![]() |
هيا إلى عكا!!!
[frame="13 95"][align=justify]
هيا إلى عكا!!! إياد برغوثيتستطيع مدينة عكا أن تستعيد وصفها كقاهرة الأعداء غير الآبهة للبحر الهادر، فقط إذا تحرّكنا سريعًا؛ فالمدينة ليست إنسانًا يتخذ قرارات ويناضل بل هي، كما في كل مكان، مشروع الناس والقوى المعنية بأن تكون مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا وسياسيًا لهم، مكانًا للسكن والعمل والحياة الاجتماعية والثقافية. في عكا أناس طيبون يعشقونها رغم كل الضيق وآثار تغرق الزائرين بالتاريخ العريق. نعرف عن التهويد والتهجير، لا يمكننا أن نكتفي بالجلوس على السّور والتحسّر على عكا، وعدّ الأمواج والبيوت والمعالم والأوقاف المعروضة للبيع، والغضب من وقاحة تغيير هوية المدينة الجلية لكلّ عين، ولا أن نكتفي بتحليل المخططات السياسية التي أدّت إلى تضييق الخناق وإفقار السكان وسلبتهم حقوقهم وتدفعهم اليوم، أيضًا، للرحيل.لكن هل حقًا نعرف عن التعريب والتجذير؟ الوجه الآخر والأهم من مواجهة السياسات السلطوية ومعارضتها هو خلق البديل الوطني، الذي يتخطى مجرّد الشعار والاستنكار ويوّظف الطاقات الكامنة في المجتمع كله، ليحوّلها إلى محرّك دافع لمشروع صمود تنموي ذي رؤية حولها إجماع عام شعبي ومؤسساتي، ويترجم إلى مبادرات عينية مشتقة منه، تغنيه وتثبّته وتقصّر الطريق إلى إنجازه. إن تنظيم ووحدة المجتمع العربي في المدينة، بمختلف قواه السياسية والأهلية، وبناء المؤسسات الجماهيرية وتأكيد الهوية القومية للسكان والسعي الجاد من أجل زيادة تأثيرهم السياسي لتحصيل الحقوق ورفع سقف المطالب لتتلاءم ونسبتهم بين السكان (30 %) ومكانتهم وحقوقهم الجماعية كسكان أصليين وعلاقتهم التاريخية مع المدينة، وإعطاءهم حق الأولوية في السّكن والعمل والتعليم، هي شروط أساسية للعمل من أجل التصدّي والتقدّم. يرتكز المشروع التنموي إلى رؤية إعادة المدينة مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا حيًا ونابضًا للمجتمع العربي. فقضية عكا ليست قضية محلية بل قضية وطنية من الطراز الأول، وكما أن الحلّ لا يمكن تحقيقه من دون العامل المحلي والداخلي فهو صعب المنال في حال عدم تحوّل قضية عكا إلى أولوية وطنية. يمكننا، في حال لم نكتفِ فقط بالاقتناع بمصيرية المسألة، أن نواجه مخطط بيع البيوت وتفريغ السكان بمبادرات فردية ومؤسساتية تنقذ المدينة وتنفّذ فيها مشاريع اقتصادية ومجتمعية وثقافية ستعود بالفائدة على المبادرين وعلى السكان وعلى المسعى للحفاظ على هوية المدينة العربية ودفعها قدمًا. بالرغم من أنّ أغلبية سكان البلدة القديمة متشبثون في بيوتهم، وإذا انتقلوا منه فلبيت في عمارة في الأحياء الجديدة لعكا، فإنّ هنالك العشرات من البيوت الفارغة، كما أنّ "شركة تطوير عكا" (شركة حكومية تسيطر على الكثير من المباني والمعالم السياحية) تنشر، في هذه الأيام، عدة مناقصات لمبان وبيوت، ويبلغنا عدد من السكان عن رغبتهم في بيع بيوتهم لأسباب مختلفة (أهمها الكبر بالسن)، وعن سعيهم لبيعها لأشخاص أو جهات عربية، وفي هذا الإطار أرى أنه بدون أن يقوم أفراد وشركات عربية بشرائها فإنها إما ستعود إلى "عميدار" (شركة الإسكان الحكومية) أو ستصبح ملكًا للوكالة اليهودية أو لمستثمر مقرّب منها سيجني بفضل استثماره ولامبالاتنا الربح السياسي والماديّ. بغضّ النظر عن الدوافع السياسية، التي من الممكن ألا تخاطب البعض، فإن شراء هذه العقارات هي عملية اقتصادية عقلانية ومربحة، حيث تعتبر عكا مدينة سياحية عالمية، يزورها أكثر من مليون سائح سنويًا، وتغصّ بالزوار والمتسوّقين في الأعياد والمواسم وأيام الجمعة والسبت أسبوعيًا، وتثير إعجاب كل من تدوسها قدماه كونها مدينة تاريخية ذات تراث معماريّ عريق وآثار من فترات تاريخية قديمة وأسوار وأسواق وميناء وشاطئ وكورنيش ومطاعم سياحية. كنموذج على المبادرات المثيرة للاهتمام والأمل، وعلى سبيل المثال، حوّل رجل الأعمال إيليا موراني، من قرية معليا، مبنى المحكمة القديمة في شارع صلاح الدين إلى فندق سياحي رائع الجمال والتصميم، وساهم بهذا بالحفاظ على المبنى الأثري وزيادة السياحة مستثمرًا بمشروع اقتصادي مربح في الوقت ذاته، إنها بحسب "نظرية الألعاب": لعبة يربح فيها الجميع. لا يقتصر دعم المدينة على شراء البيوت المعروضة للبيع والاستثمار بالمباني والمبادرات الاقتصادية وإقامة المؤسّسات فيها أو نقلها إليها، بل يشمل أيضًا السكن فيها، بالإضافة إلى زيارتها ومعرفة تاريخها (تاريخنا) الهام والتسوّق والمبيت فيها والتنزه على شاطئها وكاسر أمواجها، لنرتاح ونريحها بوجودنا، لنحييها وتحيينا. نحتاج لخطوات إيجابية في الاتجاه الصحيح، لا تواجه المخططات وحسب بل تقدّم مشروعًا يحوّل ما كان يمكن أن يكون مشهدًا جديدًا للنكبة إلى فصل آخر في روايتنا مكتوب بأحرف عربية وكلمات البقاء والنهضة والإنجاز. عكا يمكنها أن تستوعبنا، فهيا إليها! [/align][/frame] |
الساعة الآن 12 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية