسيقي ليؤلف معزوفته؟ وما علاقة التخيلات الموسيقية بالصمم؟ وكيف تؤثر الموسيقى على جهازنا العصبي؟ وما الفرق بين تلافيف عقل الموسيقي من غيره؟ وما هو تأثير الموسيقى على سلوكنا وعلى شخصياتنا؟ وما هو العلاج بالموسيقى؟ وكيف تكون الموسيقى حافزاً لنوبة صرع أو تكون علاجاً لتلك النوبة؟
ثم يتحدث عن الحس المتزامن: أي أن تغمرك الموسيقى بالألوان والأضواء والنكهات. يطرح الكتاب كل هذا ويناقشه من ناحية علمية طبية ونفسية، سهلة وبسيطة.. لكن ربما يجد القارئ، غير الملم بالأمور الطبية، صعوبة في فهم بعض النقاط التي استُخدم فيها مصطلحات طبية في شرحها.. وعدا ذلك، فالكتاب ممتع، نتعرف منه على كثير من الحالات ومدى تأثير الموسيقى عليها، إضافة للمعلومات المهمة التي أوردها الكاتب في الهوامش.
فالألحان التي تدور في عقلنا، قد تعطي المحلّل النفسي مفتاحاً لحياة العواطف السرية التي نعيشها في داخلنا.. فـ (الغناء الداخلي)، يكشف صوت الذات المجهولة الأمزجة والنزوات العابرة، وأيضاً الأماني المُنكرة، أو التوق، أو الدوافع التي لا نحب أن نعترف بها لأنفسنا.. فمهما كانت الرسالة السرية التي نحملها، فالموسيقى العرضية المرافقة لتفكيرنا الواعي لا تكون اتّفاقية أبداً.
11 عين العقل The mind’s eye: نشر الكتاب سنة (2010)، يحكي فيه عن إصابته بفقدان بصر العين اليمنى، متطرقاً إلى الجانب الطبيّ في ذلك، ويطرح أسئلة تكون من العمق بأنّها لا تحمل إجابة واضحة.
12 هلوسات HALLUCINATIONS: نشر الكتاب في سنة (2012)، يؤكد فيه أن الهلوسة في المطلق لا تعني الجنون، فهي ترتبط بشكل أكثر شيوعاً مع حالات الحرمان الحسّي، أو حالات التسمم، أو نتيجة لمرض، أو إصابة. ويمكن أن تحدث نتيجة لحُمى معتدلة، أو حتى قبل النوم، أو عند الاستيقاظ، فيرى الشخص المصاب رؤى تتراوح من نقاط ملونة مضيئة، إلى وجوه شديدة التفصيل بشكلٍ مدهش، أو وحوش مُرعبة. وفي بعض الحالات قد تفضي الهلوسة إلى تجليات ومكاشفات دينية، أو حتى إلى الشعور بالخروج من الجسد. كتبه بأسلوبه الأنيق، وفضوله، وتعاطفه المعتاد، فنسج قصصاً عن مرضاه وتجاربه الخاصة، بهدف إلقاء الضوء على الهلوسة، وما تُخبرنا به عن تنظيم وبنية أدمغتنا، وكيف أثرت في الفلكلور والفن لدى كل ثقافة، ولماذا قد تَحدُث الهلوسة لأيّ منا، كجزء حيوي من الطبيعة الإنسانية.
13 على الطريق On the move: نشر الكتاب سنة (2015) قبل أشهر قليلة من موته، وهو سيرة ذاتية تحكي، عن كثب، عن شخصية الطبيب الخجول، المنغلق على نفسه، وخلاصة سنوات كثيرة من تجاربه.

المراجع
https://stringfixer.com/ar/Oliver_Sacks
https://www.goodreads.com/ar/book/sh...hallucinations
https://www.ysk-books.com/favicon.ic...awakenings-pdf
https://emirate.wiki/wiki/Uncle_Tungsten
https://emirate.wiki/wiki/Oliver_Sacks
https://en.wikipedia.org/wiki/An_Anthropologist_on_Mars


الساعة الآن 17 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية