منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الرسم و الفن التشكيلي و الكاريكاتير (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=85)
-   -   في حوار مع الفنانة التشكيلية الفلسطينية تمام الأكحل (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=3970)

فتحي صالح 07 / 05 / 2008 27 : 05 AM

في حوار مع الفنانة التشكيلية الفلسطينية تمام الأكحل
 
[frame="10 98"]

في حوار مع الفنانة التشكيلية الفلسطينية
تمام الأكحل
فتحي صالح

( ... و لأن الحقيقة لا تموت ، و لأن كل جيل قادم هو الامتداد الطبيعي لجذوره ، و لأننا ربما خشينا أن تتمرد أدواتنا على مشاعرنا و قدراتنا ، أو أن يغشى صورة هذه القضية الإنسانية ضباب العمر و الزمن ، رأينا أن نعيد رسمها و تصويرها بتجربتنا الحياتية و الفنية الطويلة و الغنية ، كي تظل صورتها ، صورة ذلك الوطن ، شعباً و أرضاً ، حية أمام أعين الأجيال القادمة و أمام ضمائر الناس في كل مكان )
" إسماعيل و تمام شموط "
[imgr]G:\ملفات\تشكيل\صور و لوحات تشكيليين\تمام الأكحل[/imgr]
وقفت قليلاً أتأمل واجهة قصر الحير بكل ما فيها من ألق و روعة معمارية و زخرفية ، أخذت أراقب بعض الحمائم التي اتخذت لها أعشاشاً في أعلاها قبل أن أدخل بهو القصر لألتقي بالفنانين إسماعيل شموط ، و تمام الأكحل اللذين عرضا فيه بمعرض مشترك لهما تحت عنوان " فلسطين – السيرة و المسيرة " تسع عشرة جدارية بقياس ( 200 × 165 ) سنتمتر منها ثماني جداريات تمام الأكحل التي أخصها في هذا الحوار و الذي هو جزء من حوار مطول ...

. أسألها عن حكايتها مع الفن ، و كيف ظهرت الموهبة ، و استمرت ، فتقول :
.. قدرة الإنسان على التعبير تبدأ منذ الطفولة المبكرة ، و أنا بدأت ملامح الفن لدي عندما كنت أنقل عن رسوم تستهويني . كنت أذهب إلى الكنيسة " كنيسة الخضر في يافا " ، و هي تقابل منزلنا ، و كان يحدث عندما كنت أقبل يد الخوري أن يمنحني ، أيقونة ، و صور للقديسين ، لمريم العذراء ، للمسيح ، ... تعجبني جداً فأرسمها ، في هذه المحاولات تحسست الفن مبكراً ، بعد ذلك بدأت أرسم أفراد العائلة واحداً تلو الآخر بقلم الرصاص و الألوان .. مع عودة الحاج أمين الحسيني من المنفى إلى فلسطين ، ازدانت الشوارع بالأقمشة ، و بألوان من الجريد – سعف النخل - ، بفوانيس ملونة مع الزهور و الأضواء ... مما لفت نظري فرسمتها بأكثر من مشهد ، بالإضافة إلى رسم صور للحاج أمين الحسيني ... خطر ببالي بعد ذلك أن أرسم على الأسطوانات القديمة بألوان مكثفة قليلاً ، لم تكن لدي معرفة بأنواع الألوان .. لكنني رسمت بما توافر لدي من ألوان ، وإلى هذا اليوم لا يزال أحد أصدقاء أخي يحتفظ بواحدة مهداة له سنة 1948 علة وجه التقريب .
[imgl]G:\ملفات\تشكيل\فن النكبة\لوحات تمام الأكحل[/imgl]
في يوم 28/4/1948 ، أخرجنا من بيوتنا و اقتلعنا من بلادنا بقوة السلاح ، شكل ذلك لي صفعة ، و أحسست أن طفولتي سرقت مني حيث أبعدت عن رفيقاتي وبنات العائلة اللواتي كن بعمري ، و الآن سأشق طريقي و أبدأ حياة أخرى . منذ اللحظة التي كنت فيها على ظهر الباخرة التي توجهت بنا إلى بيروت تراكمت لدي أحداث لا توصف ، أشخاص يرمى بهم إلى البحر ، وآخرون يحترقون ... في بيروت رسمت مشاهد معاناة و عذاب الشعب الفلسطيني في المخيمات . و في سنة / التوجيهي / اشتركت بمعرض المدرسة العادي الذي زاره آنذاك الفنان المرحوم / مصطفى فروخ / وهو من رواد الفن التشكيلي اللبناني و كان رأيه الذي نقله لمديرة المدرسة المرحومة / زاهية دوغان / : ( هذه الفتاة موهوبة ، وإن لم ترسلوها منحة لدراسة الرسم ، ذنبها في رقابكم ) . وبالفعل أرسلت المديرة لكلية المقاصد وحصلت على منحة لدراسة الفن في مصر . في مصر كان لقائي بالفنان إسماعيل شموط تكملة لمسيرتي ، حيث أ قمنا أول مشترك سنة 1954 افتتحه الرئيس الراحل / جمال عبد الناصر / ، الحدث الذي كان له أهمية تأكيد مرحلتنا الفنية ... وجاء زواجي من إسماعيل شموط واحد من الأسباب لأتابع مشواري الفني ، لأنه يحمل ذات الرسالة التي أحملها ...

. " فلسطين السيرة والمسيرة " عنوان هذا الجهد ... ماذا تقولين عن التجربة ؟؟
.. أقول : هي سيرة الشعب الفلسطيني منذ قبل الأحداث إلى هذه اللحظة التي نعيشها ... و أقول : هي مسيرتنا الشخصية و الذاتية منذ الحياة السعيدة الرغيدة التي عشناها قبل الأحداث ، إلى التهجير القسري ، إلى ما وصلنا إليه اليوم ... هي مسيرتنا نحن الاثنان . بعد تجربة 54 سنة أحببنا أن نحكي سيرتنا الذاتية . و رداً على الأكذوبة الادعائية الصهيونية كانت هذه المواضيع ، لتروي للأجيال الصاعدة ما حدث .. و لنكون شاهداً حقيقياً يصدقه كل من يراه ، العربي و الأجنبي لأنه نابع عن تجربة صادقة . ليس كالمتحف الذي أنشأه الصهاينة على الكذب و التزييف ... أحضروا رسامين من الخارج ليرسموا من هنا و هناك ... و ابتدعوا قصص الهلوكوست و ما شابه . هذه الأحداث نحن عشناها ، و في بعض اللحظات كنت أرسم نفسي ، و كذلك إسماعيل . صدق التجربة أعطانا غنى وثراء في الخط واللون والمساحة . [imgl]G:\ملفات\تشكيل\فن النكبة\لوحات تمام الأكحل[/imgl]

. عندما زرت المعرض بدا لي تشابهاً بين أعمالك و أعمال الفنان إسماعيل شموط ، لكن قراءة متأنية أظهرت تبايناً كبيراً ، و شخصية فنية مختلفة ... ما سر هذا التشابه بين التجربتين ، و ما سر هذا التباين ...؟ !!
.. التشابه هو تشابه الحدث الذي مررنا به أنا وإسماعيل ، قدرتنا على التعبير ، لكل واحد إنسانيته ، لكل واحد طريقته ، أنا أستطيع التحدث بشكل ، وهو يستطيع التحدث بشكل آخر، لكن التفاعل الفكري والحسي واحد .. لقد ودت أن إسماعيل يرسم كل الجماهير ، ملايين من الجماهير في اللوحة الواحدة .. فمن غير المعقول أن أرسم أيضاً جماهير – لأنه نفس الحدث - ، فكان علي أن أقلل من الأشخاص ويكون كما قال أحد النقاد " إسماعيل يحرك الجماهير ، و تمام تحرك الصخور الأرض ) . و هذا ما حدث ، بمعنى أن يكون كل منا مكمل للآخر ...

. من الملفت في أعمالك أن ضربات الفرشاة تنوعت بين أول عمل وآخر عمل حسب التسلسل الزمني ، فقد بدأت رقيقة هادئة ، ازدادت قوة الإيقاعات اللونية ، و انتقلت إلى انفعال في الخط و اللون إلى استخدام الألوان بكامل تعبيريتها و قوتها الانفعالية ... إلى أي مدى خدمك ذلك في التعبير عن الفكرة ؟ وما هي فلسفتك الفنية ؟؟!!...
.. أنا شعرت أن الموضوع هو الذي يفرض علي الخط واللون و المساحة و الشكل لأن الأولوية تكون للمضمون لحظة الرسم ... عندما رسمت " يافا عروس البحر " مثلاً ، هناك تفاصيل جميلة و سعيدة ، فيها طفولة حلوة ... وهناك أكثر من مشهد للموضوع الواحد ... عندما رسمت المركب وخيرات البحر ، و خيرات البر ، كان لابد من رسم تفاصيل عديدة ، بعيداً عن المساحات الواسعة للحفاظ على الجمال ، فكنت أستمتع برسم الحبلة و لفتها ، و الشبكة وشفافيتها ، لأنني أريد أن أنقل إحساسي الصادق للمتلقي ... و قد عبرت اللوحات فنياً عما أريد أن أقوله حسب رأي من شاهدها ...عندما أردت أن أرسم التهجير كان لا بد من رسم تفاصيل ما حدث .لأنني لا أستطيع أن أرسم أكثر من لوحة واحدة للمشهد كي أشغل مساحات واسعة ... من ثم حين أردت أن أقول الحلف الإجرامي ، حلف اليهود و الإنكليز ضد الشعب الفلسطيني أيضاً لم أرد أن أرسم مساحات كبيرة لا تعبر عن الحدث ، و بنفس الوقت لم أرد أن أختصر ما جرى في تلك المرحلة ، فكان لابد لي أن أرسم أكثر من للموضع الواحد في المساحات اللونية و الأشخاص ... عندما انتقلت لمرحلة " الشرخ " و " لا تترك الحصان وحيداً " كان لا بد للموضوع أن يحكي حدثاً أكبر من هذا ، مثلاً أحاكي فيها مؤتمرات القمة التي لم تنبت أي غصن ينبئنا بأمل ...فكان لا بد من إعطاء مساحات واسعة و مساحات صخرية واسعة حتى أقول : ( لا تتركوا الحصان وحيداً ) . مع حزن الحصان الوحيد الذي هو الإنسان العربي الأصيل ، الشعوب العربية الأصيلة ... وأغلى حصان في العالم هو الحصان العربي لأخلاقياته ... و أنا درست كثيراً عن الحصان العربي بأخلاقياته ، بصرف النظر عن جسده و قصر أطرافه و نحافتها ، و ضمور بطنه ، و ركضه للصيد ...الخ ، هو يدافع عن صاحبه ، يحمي صاحبه ، يحزن عندما يقع صاحبه ، له أخلاقيات و من أهمها أن الحصان العربي الأصيل المسلسل من سلالة عندما يختبروه إن كان أصيلاً أم لا ، يعطشونه كثيراً ، ثم يقدموا له الماء ، يباعد بين طرفيه الأماميتين كي يشرب فإن لم يصل إلى الماء يموت عطشاً ، و لا يركع على ركبه ، من هن ا جاء الشعر الذي يقول : " نموت واقفين و لن نركع " ، هذه أصالتنا العربية والشموخ والإباء و الكبرياء ... هكذا نحن كحصاننا العربي الأصيل ... أريد هنا أن أذكر مثلاً : إن 90% من شبابنا ممن يتزوجون بأجنبيات ينتهي زواجهم بالفشل و عندما يعود لأصالته وجذوره فهو يرتاح مع بنت بلده ، مع بنت وطنه أكثر...
ثم تأتي لحة التحدي التي هي الصخور الجرداء، المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية كيف سأعبر عنها بغير صخور جرداء ، وزعونا على خمس قارات في العالم " شي طالع و شي نازل " في هذه القارات نحن شققنا الصخر و خرجنا منه ... لأنه لا يوجد أحد منا أخرج من وطنه و فشل ... الكل نجح " الحمد لله " و بث قضيته في مكان تواجده و شرحها ... الموجودون على أرض فلسطين هم الجذور الأصلية الباقية والتي لن تتزحزح ... ولن نخرج من بلادنا مرة ثانية مهما فعل المعتدون .

. هذه الجداريات منعطف هام في صياغة فن جديد يحمل رسالة ، ما هي هذه الرسالة ؟؟...
.. نعم هي رسالة ، كما كان يعرف في الأدب العربي بالملحمة ، و الملحمة كانت تصور ما قبل الحدث ، و الحدث بحد ذاته ، ومن ثم مستقبل هذا الحدث .. هذا مفهوم الملحمة الأدبية و الشعرية ، ونحن اشتغلنا بهذا الشكل البصري وقد قيل : " بالفعل هذه ملحمة تشكيلية تحدث لأول مرة " .
ونحن نقدم هذا الجهد الذي استمر لمدة أربعة سنوات ونصف متواصلة هدية لشعبنا الفلسطيني ، نقدمه للأجيال لحفظ ما مرت به قضيتنا ، وما مررنا به ، ومن ثم من حق قضيتنا علينا والتي هي القضية الإنسانية الأولى في العالم ، أن نوضحها للإنسانية ..

. ما هي رؤيتك للواقع التشكيلي الفلسطيني ؟؟
.. الواقع التشكيلي الفلسطيني في الحقيقة ممزق لأن فنانينا منتشرين في البقاع ... لكن هناك كسب ، و هناك خسارة ، الكسب يكمن في أن كل واحد من موقعه يكتسب تجربة فنية من البلد المتواجد فيه سواء في أوروبا ، اليابان ، ألمانيا ، أستراليا ، أمريكا ، البلاد العربية ... و كل واحد أثرى تجربته الفنية في المدارس الفنية من حوله والتي يشق طريقه من خلالها ... هذه تغني ثروتنا الفنية ... لكن الموضوع ذاته هو موضوع حرقة القلب على الحدث الفلسطيني وما يجري ... الخسارة هي أننا غير مجتمعين في بلد واحد حتى نعطي زخماً فنياً ومدرسة فنية واحدة نخرج بها للعالم لأننا نملك قدرات عجيبة ... منذ فترة كم أعجبت عندما نقلت شاشات التلفزة صورة الفنانين في غزة وهم يرسمون جداريات لغزة ، عمل رائع ، تخيلت لو أننا كلنا على أرضنا الواحدة ، ونملأ جدران شوارعنا الفلسطينية ، و جدران منازلنا و نكور عملنا الفني . هذه طبعاً خسارة لنا ... لكن ظروفنا هكذا ، و نأمل أن نلتم يوماً على أرضنا الواحدة فلسطين ...
  • ببلوغرافيا الفنانة تمام الأكحل :

- تمام عارف الأكحل .
- 1935 ولدت في يافا / فلسطين .
- 1941-1947 درست في مدرسة الزهراء الحكومية في يافا ، وبرزت مواهبها الفنية منذ الصغر.
- 1948 شردها المؤامرة الصهيونية مع أهلها إلى بيروت حيث تابعت دراستها و استمرت في ممارسة الرسم .
- 1951-1953 شاركت بأعمالها المبكرة في المعارض الرسمية في لبنان .
- 1953-1957 درست الفن في المعهد العالي للفنون الجميلة في القاهرة ، وحصلت على دبلوم الرسم و التصوير ، و على إجازة تدريس الفن من المعهد العالي لمعلمات الفنون .
- 1957- 1960 عملت مدرسة للتربية الفنية في كلية المقاصد الخيرية للبنات في بيروت .
- 1959 تزوجت من زميلها الفنان إسماعيل شموط ، وشاركته في كافة المعارض التي أقيمت لأعمالهما في معظم البلاد العربية و في عدد كبير من بلاد العالم .
- 1964 انتقلا من بيروت إلى فلسطين / البيرة .
- 1965 عينت رئيسة لشعبة رعاية الفنون بقسم الثقافة الفنية بمنظمة التحرير الفلسطينية .
- 1967 انتقل مقر عملهما في منظمة التحرير الفلسطينية إلى بيروت .
حاصلة على جوائز متنوعة عديدة .
[/frame]


الساعة الآن 02 : 04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية