![]() |
{ْالمعهد الإنجيلي الأثري الفرنسي} ينام على أكبر أرشيف يخص مدينة القدس
[align=right]
رهبان يعملون بصمت منذ 100 سنة الوثائق والأبحاث كما الصور الفوتوغرافية الأهم حول مدينة القدس، ليست في أيدي العرب اليوم ، إنما في " المعهد الإنجيلي الأثري الفرنسي " الموجود في المدينة المقدسة، هذا المعهد يحتضن ثروة لا تقدر بثمن ، ولا يمكن لباحث أن يتجاهلها أو يتجاوزها، لكن السؤال : لماذا اهتم الفرنسيون إلى هذا الحد وباكراً جداً بمدينة القدس، وبماذا يختلفون عن غيرهم من المدارس الغربية، التي شغفت بهذه المدينة؟.. جولة لاستكشاف إنجازات " المعهد الإنجيلي الأثري الفرنسي " وتحديداً قسم الصور الفوتوغرافية فيه، حيث يتعرف القارئ على ثروة نادرة، يعمل على جمعها منذ أكثر من 100 سنة. تعمل في مدينة القدس العديد من المؤسسات العلمية والبحثية والأثرية الأجنبية، التي تأسس معظمها في القرن التاسع عشر، ومن بينها ، " المعهد الإنجيلي الأثري الفرنسي " الذي أنشئ عام 1890، ومعه تأسست مكتبة المعهد التي تضم آلاف الكتب والمراجع عن القدس باللغات الفرنسية والإنكليزية والإيطالية وغيرها. ويعود الفضل في تأسيس المعهد إلى مجموعة من الرهبان الدومنيكان بهدف إجراء أبحاث أثرية في الأرض المقدسة، ودراسة النصوص وفقاً لمنهجية تاريخية معينة. في البداية اشتهرت من المعهد مكتبته، التي استقطبت الباحثين الشباب من رجال الدين الذين استهوتهم الأراضي المقدسة، ثم توسع الاهتمام ليشمل أيضاً العلمانيين. وشكل م. ح. لاغرانغ ، مؤسس المعهد فريقاً من الباحثين الشباب المتحمسين ، لدراسة الكتاب المقدس وربط أحداثهبمحيطه الطبيعي والتاريخي ، ويعبر ذلك عن مدرسة كانت شائعة للنظر في أحداث الكتاب المقدس. ورغم المآخذ الكثيرة على وجهة النظر هذه، إلا أنها بقيت سائدة، ولعب متبنوها دوراً مهماً من خلال الحفريات الأثرية والكشوفات، وبالنسبة للمعهد الإنجيلي الأثري الفرنسي ، فإن باحثيه عملوا على نشر نتائج حفرياتهم أولاً بأول، ولهذه الغاية أسسوا 1892، دورية لنشر نتائج الحفريات والمكتشفات مرفقة بالصور. ثروة المعهد، اليوم، من الصور الخاصة بالقدس وفلسطين كلها، لا تقدر بأي ثمن ، ولا يمكن إحصاؤها، ويزيد عددها على العشرين ألف صورة. وتعود أولى الصور 1890 ، وعندما عمل مؤسس المعهد لاغرانغ، ومساعده بول يسجورني، على التقاط الصور للقدس وأماكن أخرى في فلسطين، في بداية قد لا تكون احترافية، لكنها نضجت بوصول كل من: انتونان جوسين ( 1871 - 1963 )، و رافائيل سافينياك ( 1874 - 1951 ) إلى القدس ، كان عمر الأول 19 عاماً والثاني 18 عاماً، وقدر للاثنين أن يفنيا حياتيهنا في التصوير الفوتوغرافي. ومن خلال ما تكاه من ثروة بصرية غير مستغلة، ومجهولة، للباحثين الفلسطينيين والعرب، يمكن تحسس حرفية عملهما، ومعرفتهما بفلسطين وعادات سكانها وتقاليدهم. وحسب الخبراء في المعهد الانجيلي الأثري الفرنسي، فإن 80% من ثروة المعهد من الصور تعود لكل من جوسين، وسافينياك، والباقي يعود لآخرين من الرواد. هذه المجموعة من الصور،التي يحويه أرشيف المعهد ما زالت تثير الدهشة، وخلال السنوات الثلاثين الماضية، حظيت باهتمام استثنائي عندما وصل إلى المعهد العالمان: جان ميشيل تارغوان، وجان باتست أومير. وروى تارغوان ما رآه وزميله أومير: " منذ ثلاثين عاماً حين وصلنا إلى القدس، فوجئنا بعظمة مجموعات الصور والألواح التي عثرنا عليها في الأرشيف، خصوصاً أن اللوحات الزجاجية ( ديابوزيتيف) لم تكن قد استثمرت بعد، ومن أجل الاستجابة لمقتضيات التصوير الأثري لحفرياتنا، أنشأنا مختبراً صغيراً للصور بالأبيض والأسود. والمختبر الذي أنشأه تارغوان، وأمبر كان في الواقع تطويراً للمختبر الذي كان يستخدمه سافينياك وزميله جوسين، قبل أن يهجرا لاحقاً. عمل تارغوان وأمبر من أجل إخراج الثروة التي عثرا عليها من الصور لتكون في أيدي الجمهور والباحثين، واستعملا أنواعاً مختلفة من آلات التصوير القديمة، وسحبا كليشيهات فوتوغرافية من مجموعات وضعت في الأرشيف، ولم يكن الأمر سهلاً أبداً لأنه يجري مع مجموعة هائلة تضمها مكتبة الصور التابعة للمعهد، ومن بينها 15 ألف نسخة سلبية ، و 5 آلاف عدسة زجاجية موجبة كانت تستخدم سابقاً قبل شيوع تقنيات أحدث في التصوير، وهذه العدسات التي يطلق عليها "ديابوزيتيف " استخدمت في حينه على الأغلب للعروض التربوية والترفيهية. هذه الصور التقطت بآلات تصوير ما زالت موجودة بلوازمها في المعهد مثل: البصريات ، المناصب الخشبية، الحقائب ، إطارات اللوحات الزجاجية، بالإضافة إلى الآلات الخاصة بالتصوير ذي الأبعاد الثلاثة، وآلات لتسليط الصور على الزجاج ، وجزء من ثروة المعهد من الصور الزجاجية اشتريت من السوق المحلي، وأصبحت بعد ذلك بقرن كما يرى تارغوان شاهداً على الإنتاج الفوتوغرافي التجاري الرفيع الجودة في فلسطين، والجزء الآخر يعود لرهبان دير نوتردام في القدس، و وصلت العدسات الزجاجية التابعة إلى المعهد عام 1995 بعد العثور عليها في مستودع للسيارات منذ أن تركت فيه خلال حربي 1948 و1967. ورغم أن الشغف الذي يبديه تارغوان تجاه ثروة المعهد من الصور إلا أنه يضعها ضمن سياقاتها التاريخية والمعرفية، ويرى بأن من خصائص هذه المجموعة أنها لا تعكس مدرسة جمالية معينة أو مشروعاً استعمارياً ضمنياً - كما كان الحال في غالب الأحيان في عام 1890 - إنما هي تعتنق الأبحاث التأويلية والأثرية لأساتذة المعهد،. وهو بذلك يضرب تحت الحزام الجهود التي بذلها الأميرميون والبريطانيون التي لم تخلو من أغراض غير بحثية. ويشير تارغوان إلى ما فعله أساتذة المعهد مثلاً ، وجميعهم من الرهبان، من تسيير بعثة بحثية للحجاز، ويتابع ما قاله ، من هنا يمكن تفسير الانفتاح المفاجئ أحياناً ( بعثة الحجاز ) والثغرات التي يؤسف لهااليوم رغم مرور قرن عليها، والمتعلقة بمواضيع دراسات لم يولها المعهد أية أهمية. اما مجموعة المعهد من الصور فيشير تارغوان إلى أنه لا يمكن القول أنها تركز على المشاهد الطبيعية أو تتميز بطابع سياسي أو ديني أو ترفيهي ، بل على العكس فهي تنطلق من علم الآثار والهندسة وعلم النقوش كما اهتمت بعلم خصائص الشعوب. وبدأ تعرف الجمهور الواسع على هذه المجموعة من الصور عام 1995،عندما نظم معرض في القدس بعنوان " مسارات إنجيلية " استناداً إلى صور المجموعة ونظم المعرضبالتعاون بين المعهد الإنجيلي والقنصلية الفرنسية بالقدس، ومعهد العالم العربي في باريس، ولحقه عدة معارض عن البحر الميت ، والحجاز، لكن أكثرها إثارة كان المعرض الذي نظم عام 2002 بعنوان: " القدس الشريف " وائق فوتوغرافية ، وضم صوراً لمنطقة الحرم القدسي الشريف التقطت ما بين عامي 1890 - 1925، وأراد له منظموه أن يشكل حدثاً مهماً، وافتتحه في القدس وزير الخارجية الفرنسي آنذاك دومنيك دو فيلبان. وتزامن المعرض مع ظروف قاسية جداً، عاشتها الأراضي الفلسطينية والقدس تحديداً، خلال انتفاضة الأقصى وعبر عنها في تقديمه لكتالوج المعرض مستشار التعاون والنشاط الثقافي في القنصلية الفرنسية بالقدس الذي ربط بين زمن إقامة المعرض وإنتفاضة الاقصى التي اندلعت في أسوار الحرم، في الوقت الذي كانت فيه الشرطة والجيش الإسرائيليان يقرران بصورة عشوائية ، مثلما ما زالا يفعلان ، حول من يمكنه الدخول ومن لا يمكنه الدخول إلى باحة المسجدين للصلاة والتجمع ، وأضاف بأن الهدف من المعرض هو بكل بساطة أن تمكن اولءك الممنوعين من الوصول إلى قبة الصخرة من التمتع بمشهد هذا المكان الساحر والمقدس على صورته التي كان عليها، قبل قيام قوى الحلفاء تحت أمرة الجنرال اللنبي البريطاني، بالدخول إلى القدس في 8 كانون الأول / ديسمبر 1917، مع التبعات التي نعرفها والتي ما زلنا نشهد آثارها المدمرة. وتوجه المعرض للجمهور الفلسطيني والمسلم والغربي في الأرض المقدسة، لتعريفهم باللوحات الزجاجية للقدس الشريف التي تم تحميضها وعرضها للمرة الأولى بعد نحو قرن من التقاط بعضها، لتمكين الجمهور من اكتشاف مدينة السلام والحرب والديانات، خصوصاً المكان الفريد المعروف بالحرم القدسي الشريف، ولخلق الحلقة المفقودة بين الماضي والحاضر والمستقبل لكل من حلم بالقدس من حجاج وباحثين وصحافيين ومسافرين وعابرين ومتيمين، كل ذلك من خلال الصور التي التقطها رهبان " معهد الآثار الإنجيلي الفرنسي " الممزوجة بخلفيات أثرية وشاعرية وإثنوغرافية. واستخرج صور المعرض من مجموعة المعهد الكبيرة، كل من الأب تارغوان والأب أومبر وعنها يقول تارغوان: (( تم تصوير القدس القديمة على يد سافينياك على الخصوص، بينما صور جوسين بعض الكليشيهات فقط، لم يصور الرجلان القدس على نحو شامل ، غير أنهما عالجا موضوعين رئيسين : تناول أولهما الأسوار تناولاً دقيقاً وشاملاً، وتضمن الثاني الحرم الشريف. ونهل معرض القدس الشريف من المشروعين ويعزى تصوير الأسوار للراهب سافينياك عامي 1904 و 1905، ويرجح تارغوان أن ذلك تم بهدف تربوي خاص بسور القدس، إذ تبين مجموعة صور الألواح المقاطع المتتالية والمتصلة للسور، دونت عليها بالحبر الأسود أرقام الأبراج و مماشي الجدران العالية ومواقع التميز المعماري، والقوالب البارزة، وتم ذلك كما لو أريد تصوير دراسة لم تبصر النور حول الأبراج والمماشي المرتفعة الجدران. أما صور الحرم فرأى تارغوان أنها أقل دقة ومع ذلك نلاحظ حملتي تصوير على الأقل، سلسلة متجانسةمن الصور الخارجية للمعالم من زوايا متكاملة، وبالآلات نفسها مع سحبها كالعادة في مقاييس عديدة من الاحتياط وهي طريقة معروفة لدى سافينياك وجوسين، أما السلسلة الثانية فهي لجوسين وحده وهي عبارة عن صور داخلية لقبة الصخرة تم التقاطها من أعلى اسطوانة القبة ، ودفعت شهرة مسجد الحرم وروعته الجمالية المصورين إلى العودة إلى عين المكان مرات عديدة. و لايعرف إلى أي مدى كان الراهبان سافينياك زجوسين، يعلمان أهمية ما يفعلانه بخصوص مكان ستعرض للتغيير والتهويد، بسرعة لا يمكن تصورها، وهذا أحد الأسباب التي تجل مجموعة المعهد من الصور ثروة لا تقدر بثمن، عن زهرة المدائن التي تذوي وحيدة، ويرفض العالم سماع أنات آلامها المدمية. القدس - أسامة العيسة * * * * تم طباعتها كاملة نقلاً عن صحيفة ورقية كندية صادرة بالعربية. [/align] |
الساعة الآن 01 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية