![]() |
وعد بلفور
وعد بلفور :يتزعم تيودور هرتزل الحركة الصهيونية و عقده المؤتمر الصهيوني الأول في بازل علم 1897 انتقلت فكرة الصهيونية من النطاق النظري إلى النطاق العملي . وتمثل ذلك بسعي الصهيونيين الحثيث للحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لليهود . و باءت بالفشل المحاولات الأولى للحصول على مثل هذا الوعد من تركيا أولا , و ألمانيا ثانيا , و انجلترا ثالثا و اضطر الصهيونيون إلى الانتظار حتى اجتمعت ظروف دوليه ملائمة لهم , و ذلك باندلاع الحرب العالمية الأولى و تحولها إلى سجال مرير مرهق جعل كل الدول المحاربة تتشبث بأي شيء للخروج منتصرة من الصراع . و كانت بريطانيا من أوائل الدول الاوروبيه التي التفتت في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى فكرة تهجير اليهود إلى فلسطين و أمكانية ذلك , و فائدته بالنسبة إلى مصالح بريطانيا . و في عام 1902 عزمت حكومة آرثر بلفور على منح اليهود وطنا لهم في إفريقيا الشرقية ثم في منطقة العريش . و عالج لويد جورج عندما كان محاميا النواحي القانونية للمشروع . و رغم إخفاق المحاولة فإنها أعطت هذين السياسيين الفرصة لتفهم الصهيونية و التجاوب معها . و كانت هذه المناسبة لذلك تدفق المهاجرين اليهود من أوروبا الشرقية , و إصدار انجلترا قانونا لتحديد الهجرة إليها . و توجه هرتزل إلى الحكومة البريطانية مصرا على أن الحل الوحيد يكمن في إيجاد وطن لليهود يستوعب أمثال هؤلاء المهاجرين . و تركت هذه الفكرة صداها في الغرب , و لا سيما في نفس بلفور الذي كان اسكتلنديا مثقفا مولعا بالكتاب المقدس من ناحية , و من ناحية أخرى سياسيا محافظا متشبثا بالامبراطوريه إلى الحد الذي اكسبه لقب بلفور الدامي عندما كان حاكما لايرلندا . و نشط الصهيونيون إبان الحرب للحصول على وعد من ألمانيا و انجلترا فراحوا يهيبون بالساسة لإصدار مثل هذا الوعد دعما لمصالح بلادهم و كانت حجتهم الاستفادة من النفوذ اليهودي بوجه عام و في الولايات المتحدة بوجه خاص فأشاروا إلى أن مثل هذا الوعد سيغري اليهود بالضغط على الحكومة الامريكيه لمناصرة الحلفاء علما بان عددا كبيرا منهم كانوا من المهاجرين الروس الذين ما زالوا يحقدون على روسيا حليفة انجلترا و كان منتظر أن يحمل الوعد البريطاني هؤلاء على التعاطف مع الحلفاء رغم ذلك الحقد . و المعروف أن بلفور التقى أثناء الحرب بالزعيم الصهيوني الأمريكي برانديز اليد اليمنى للرئيس ولسن , و كانت إستراتيجية بلفور تقوم على جر أكثر ما يمكن من الدول الى الحرب بجانب الحلفاء . و ذكر أيضا أن الوعد المذكور سيحمل يهود روسيا الذين انخرط أكثرهم في الحركة اليسارية الداعية إلى إخراج روسيا من الحرب على تغيير موقفهم و الدعوى إلى إبقاء بلادهم في القتال إلى جانب انجلترا . وذهبت آراء آخرين ,ومنهم اللورد كتشنر, إلى أن التطورات التقنية العسكرية اقتضت احتلال فلسطين, وإبقاءها تحت التاج البريطاني لأغراض الدفاع عن قناة السويس . وادعى الصهيونيون أنهم خير من يحقق هذا الهدف لإنكلترا بإقامتهم هناك تابعين مخلصين للاستعمار البريطاني يسهرون على أمنه وسلامة مواصلاته. وذكر لويد جورج انه أيد إعطاء الوعد( ويعرف بالانكليزية بوعد بلفور Balfour Declaration ) مكافأة منه لوايزمن على مساهمته العلمية المهمة في صناعة العتاد الحربي أثناء الحرب. وفي الأشهر الحرجة من النزاع توجست الحكومة البريطانية خوفا من نجاح الصهيونينن الألمان في الحصول على وعد مشابه من القيصر, مما يؤدي إلى تحول اليهود إلى جانب دول المحور وضياع الفرصة على إنكلترا . وذهب آخرون كمارك سايكس إلى أن تخصيص فلسطين لليهود تحت رعاية إنكلترا سيضع حدا لمطامح فرنسا التي تعتبر فلسطين جزءا من سورية . وإضافة إلى كل هذا كانت هناك الميول المعادية للسامية التي رأت في الوعد أسلوبا مهذبا للتخلص من اليهود ومصداقا للإيمان بفكرة "أجنبية اليهودي" . غير انه كان هناك معارضون للوعد, وخاصة بين اليهود الليبراليين المندمجين في المجتمعات التي يعيشون فيها, وقد رأوا في الوعد سندا يستغله معادو السامية, ومؤشرا على "غربة" اليهودي وعدم اندماجه أو انتمائه إلى موطن إقامته. وكانت هناك أيضا إشارات ثانوية تتعلق بحقوق المواطنين الأصليين في فلسطين ومصيرهم. وانعكست هذه المعارضة في مواقف مجلس ممثلي اليهود البريطانيين والاتحاد الأنكلو- يهودي بقيادة لوسيان ولف وكلود مونتفيورى. وقاد المعارضة داخل مجلس الوزراء البريطاني الوزير اليهودي أدوين مونتاغو . وجرى بهذا الشأن نقاش حاد حول قومية اليهودي وجنسيته وانتمائه وارتباطه بفلسطين أو موطن إقامته . ومثل الجانب الصهيوني في هذا النقاش حاييم وايزمن وناحوم سوكولوف . وبلغ النزاع حدا وجهت معه التهمة إلى مؤيدي الوعد بأنهم من اليهود غير الإنكليز علما بان الأسر الرئيسة اليهودية في إنكلترا كروتشيلد, ومونتفيوري, مونتاغو , كانت أصلا ضد الصهيونية . بيد أن النقاش انتهى أخيرا داخل مجلس ممثلي اليهود البريطانيين بالتصويت في 17/6/1917 إلى جانب الجناح الصهيوني بنسبة ضئيلة, وربما عكس ذلك مدى الانقسام في الطائفة اليهودية البريطانية . وبالإضافة إلى ذلك كان هناك بين الساسة الإنكليز من رأى أن وعد بلفور سيرتب حملا ماليا وإداريا وعسكريا على بريطانيا هي في غنى عنه , وليس في فلسطين من الثروة أو الواردات مايبرر هذا العبء الجديد . بيد أن الاعتبارات السياسية والعسكرية المختلفة رجحت الكفة الصهيونية في كافة الميادين . وأظهر وايزمن براعة سياسية ودبلوماسية ونشاطا لايكل في إقناع ساسة الحلفاء بوجهة النظر الصهيونية والتعبير لبريطانيا عن تعاطفهم مع فكرة الوعد . وبعد تبلور الفكرة في ذهن الحكومة البريطانية بدأ إعداد مسودة الوثيقة في حزيران1917 , وتولى مسؤولية المشروع بصورة أولية ناحوم سوكولوف الذي أعطاه المسؤولون الانكليز الخطوط الرئيسة للتصريح , وقد أكدت على استبعاد فكرة إقامة دولة يهودية.ولعب من الجانب البريطاني مارك سايكس دورا رئيسا في توجيه صياغة الوعد من الناحية الصهيونية وجهة وزراء الخارجية. وعكست هذه الوجهة بادئ ذي بدء عقلية وزير الخارجية آرثر بلفور وتجربته القديمة بشأن المهاجرين اليهود, فتركزت على مفهوم إيجاد ملجأ للمضطهدين منهم. غير أن الجانب الصهيوني عارض هذا المنطلق , واستقر تفكير الطرفين على فكرة "الوطن القومي" التي وردت أولا في برنامج مؤتمر بازل الصهيوني . وبالنظر للتعهدات الأخرى التي التزمت بها بريطانيا, ولاسيما تجاه الشريف حسين, وضغوط المعارضة التي واجهتها من الجانب المعادي للصهيونية , فقد حرصت وزارة الخارجية في هذه المرحلة على الاقتضاب وتحاشي التفاصيل والاعتماد على العبارات المطاطة . وأدى ذلك إلى تنقيح الوثيقة واختصارها عدة مرات , واستغرق كل ذلك مايقرب من أربعة أشهر قبل الوصول إلى الصيغة النهائية التي صدرت أخيرا في 2/11/1917 بشكل رسالة من وزير الخارجية بلفور إلى اللورد روتشيلد ونشرت في الصحافة البريطانية في9تشرين الثاني بالنص التالي : "عزيزي اللورد روتشيلد ," يسعدني كثيرا أن أنهي إليكم نيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي تعاطفا مع أماني اليهود الصهيونيين التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء : (إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي يهودي للشعب اليهودي في فلسطين وسوف تبذل مافي وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. وليكن مفهوما بجلاء أنه لن يتم شئ من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين أو بالحقوق والأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى )" إني أكون مدينا لكم بالعرفان لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني . المخلص آرثر بلفور" ومما يذكر أن المسودة الصهيونية (تموز1917) كانت تنص على "إعادة تكوين فلسطين لتصبح الوطن القومي للشعب اليهودي" , وعلى أن تبحث الحكومة البريطانية مع المنظمة الصهيونية سبل تحقيق ذلك. ولكن اللورد ملنر أحد الوزراء المتحمسين للوعد عدل النص في آب 1917 وإعطاه صيغة "إقامة وطن للشعب اليهودي في فلسطين" . وفي تشرين الأول كتب ملنر بالتعاون مع ليوبولد إيمري مسودة ثالثة أخذت بنظر الاعتبار احتجاجات المعارضين اليهود , فأدخلت الإشارة إلى حقوق الفئات غير اليهودية وحقوق اليهود ومكانتهم السياسية في الدول الأخرى" ممن يشعرون كليا بالرضى بجنسيتهم ومواطنتهم الحالية" . وللسبب نفسه أزيل من التصريح ذكر المنظمة الصهيونية والتزام الحكومة البريطانية بالتباحث معها . وصيغت الصورة الأخيرة للتصريح في 31/10/ 1917 . لم يثر نشر الوعد انتباها كبيرا في حينه , وتصور الكثيرون أنه سرعان ماسيصبح في ذمة النسيان بعد قليل لأن الصهيونية كانت تبدو آنذاك حلما من الأحلام . بيد أن التاريخ قدر غير ذلك . وغدت هذه الوثيقة من أهم الوثائق التي صدرت , وربما كتب عنها مالم يكتب عن أية وثيقة أخرى . ويرجع جل النقاش الذي احتدم حولها إلى الغموض الذي اكتشف عباراتها.ولا عجب في ذلك بعد أن خرجت من أقلام طرفين احترفا الغموض والتمويه وتميزا بهما تاريخيا: الجانب الإنكليزي والجانب الصهيوني.هذا إلى أن وقائع أخرى أملت على كاتب التصريح تحاشي الصراحة والتفصيل والدقة والتحديد.ومن هذه الوقائع تعارض التصريح مع التعهدات البريطانية السابقة للشريف حسين والترتيبات التي تفاهمت حولها إنكلترا وفرنسا وعدم وضوح رؤية إنكلترا بالنسبة إلى مستقبل المنطقة.كان الغرض الأول في ذهن بلفور إعطاء تصريح دعائي يخدم المجهود الحربي في نزاع مميت بأقل مايمكن من الثمن.وكانت المسألة بالنسبة إلى وايزمن مسألة الحصول على وعد يعطي اليهود اعترافا دوليا بمكانتهم الخاصة في فلسطين وكان كلا الطرفين يؤمن بأسلوب المرحلية في السياسة .وفيما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية صدرت تصريحات وتفسيرات مختلفة ومتناقضة لما يقصد بعبارة "وطن قومي"،وما قصده بلفور بالذات منها وما إذا كانت تشمل إقامة دولة يهودية .ومن ذلك أن اريك فوربس آدم خبير وزارة الخارجية البريطانية في الشؤون الفلسطينية قدم مذكرة رسمية في كانون الأول 1919 بين فيها أن الحكومة قبلت بفكرة تحويل فلسطين في النهاية إلى دولة يهودية . ولكن خبير الوزارة الآخر هارولد نيكلسن قال إن بلفور لم يفكر بدولة يهودية مستقلة ،وإنما بملجأ ليهود أوربا الشرقية .وفي عام 1922صدر كتاب أبيض حدد مفهوم الوطن القومي بأنه لايتضمن فرض الجنسية اليهودية على بقية الشعب،وإنما يرمي إلى إيجاد مركز يهودي في فلسطين. وامتنع الصهيونيون عن إعطاء تفسيرات للعبارة تكشف عن عزمهم على إقامة دولة بل ذهب بعضهم،ومنهم سوكولوف إلى رفض هذا الزعم.ولكن الظاهر أنهم اعتبروا الوعد إيذانا بتكوين أكثرية يهودية تصبغ القطر بصبغتها.وفي حديث ونستون تشرشل لوجهاء فلسطين عام1921 أشار إلى وجود فرق لغوي كبيربين إقامة "وطن قومي"كما ذكر الوعد وإقامة "الوطن القومي" ،مما يستبعد فكرة إقامة "حكومة يهودية تسيطر على العرب".أما بالنسبة إلى الجانب العربي فالملاحظ أن المشاورات الطويلة في لندن والاتصالات في الخارج لم تتضمن استطلاع رأي السكان العرب بل ولا حتى الممثليين الرسميين لبريطانيا في المنطقة .ولكن المسؤليين الإنكليز والصهيونيين ناقشوا معضلة السكان الأصليين بصورة عابرة في الأشهر السابقة للوعد ،واتجه الرأي عموما إلى إمكانية تعايش القوميتين ،وإلى ضرورة تحاشي إثارة العرب.وقبل إصدار التصريح بأسبوع تقدم اللورد كرسن بمذكرة عارض فيها فكرة الوعد ،وأشار الى نصف المليون العربي الذين "لن يرضوا بانتزاع ممتلكاتهم من أجل المهاجرين اليهود ،أوبأن يعملوا مجرد حطابين وسقاة ماء لهؤلاء المهاجرين" وأشار إلى فقر البلاد وعدم صلاحها لعرق آخر،أو لتصبح وطنا قوميا للشعب اليهودي.ماأن ذاع خبر التصريح حتى أسرعت السلطات العثمانية إلى لفت أنظار العرب إلى خطورته.وكان أن طلب الشريف حسين تفسيرا للموضوع من الإنكليز.وفي عدد من الاتصالات منها مقابلة هوغارت للحسين،ومقابلة وايزمن لفيصل بن الحسين،بدا أن القيادة الهاشمية اقتنعت بتأكيد بريطانيا أن وعد بلفور لن يتعارض مع أماني العرب أو حقوقهم. بيد أن سكان فلسطين أنفسهم بدأوا يشعرون بنقيض ذلك ، ولاسيما أمام الضغط المتصاعد من الصهيونيين . وراح هذا الشعور يأخذ شكل الرفض لوعد بلفور والسعي لتفنيده وتعطيله وإلغائه . وبدأ النقاش الطويل الذي استمر إلى مابعد الحرب العالمية الثانية.وقدم الفلسطينيون وجهة نظرهم بوفد رسمي إلى لندن لأول مرة في عام 1921 مطالبين بنقض التصريح بناء على المادة 22 من عهد عصبة الأمم ، لتعارضه مع مبادئ العهد . وأشاروا أيضا إلى مخالفته لمبادئ الرئيس ولسن التي أعلنها الحلفاء أثناء الحرب فيما يتعلق بحق تقرير المصير. واحتجوا أيضا بمناقضة الوعد لتعهدات إنكلترا للشريف حسين. وردت إنكلترا على القول الأخير بالاستشهاد بفقرة من رسالة مكماهمون المؤرخة في 24/10/1915 وفيها استثنى مكماهمون من مفعول تعهده" أجزاء من سورية تقع إلى الغرب من ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب " . واعتبر تشرشل فلسطين ضمن ذلك , وأوضح العرب أن النص الأصلي لم يتضمن كلمة "ولايات" ولا توجد أساسا ولاية باسم ولاية دمشق , وأن فلسطين لاتقع غربي دمشق. ولكن الحجة الأساسية ضد وعد بلفور كانت , وستبقى, مناقضته لحق تقرير المصير , وإن إنكلترا قد منحت بموجبه مالا تملك لمن لايستحق. وفي مفاوضات الصلح قاومت فرنسا في الواقع الأخذ بوعد بلفور على اعتباره تصرفا انفراديا. وقد أثير أيضا كثير من النقاش بشأن العبارة المتعلقة بحماية الحقوق المدنية والدينية للفئات غير اليهودية . ونصح تشرشل العرب بالتمسك بها لحماية كيانهم . وحولها نشأ ماعرف باسم تساوي الالتزامات , أي الالتزام بتشجيع الوطن القومي اليهودي والالتزام بحماية العرب . وقضى عدد من الساسة والإداريين الانكليز السنوات اللاحقة يفتشون عبثا عن طريق لتحقيق هذا التوازن والتوفيق بين الالتزامين . ورأى الجانب المناصر للعرب أن استحالة تحقيق الالتزام نحو الصهيونيين بدون الإخلال بالالتزام نحو العرب واستحالة توفير الهجرة اليهودية بدون المساس بحقوق العرب المدنية والدينية تقتضيان إلغاء وعد بلفور . وأعطى الجانب الصهيوني تفسيرا مخالفا يقول: إن الأصل في وعد بلفور هو إقامة الوطن اليهودي وإن حماية الحقوق المدنية والدينية لغير اليهود شرط فرعي , وفي حالة التناقض يحذف الفرع حفاظا على الأصل . وفي نيسان 1920 التأم مجلس الحلفاء الأعلى في سان ريمو في إيطاليا للنظر في مصير الأقاليم المحتلة , وطلب لويد جورج من المؤتمرين إدخال وعد بلفور ضمن معاهدة السلام مع تركيا. وتم ذلك في 25 نيسان رغم معارضة الوفد الفرنسي , فأدخل نص الوعد ضمن المادة الخاصة بالانتداب , وأصبح التزاما على عاتق الدول المتحالفة أنيط ببريطانيا تنفيذه في إطار نظام الانتداب وتحت إشراف لجنة الانتداب التابعة لعصبة الأمم . هل حقق وعد بلفور لبريطانيا ماكانت ترجوه منه؟ من الصعوبة بمكان تحديد مدى المكاسب في مثل هذا الميدان . ولكن إصدار التصريح جرى في نفس اليوم الذي استولى فيه البلاشفة على الحكم في روسيا إيذانا بإخراجها من الحرب . وعلى هذا فقد بطل غرض التصريح من حيث إبقاء روسيا إلى جانب الحلفاء والتأثير على اليهود الروسيي الأصل في أميركا في هذا الإطار . كما أزالت الثورة البلشفية خطر تدفق المهاجرين اليهود إلى الغرب . وبالنسبة لتركيا فسرعان مااستسلمت أمام الجيش البريطاني الذي سانده العرب , ولم يكن لليهود دور مهم في هذه الساحة . ورغم صداقة القاضي الصهيوني برانديز للرئيس ولسن فمن المشكوك فيه أن يكون ليهود أمريكا دور خاص في جر بلادهم إلى الحرب بتأثير وعد بلفور . وعليه يمكن القول إجمالا إن بريطانيا لم تجن الثمار التي توقعها بلفور في إصدار تصريحه بالنسبة لنتيجة الحرب , ولو أن تأسيس الوطن القومي اليهودي أعطى بريطانيا المبرر لاستبعاد الفرنسيين من فلسطين واحتلالها حتى عام 1948 . ولكن النازيين , من الناحية الأخرى, اتهموا يهود ألمانيا بتخريب الروح المعنوية العسكرية والإرادة القتالية بدعواتهم السلمية والأممية التي تعاظمت في الأشهر الأخيرة من الحرب . ويظهر أن الفائز الحقيقي الوحيد في العملية كان المنظمة الصهيونية , ولا عجب إن دأب الصهيونيون على الاحتفال سنويا بذكرى وعد بلفور في حين سماها العرب باليوم المشؤوم الذي استقبلوه بإضرابات ومظاهرات واحتجاجات . ورفضت طوائف من المتدينين اليهود وعد بلفور على اعتباره تدخلا دنيويا في إرادة الله التي ستقرر " ساعة عودة اليهود إلى أرض إسرائيل ". أما الليبراليون والاندماجيون من اليهود فاتخذوا موقفا فاترا أو مترددا أو معارضا ودان اليساريون والماركسيون بوجه عام الوثيقة لأنها "مؤامرة استعمارية رجعية لاغير" .
|
رد: وعد بلفور
الصهيونية كانت المستفيد الوحيد أو الأكبر ولازالت تستغل كل القرارات لصالحها وينشط اللوبي التابع لها لخدمتها على مختلف الأصعدة لكن أين كان العرب و أين هم وتمزيق الوطن العربي يستمر وعوض ردع المؤامرات لايفتأون يقعون فيها.
تحيتي |
رد: وعد بلفور
نعم إن الفائز الحقيقي الوحيد من جراء هذه المؤامرة الاستعمارية
"وعد بلفور" هو المنظمة الصهيونية , ومازال الكيان الصهيوني يسعى دائما لتحقيق الفوز والتقدم , بينما العرب مازالوا مكانك راوح, يقعون في الفخ تلو الآخر . الشكر مع التحية للعزيزة نصيرة |
الساعة الآن 46 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية