منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   فلسطين في القلب ( منوع) (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=92)
-   -   الأرض ... المرأة ... فلسطين الحكاية .. (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=6650)

ناهد شما 06 / 09 / 2008 45 : 07 AM

الأرض ... المرأة ... فلسطين الحكاية ..
 
الأرض... المرأة... فلسطين الحكاية...
http://www.syrianstory.com/images/PalestinaC.gif بقلم الكاتب: د. وليد مشوّح
من يقرأ التاريخ العربي بعمق وحيدة؛ لا بد له من العودة إلى قراءة أدبيات الإسلام كعقيدة مثلى حملها العرب أمانة وجودية عظيمة قامت عليها ذواتهم الفردة وبالتالي الجمعية؛ وبها تشكلّت شخصيتهم عبر تاريخ طويل، وعليه كان ارتباطهم بالأرض كون التراب من مقدساتهم لأنه الجوهر المادة لخلق الإنسان؛ وعلى هذا الأساس بدأت حيواتهم في هذا الوجود، كذلك فهم أول خلق الله الذين قدّسوا المرأة لأنها خصب التراب وجذر الأرض حيث تبذر بذاراً يثبّت الأرض القيمة، ويطهّر التراب إذا ما اجتاحته جائحة.‏

وعلى هذا الإبراق الخاطف تتجلى الذات العربية بأسمى صورها، حيث حكمة الرب التي وضعت هذه الخصوصية بمنزلة الطقس الإيماني، وكان الهبوط القدسي على هذه الأرض، ومنها أشرقت الرسالات على العالم، وما خصوبة ترابنا إلاّ تشكيل حيوي من نجيع وأجساد ما أنكر مؤرخ وجداني ذرة من تراب إلا وتتوأمت مع ذرة من جسد، وقد تغذى هذا التراب القدسي بتهطال من دم الشهداء الذين رووّها ذرة ذرة كسباً لصداقة التاريخ ونزاهته، وللآخرة بمعنوياتها التفسيرية المختلفة التي تنصب على رضاء صاحب الأمانة الذي إئتمنهم عليها وخصهم بها.. هي ذي افتتاحية المعنى في درس الوجود العربي الأمثل. تاريخ، وأساطير، وحكايا، وخرافات، واصطراع دموي بين الحق والباطل، بين الحقيقة والبهتان، بين الخلف والأمام، فوق المسرح وخلف الستارة، أحداث وأهوال، دسائس ومؤامرات، مزادات وغش وتدليس، اعتقال للتاريخ، وفسحة لشذّاذ الآفاق.. حركة مستمرة..؛ وتسوّق الدودة (كطراز من طرز "المودة" الآتية من هناك..". أقول: الدودة زرعت وكان كيان أخطؤوا لجهلهم- مع بساطة العرض الآنف ونصاعته- بذره في أرض العرب، وهم لا يعرفون عن التراب إلا لكونه تراباً.. وكانت الخطيئة الثانية؛ إذا كانت التفاحة هي الخطيئة الأولى!!.‏

ولقد صرف المحللون السياسيون، والدبلوماسيون، وبعض المؤرخين الكثير من وقتهم وسوّدوا المزيد من صحائفهم، وأهدروا الكم الهائل من أحبارهم؛ لتحليل ظاهرة سياسية يشهدها العالم –مع قناعتهم المترسبة في أعماقهم بكونها طارئة زمانية ليس إلاّ-، وهذه الظاهرة أخذت عنواناً عريضاً يعني بُعداً سياسياً، وسموها –على ظلال- بـ "إسرائيل"، وراحوا يلهثون وراء تحليل أبعاد السياسة الإسرائيلية، مع إدراكهم بعدم وجود سياسة إسرائيلية؛ وإنما توجد ممارسة إسرائيلية مستمدة من عقدة نسجتها الخرافة، والعقدة بدورها تتوجه صوب ثور جانح ببهيمية متوحشة يقتل ويطرد ويدمّر، لأنه بلا قضية أساساً، كون ذاته الوجودية دون جذر إطلاقاً.‏
فالإسرائيلي يَقُتُل لأنه يَقتُل؛ هكذا تقول الخرافة، وهكذا يدفع به الهاجس الخرافي المتموضع خارج الإطار الحضاري للعالم بمفهوماتها المختلفة.‏

وجاء المصطلح بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، ليكتسح المنطق؛ كونه جاء على شكل جائحة شكّلتها معطيات نفسية تأتت من ردة فعل آني، فسوّق مصطلح الإرهاب... واختلط الحابل بالنابل.. واستفاد الصهاينة كعادتهم من مصائب الآخرين حتى ولو كانوا أصدقاءها، وحماتها ورعاتها.‏
والفارق بين النضال والإرهاب واضح وضوح الشمس وتعرفه الشعوب وتقره منطقية التاريخ، وأكدنا عليه فرادى وجماعات، ودعونا إلى مؤتمرات دولية لتضع الخطوط الفاصلة بين النضال والإرهاب، ولكن إسرائيل شاءت أن تديف السم بالدسم على عادتها ولمصلحة شرورها أولاً وأخيراً.‏

وثمة فارق آخر بين المنازلة في حدود الحق ومن أجله، وبين التقتيل من أجل هضم الحق، وإجراء الباطل مجراه.‏
فالإسرائيلي يقتل لأن الحاخام الدموي الشرّير الذي ابتدع الخرافة سيطر على دواخله الإحساسية ثم حوّلـه إلى كتلة صدئة من التنك وبالتالي أمره بالقتل، والإسرائيلي يقتل لأن توراته وتلموده يحضانه على ذلك ظاهراً وباطناً، مباشرة وخفية، وتلويحاً وتلميحاً. إذن فقتاله لا يقوم على شرعة إنسانية أو كونية؛ بقدر قيامه على غاية القتل بحد ذاتها.‏

أما الفلسطيني فمناضلٌ ينازل قاتلاً، وهو لا يقاتل؛ بقدر قيامه بفعل نضالي، وممارسة وجدانية وروحية وصولاً إلى حقه في التاريخ والحياة، ولا غرو في ذلك، وهو من أرومة مسالمة، طيبة، كريمة؛ لكنها –في الوقت نفسه- غضوبة، ماضيةٌ، شموسٌ، عنودٌ؛ إذا هضم حقها.‏
ونضال الفلسطيني؛ ينصّبُ على استعادة الحق أولاً، وطرد مغتصب أرضه وحقه بالطمأنينة والسلام ركني الحياة الأساسيين، ينازل عدوه وليس بالضرورة يقتله؛ إلاّ إذا مارس عدوه فعل القتل عن سابق عمد وإصرار؛ فأعرافه ونواميسه وشرائعه، التي اقتضتها طبيعة أمته، تحرّم عليه السكوت والاستكانة للواقع المهين، وتدفعه وتحضّه بل تأمره بوجوب المناضلة، والتشدد بها إلى أن يعود إليه حقّه.. بل نجد اللغة العربية تقدم أشنع النعوت وتسم بها المتوانيَّ عن الإقدام في سبيل الحق؛ فتنعته: بـ "الجبان، الخانع، المستكين" وهي أدنى الصفات في لغتنا؛ لذا يقدم العربي على الموت غير هيّاب ولا وجل.‏

هي ذي طبيعة العربي، وتلكم تركيبته النفسانية والروحانية والوجدانية التي كان يتوجب على دارسي طبائع وسلوكيات ونفسيات الشعوب وضعها بتصرف قوى الاستكبار العالمي.‏
لقد عجزت إسرائيل في سنواتها العجاف ومن ورائها المؤسسة الصهيونية الإمبريالية؛ من تغيير طبيعة الفلسطيني؛ لا لمعجزة فيه؛ وإنما لجهل فيها.‏

فلو قرأ قادة الكيان الصهيوني؛ الطبيعة الخاصة في الإنسان العربي ذي العمق التاريخي والعقيدي المستمد من خصوصية الجغرافية، والمنزلة المتميزة في التاريخ؛ لوفّروا الكثير من دمائهم واقتصدوا في شرورهم، ولظلوا آمنين في الرقاع التي جاؤوا منها، يعيشون كمواطنين في تلك المواطن (يشاركون الإنسان السوي، فوق الكرة الأرضية في صنع الحضارة، ووضعها بتصرف الإنسان)، ولكنه.. هذاك الداء العضال التي يتمركز في (الكروموزوم)، ضمن التركيبة الدموية أو الزمرة الدموية التي تقوم عليها الشخصية الصهيونية؛ تمنع صاحبها من الفعل في الواقع الكوني لصناعة الحياة؛ هي عقيدة تنحاز إلى الموت وحرق العالم وإلغاء الكون.‏

وأخيراً لا بد من أن يقرأ قادة الكيان طبيعة حياة العربي، فهو ينعم بالخيمة كما في المنزل الاسمنتي، فإن دمروا بيتاً فهو القادر أن يعود إلى بيت الشعر، كذلك فإن العربي يقدس شهداء أي قضية حقوقية أو أخلاقية أو عقيدية، والدليل على ذلك وضعنا أسماء الشهداء منذ آلاف السنين في صفحات التاريخ حسب القدم متساوين فمن المسيح مروراً بالحسين وانتهاء وليس نهاية بمحمد الدرة، لذا يسير العربي على درب الشهادة منذ نعومة أظفاره.. إذن لا تجربوا وسائلكم القهرية، وعودوا من حيث أتيتم بسلام، وعوا تاريخ العرب النفسي والنضالي جيداً، واعرفوا أن العربي لا يستكين لقهر أو لموت؛ كونه يحمل خصوصيته الذاتية، واعلموا أن العروبة والإسلام يزدادان قوة وتحدياً وإصراراً وانتشاراً في الظروف الصعبة، وفي أزمنة التحدي والقهر والتدمير والتقتيل.. فقط اقرؤوا التاريخ وتعرفوا على الذات العربية الإسلامية؛ توفرون على أنفسكم الكثير.. وعلى سادتكم وحُماتكم أيضاً


الساعة الآن 05 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية