منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الصحافة و الإعلام (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   أوروبا والعرب وإسرائيل‏..‏ وتربيع الدائرة‏!‏ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=4997)

مازن شما 17 / 06 / 2008 52 : 04 AM

أوروبا والعرب وإسرائيل‏..‏ وتربيع الدائرة‏!‏
 
[frame="13 95"][align=justify]
أوروبا والعرب وإسرائيل‏..‏ وتربيع الدائرة‏!‏

أقسم أن هناك خللا ما في العلاقات العربية ـ الأوروبية‏,‏ ينطلق أساسا من أننا نري في أوروبا ما ليس فيها ونصر علي أن نضع غمامة علي عيوننا تحجب عنا الرؤية الصحيحة‏..‏ فأوروبا ـ مثل باقي المناطق ـ تؤمن بأن السياسة لا تعرف الهدايا أو الرومانسيات ومن ثم فهي تتعامل مع دول العالم من منطلق المصلحة‏,‏ ولا وزن عندها لجوار أو حوار مادام لا يصب في نهر المصالح الدافق‏,‏ والمستمر والمتجدد‏.‏
أقول ذلك وفي ذهني المطلب الإسرائيلي ـ الذي تبحثه أوروبا حاليا ـ وهو أن يكون لإسرائيل صفة شبه العضو داخل دوائر الاتحاد الأوروبي مع مشاركة فعالة في آليات القرار السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري‏..‏ وهو مطلب جد خطير‏,‏ لأنه يفسح المجال أمام الدولة العبرية لكي تمارس ضغوطا شتي علي العرب في تعاملهم مع دول الشمال‏,‏ خصوصا أوروبا التي تربطها بهم دوائر عديدة أبرزها ـ في المرحلة الآنية ـ الدائرة المتوسطية بأشكالها المختلفة‏,‏ سواء كانت عملية برشلونة أو خمسة‏+‏ خمسة أو الاتحاد من أجل المتوسط‏..‏

..‏ ومن يتابع ردود الفعل العربية علي هذا المطلب الإسرائيلي‏,‏ الذي تبحثه أوروبا بجدية من خلال ما يعرف بلجنة التفكير الأوروبية ـ الإسرائيلية يدرك علي الفور أنها ردود فعل تغلب عليها صفة العاطفية أو العشم‏,‏ مع أن السياسة ـ كما أسلفنا ـ لا يعرف قاموسها أمورا كهذه‏..‏ والثابت عملا أن العلاقات الأوروبية ـ الإسرائيلية تسير باتجاه الارتقاء والتطوير‏,‏ ولن يكون مستغربا ـ بعد المناقشات اللازمة ـ أن تحصل إسرائيل علي ما تريد وعندئذ ستفقد أوروبا دورها ـ الذي كنا ننتظره دائما ـ وهو دور الوسيط النزيه في الصراع العربي ـ الإسرائيلي‏,‏ لتلحق ـ والحالة هذه ـ بالولايات المتحدة التي تعتبر أن أمن إسرائيل هو جزء من الأمن القومي الأمريكي بل والأمن العالمي‏!‏
وأن أي خطر يتهددها لن تواجهه بمفردها وانما سينضم إليها في هذه المواجهة‏300‏ مليون أمريكي‏..‏ إذن نحن أمام تحولات كبري في السياسة الخارجية‏..‏ والمحزن هو أن العقل السياسي العربي لايزال يصر علي وضع الغمامة متوهما أن أوروبا هي ـ بحسب المفردات السياسية الشائعة عربيا ـ هي الصديق الذي تربطه بنا دوائر الجوار الجغرافي وثقافة حوض البحر المتوسط‏!‏ مع أن هذه الدوائر تفقد وزنها وتتبخر كما يتبخر الماء أمام حرارة المصلحة الأوروبية التي تري أنها‏(‏ مضمونة‏)‏ و‏(‏مطلوبة‏)‏ مع إسرائيل بدرجة أكبر من الدول الأخري‏..‏
وكلنا يعلم أن مشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الخاص بالاتحاد المتوسطي والذي تبنته أوروبا حاليا يكرس هيمنة إسرائيل علي الدول العربية‏(‏ المتوسطية‏)‏ ويقدم لها فرصة لتطبيع سياسي يكون حلالا زلالا وسهلا وميسورا برغم أنف العرب‏..‏

..‏ والمثير للتساؤل أن أوروبا التي تهش وتبش في وجه إسرائيل وتميل الي منحها صفة شبه عضو في الاتحاد الأوروبي‏,‏ رفضت مجرد مناقشة طلب المغرب ـ قبل سنوات ـ بالانضمام الي الاتحاد الأوروبي‏,‏ كما تسوف حاليا وتماطل في قبول عضوية تركيا داخل الاتحاد‏..‏ بل هناك من يقول إن مشروع الاتحاد المتوسطي يستهدف في جانب منه صرف نظر تركيا عن الانضمام الي الاتحاد الأوروبي والانخراط ـ بالمقابل ـ في هذه الآلية الجديدة الخاصة بحوض البحر المتوسط‏..‏

..‏ الغريب والعجيب أن بعض الردود العربية علي مناقشة أوروبا المطلب الإسرائيلي الخاص‏(‏ بشبه العضوية‏)‏ قد استهجن المرونة التي قابل بها الأوروبيون هذا الأمر‏,‏ مع أن جملة المواقف الأوروبية طوال الأعوام الماضية تؤكد أن إسرائيل تحتل مكانة لا تدانيها أخري في العقل السياسي الأوروبي‏..‏
ولو بدأنا بآخر هذه المواقف والخاصة بآلاف المستوطنات التي تصر إسرائيل علي بنائها في القدس الشرقية سنجد أن أوروبا لم تبد امتعاضا‏,‏ أو تبرما من هذا العناد الإسرائيلي‏..‏ فلم تتحرك ـ مثلا ـ اللجنة الرباعية‏(‏ التي تضم بين أعضائها الاتحاد الأوروبي‏)‏ واكتفت بدور المتفرج‏..‏ وليس مستبعدا أن تستعمل بريطانيا وفرنسا باعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن حق النقض‏(‏ الفيتو‏)‏ في حال التصويت علي جريمة الاستيطان في القدس الشرقية‏..‏
وكلنا يذكر ميوعة الموقف الأوروبي عندما طالب العرب بتحويل قضية الحائط‏(‏ الصغري‏)‏ داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة علي محكمة العدل الدولية‏..‏ وكذلك اللامبالاة التي تواجه بها أوروبا جرائم الإبادة الجماعية‏(‏ من قتل واغتيالات وتجويع‏)‏ ضد الفلسطينيين‏.‏

..‏ ما أعجب منه هو إصرارنا علي أن نفرق بين السياستين الأوروبية والأمريكية‏,‏ مع أن القاصي والداني يعلمان أن الفوارق قد ذابت‏,‏ الي حد أن السياستين قد تماهتا في بعضهما البعض‏..‏ ولم يعد هناك فرق كبير بين ما يقوله جورج دبليو بوش‏,‏ أو حتي المرشح القوي للرئاسة باراك أوباما وبين ما يقوله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي‏,‏ أو المستشارة الألمانية انجيلا ميركل‏..‏ لقد أصبح الجميع يقفون في خندق واحد وعلي مسافة واحدة‏(‏ وقريبة‏)‏ من إسرائيل‏..‏ أما المسافة مع العرب فقد تباعدت كثيرا‏,‏ واختلفت باختلاف الدول العربية‏..‏
وللإنصاف يجب أن نذكر أننا ظللنا لفترة طويلة نفصل بين علاقة أوروبا بإسرائيل‏,‏ وعلاقة أوروبا بالعرب وكنا لا نري غضاضة في أن تقوي علاقة أوروبا بإسرائيل‏,‏ لكن أن يتم ذلك علي حساب الحقوق العربية‏,‏ والاصطفاف عن وعي أو عن غير وعي الي جانب إسرائيل التي تقتل وتغتصب وتسفك الدماء‏..‏ فهذا ما بات يستوجب إعادة النظر في العلاقة مع أوروبا‏..‏
ولم يعد يفيد فيها القول بالصداقة‏(‏ المزعومة معها‏)‏ أو علاقة الجوار‏..‏ فالثابت أن أوروبا ـ كحال أمريكا ـ لم تعد تري في جنوب المتوسط سوي إسرائيل‏(‏ شريكا وحليفا استراتيجيا‏)‏ ولذلك لم تتردد في مناقشة كل ما طلبته إسرائيل في خريف عام‏2007,‏ وهو الحصول علي صفة شبه العضوية في الاتحاد الأوروبي ورفع مستوي الحوار السياسي‏,‏ وعقد اجتماع علي مستوي القمة بين الجانبين مرة كل عام‏,‏ وتأمين مشاركتها في اجتماعات الاتحاد في قضايا السياسة الخارجية والانخراط في المهمات العسكرية والأمنية التي تضطلع بها قوات الاتحاد الأوروبي إضافة الي مشاركة ممثليها في اجتماعات الشئون المالية والبيئة والعدل والصناعة والعلوم‏.‏

..‏ وهذا معناه أن شوكة إسرائيل سوف تقوي مرتين‏,‏ مرة بالامتيازات التي ستحصل عليها بمقتضي شبه العضوية‏,‏ ومرة أخري في إطار الاتحاد من أجل المتوسط الذي سيمنحها الحق في أن ترأس هذه الاجتماعات التي سيحضرها العرب وأنفهم في الرغام‏!!‏
والمؤلم هو أن إسرائيل خططت لهذا التغلغل في الدائرتين الأوروبية والمتوسطية‏,‏ ونحن في الجانب العربي‏,‏ لم نحرك ساكنا‏,‏ اللهم إلا صوت هنا‏,‏ وآخر خافت هناك‏,‏ مع أن الدبلوماسية العربية تبدو ـ ظاهريا ـ نشطة ولكن لرأب الصدع‏(‏ المستحيل‏)‏ في لبنان‏,‏ ووقف نزيف الدم العربي‏(‏ الطاهر‏)‏ في فلسطين والعراق‏..‏ والحيلولة دون تردي الأوضاع أكثر وأكثر في دارفور‏,‏ وضبط نفس الفرقاء في المغرب والجزائر حول الصحراء الغربية‏..‏ وبدا الأمر وكأنه‏(‏ دعابة‏)‏ عندما قال دبلوماسي عربي كبير‏:‏ إن العرب مشغولون بالقضية الأكبر وهي تربيع الدائرة‏!!‏
د‏.‏ سعيد اللاوندي/ عن صحيفة الاهرام المصرية
16/6/2008
[/align]
[/frame]


الساعة الآن 46 : 08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية