منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   القصص (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=229)
-   -   عنفوان (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=5301)

طلعت سقيرق 27 / 06 / 2008 53 : 11 PM

عنفوان
 
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/10.gif');border:4px groove green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
“المخيم كله يجب نسفه” هكذا قال أحد جنود الاحتلال وهو يرتجف رعباً وغيظاً.. ولكن هل سيصل إلى ما يريد الوصول إليه إن هو فعل ذلك ونسف كل بيوت المخيم.. ربما سينبت هذا الشيطان من بين الركام ليقذف حجراً بحجم العالم في وجهه.. أشهر وهو يحاول أن يعرف من هو.. من أين أو كيف ينبت فجأة.. ثم يختفي هكذا دون أي أثر.. كل الجنود الذين معه وقعوا في حيص بيص.. وهذا الشيطان يبرز حاملاً كل ما في الأرض من حجارة.. يضرب.. ويضرب.. ثم يهرب.. تنشقّ الجدران وتبتلعه.. تنشق الأبواب وتخفيه.. يتوزعون في الشوارع، ويرفسون أبواب البيوت.. يكسرون زجاج الشبابيك.. يسألون عنه ويهددون.. ولا جواب.. لا أحد يعرف عن هذا الشخص شيئاً.. وهم لا يعرفون عن أي شخص يسألون.. كل ما يعرفونه عنه أنه شاب في العشرين من عمره.. أو ربما في الخامسة والعشرين.. طويل القامة.. أسمر.. خطواته واسعة سريعة.. ابتسامته تملأ الدنيا عنفواناً وتحدياً..
جنود الاحتلال حاصروا المخيم.. أرادوا أخيراً أن يضعوا حداً لهذا الشيطان الذي أربك خطواتهم وجعلهم في وضع محرج أمام الصحافة العالمية التي أخذت تتحدث عن فتى في الخامسة عشرة من عمره ضيّع جنود الاحتلال واستطاع أن ينتقم منهم على طريقته الخاصة.. وقد وصفته إحدى الصحف بصورة مثيرة للانتباه حيث قالت أنه قصير القامة، حنطي اللون، عسلي العينين.. وادعت أنها أجرت معه لقاء تحدث فيه عن إصراره على المقاومة حتى الموت “أو الشهادة كما قال”.. ورأت الصحيفة أن اسم الفتى حسب رأي مراسلها هو أحمد، أو أسعد.. المهم أنّ هذه الأوصاف كانت مدعاة للحصار.. فقد أصبح الأمر أوضح من ذي قبل بالنسبة لجنود الاحتلال… وهكذا قرروا أن يقبضوا عليه.. وكانت قائمة الأوصاف في يد كل جندي: فتى في الخامسة عشرة، حنطي اللون، عسلي العينين، قصير القامة، اسمه أحمد أو أسعد.. وليس على هؤلاء الجنود إلا أن يحضروه..
كان أهل المخيم حائرين أمام هذه الأوصاف التي تنطبق على كثيرين. لذلك فقد قدموا عدداً كبيراً من الفتيان الذين يحمل كل واحد منهم اسم أحمد أو أسعد، وتنطبق عليهم هذه الأوصاف العامة.. اصطف هؤلاء في ساحة المخيم وهم يضحكون ويمرحون.. أخذ جنود الاحتلال ينظرون في الوجوه.. دققوا وقلّبوا وأطالوا النظر.. ولكن أيهم هذا الذي يريدون.. كل واحد من هؤلاء الفتيان يحمل في عينيه التحدي والقوة والجرأة.. كل واحد منهم يعلن دون خوف أنه سيقاوم الاحتلال حتى آخر رمق.. وكل واحد منهم لا يتأخر عن دفع حياته في سبيل حرية وطنه.. فكيف يعرفون من هو هذا الشيطان الذي يبحثون عنه..
فكرة خطرت وأعجب بها أحد الجنود.. قال “لماذا نطلق الرصاص على الجميع” قال آخر “هذا صحيح ما دام الذي نبحث عنه واحداً من هؤلاء فلماذا لا نقتلهم عندها سنقتله بالتأكيد” استقرت الفكرة في الرؤوس وكبرت وأصبحت قابلة.. للتنفيذ.. قال الضابط “ولكن هذه الصحافة الأجنبية اللعينة ستنقل كل شيء.. ماذا سنقول لهم” قال جندي “سنبعدهم قبل أن نفعل أي شيء” وراقت الفكرة للضابط.. أمر الجنود بإبعاد الصحفيين.. فأبعدوهم.. ثم أعطيت الأوامر لهؤلاء الفتيان الذين يحمل كل واحد منهم اسم أحمد أو أسعد أن يصطفوا أمام الجدار بشكل مستقيم.. كان الجنود في غاية السعادة لأنهم سيتخلصون دفعة واحدة من كل هؤلاء الشياطين الذين يحملون الحجارة ويقاومون.. والأهم أن بينهم ذلك الشيطان الذي حيرهم وأربك خطواتهم كل هذه المدة.. ارتفعت الرشاشات.. توجهت فوهاتها نحو الصدور.. ولكن قبل أن ينطلق الرصاص، نبت الفتى الذي حيرهم من أحد الأماكن وأخذ يرميهم بالحجارة.. ثم وقبل أن تنطلق خطواتهم ورصاصاتهم دفعة واحدة خلفه كان قد اختفى تماماً..

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]


الساعة الآن 21 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية