![]() |
في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
بين ذكرى مولدك وذكرى رحيلك مسافةُ شوق ينوس القلب بين طَرَفَيها انفعالاً يَصْخَبُ في القلب بحراً من مشاعر، يغشاه موجٌ من حنين، من فوقه موجُ حزنٍ، من فوقه موجٌ من يقين بأنَّ لا الحزنَ ولا الحنينَ بقادِرَين، مهما بَلَغَا، على إعادة ما مضى واقعاً ينبض بالحياة ولو للحظة، كما ليس بقدرة تراكمِ السنين محوَ ذكرى ذلك الذي مضى..
أخي الحبيب طلعت.. وأنا أكتب هذه الكلمات في ذكرى مولدك، أَرَانا ما زلنا نسير معاً في شوارع دمشق وبين حواري الشيخ محي الدين الضيقة، شابَّين يافعين يتدفق المستقبل من أحلامهما ممكناً، بكل الألوان الزاهية، وهما يضحكان مُنْتَعِلَين فقرهما بلا مبالاة. وبصحبتك، في ذلك البيت العربي الذي تفوح رائحة البساطة والأنس من كل جنباته، أَرَانا ما زلنا ساهِرَين نكتب أولى مقالاتنا بحماس، وَاثِقَينِ من قدرتها على تغيير اتجاه قناعات الآخرين، ومسار الأحداث إلى حد اليقين بأنها ستساهم في إعادة الأرض إلى أصحابها.. وترتفع قامة الإبداع في قصائدك جمالاً وصدقاً في آن، فيتهاوى أمام إشراق كلماتها قول أحدهم (أعذب الشعر أكذبه) ليصير النقيض (أعذب الشعر أصْدَقُه).. وبين الشعر والقصة والنقد والسياسة، تركنا خطواتنا ترتحل بأحلامنا وطموحاتنا، غافلة عن ارتحال سِنِيِّ العمر بتلك الخطوات نفسها.. كتبنا كثيراً عن حياة الناس وعن فلسطين وأهلها وقضيتهم.. عشنا في كلماتنا مع نبض الأبطال الذين نزفوا دماءهم على عتبات الحلم بتحرير فلسطين.. كتبنا عن أحلامنا وأحلام البسطاء وآمالهم.. فَرِحْنا وغَضِبْنا وحَزِنَّا، وكانت الكلمات مرآة تعبيرنا عن أفراحنا وأحزاننا.. عن غضبنا ورضانا.. وفي مسيرة الكلمات تلك، شَمَخَتَ شاعراً تجاوزتْ قامته الكثير من أقزام الشعر.. وظلت تلك القامة محافظة على شموخها وتفوقها، طيلة الطريق الطويل إلى محطة الرحيل المفاجئة. وبشموخك شاعراً، كنتَ دائماً الوجه البارز للناس في قصائدك، بينما بقيت أنا غائباً في غياهب أبحاثي. لكنك لم تترك فرصة لمشاركتي تألقك إلا سارعت إلى اغتنامها.. تقف منشداً شعرك، فتلتهب أكفُّ السامعين تصفيقاً لك، ولكن ما إن تنزل عن منبر الشعر حتى تُسرع نحوي تشدني لتقدمني إلى معجبيك قائلاً: أخي الباحث والقاص والناقد.. ومع أنهم لم يعرفوني، كانت شهادتك بي كافيةً لإزالة شكهم بأنني حقاً كما وَصَفْتَني لهم.. وهكذا، عرفني الآخرون من خلالك وأنتَ على قيد الحياة، وحين رحلتَ، عرفوني في أحاديثي عن ذكرياتنا وإبداعك.. لن أرثيك أخي الحبيب، لأنني ما أزال أشعر بك حياً في ذاكرتي ومشاعري.. لن أرثيك أخي الحبيب، لأن من استطاع أن يبقى حياً في إبداعه سيبقى حياً في ذاكرة الناس وقلوبهم.. لن أرثيك أخي الحبيب، لأنني ما زلت لا أصدق أنك رحلت.. لن أرثيك، لكيلا أفقد برثائك استمرارَك قائداً لكلماتي إلى جمهور من أحبوك وقلوبهم.. فَبِكَ عرفوني، وحباً بك أحبوني.. سلام الله عليك ورحمته.. |
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
ويعود الدوري إلى أعشاش الربيع مغردا أحلى الكلمات، جالبا تعابيرا تصدح حنينا وشوقاً أخبرنا كيف حال الشام، وما هي آخر صلوات الغوطة، وهل بقيت الازاهير على عهدها من سفوح قاسيون وحتى أعتاب القدس تزدهر وفية.. لن نُعِد سنوات الغياب أبداً، كل من تغيب عن مجلس نور الأدب باق في الأذهان حياً، نتصفح مواضيعه ونشارك التعليق كما لوكان حياً.. نشارك قلمك الوفاء، ونرحب بكم ونهمس بأننا مازلنا لكم أوفياء أيضاً..نستطلع ونقرأ لكم ويتطور الأسلوب الأدبي لدينا..نرحب بكم في نور الأدب، سنبقى على تواصل مهما كانت ظروف الإبعاد تحية ومودة وتقدير :nic18: |
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
عودة جميلة لأحضان نور الأدب... إحياء للذكرى، وكلمة حب ووفاء...
|
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
إطلالتك أديبنا المقتدر الأستاذ الصواف، فتحت كتاب الشوق بلسعة ألم؛ شكلت فيه معاني الوفاء بريشة المشتاق، معلنا أن خطى الفقيد -تغمده الله بواسع رحمته- على دربك مؤثتة في روحك وأن حضوره وبقاءه حيا مرهون بإبداعه الراسخ في ذاكرتك. وتناسمك روحه متى تجددت الذكرى بين الميلاد والرحيل الأبدي، وتنثر عطرها مجددا مهما بعدت المسافات بينكما.
مودتي واحترامي |
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
أهلا ومرحبا بك أستاذنا الغالي / محمد توفيق الصواف
اشتقت لحضورك بيننا ، وروح الأب الحنونة ، التي لطالما حلقت بجناحي إبداع فوقنا ، وشاركتنا أنس الحديث ، وأياما نقشتها الذاكرة على ماسات الوفاء ، وتقلدتها للأبد .. سعيدة أنا بحضورك الزاهر ، كموسم الربيع جئتنا !بكل معاني الدفء والوفاء والجمال ! لتشاركنا حفلنا الصامت بمعزوفة وفاء تشد بها أوتارنا ، التي ربما أصابتها الليالي ببعض الارتخاءات ، فباتت تعزف لحنا كسولا ناعسا ! شكرا لأنك هنا بيننا ، ولأنك بكل خير ..أرجو لك ذلك وبشدة .. إبنتك المخلصة .. |
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
الرائعة عروبة، صاحبة العبارة المفاجئة بجمالها وتركيبتها.. شكراً لك، وأهمس في أذنك بأن الدوري اشتاق إلى عشه أيضا، وهو سعيد بعودته إليه.. ولولا ظروف كثيرة اضطرته للغياب ما كان ليغيب.. وهو يرجو ألا تضطره ظروف جديدة إلى الغياب ثانية عن هذا العش الذي طالما أحبه وأحب كل من فيه.. شكراً للطفك وإبداعك.
|
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
شكراً خولة لمرورك اللطيف.. ودعيني أخبرك بأنني كنت أتابع تعليقاتك على كتاباتي القديمة أثناء غيابي، فشكراً لك على ما مضى من اهتمام وعلى ترحيبك بعودتي الآن..
|
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
أختي الغالية ليلى.. صاحبة العبارة الهادئة التي تشف عن نفس طيبة مطمئنة.. شكراً جزيلاً على تعليقك الذي تفوح من حروفه رائحة الوفاء لفقيدنا الغالي طلعت، ونسائم المحبة له ولكل من يعلن وفاءه له.. شكراً..
|
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
ابنتي الغالية عزة.. كم تطورت عبارتك وكم صارت أجمل.. وكم يسرني ارتقاؤك نحو الأفضل، فأنت مبدعة لافتة للانتباه ومثيرة للإعجاب..
ما زلت على العهد القديم، عهد المودة والوفاء لابنتي المبدعة، وأصدقك البوح أنني اشتقت بدوري لقراءة إبداعاتك، وارجو أن يتاح لي الوقت لقراءة ما فاتني منها خلال الفترة الماضية.. بوركت من ابنة وفية. |
رد: في ذكرى مولد أخي طلعت سقيرق..
اقتباس:
شكرا لك أبي الحنون .. وبكل شغف وانتظار .. أتمنى أن تعد لنا وتقرأ ما أكتب وتشرح ما يعجبك منه بمشرطك الذي هرب به أستاذ / محمد الصالح الجزائري ، ولازلنا نشحذ همم فرق البحث والإنقاذ لمواصلة التنقيب عنه ومناداته ، ولعل حضورك بيننا يعد به إلينا ، ويلتم شملنا من جديد ... محبتي .. وتقديري .. |
الساعة الآن 13 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية