![]() |
متى تحاكم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب؟
[frame="13 95"] [align=justify]
متى تحاكم ’’إسرائيل’’ بارتكاب جرائم حرب؟ صلاح الدين حافظهذا تقرير دولي خطير، خطير في محتواه، وخطير في صراحته وفصاحته، وخطير في تحدياته بالرأي الموثق لدولة لا يجرؤ على تحديها كبار اباطرة هذا الزمان. وما نعنيه هو التقرير الذي تلي امام المجلس الدولي لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة في الاسبوع الماضي وتناول جريمة الحرب التي ارتكبتها ’’اسرائيل’’ ضد قرية «بيت حانون» الفلسطينية ضمن مذابح عام 2006 وكانت الامم المتحدة قد كلفت لجنة دولية لتقصي الحقائق برئاسة كبير الاساقفة الجنوب إفريقي «ديز.موند توتو» حامل نوبل ببحث حقيقة ما ارتكبته قوات الاحتلال الاسرائيلية في هجومها على بيت حانون بمختلف الاسلحة مما ادى الى استشهاد 19 فلسطينيا دون ذنب معروف حتى الآن. وقد تمكنت اللجنة الدولية من بحث جوانب المذبحة والتعرف مباشرة على موقعها وسماع شهودها ودراسة الاحتمالات التي دفعت قوات الاحتلال لاستخدام القوة المسلحة المفرطة في تدمير قرية فلسطينية والفتك بأهلها على نحو ما يجري. وما يهمنا اليوم ان هذه اللجنة الدولية المكلفة من الامم المتحدة والمجلس الدولي لحقوق الانسان قد اثبتت جديتها وحيادها مثلما اثبتت جرأتها في اعلان الحق والحقيقة بكل وضوح ودون تردد او مجاملة او حتى مواءمة من تلك المعاني التي تستخدم في حالات كثيرة إن تعلق الامر بجريمة من الجرائم الاسرائيلية. بوضوح شديد قالت اللجنة الدولية في شهادتها -تقريرها - الموثقين ان ما ارتكبته ’’اسرائيل’’ في بيت حانون هو جريمة حرب واضحة مكتملة الاركان خصوصا في ظل غياب تفسيرات واضحة من جانب الجيش الاسرائيلي! والمعنى ان ’’اسرائيل’’ لم تستطيع هذه المرة ان تخدع اللجنة الدولية وتقدم لها اكاذيبها المعتادة تهربا من مسؤولية المجازر والمذابح الدموية التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني بصفة مستمرة على مدى عقود ولم تستطع ايضا ان تستعين بالصديق الاميركي لعرقلة صدور هذا التقرير الامين كما تعودت ان تفعل دائما ولم تستطع منذ البداية ان ترشو او تبتز رئيس واعضاء هذه اللجنة الدولية فرئيسها شخصية دولية مرموقة لها مواقفها ونشاطها الانساني الامر الذي اهله للحصول على جائزة نوبل ناهيك عن المصداقية الشعبية التي حازها عبر السنوات. ولان التقرير قد صدر علنا وفيه من جرأة الاتهام لـ ’’اسرائيل’’ بارتكاب جريمة حرب ما يكفي لترتيب نتائج عديدة واجراءات محدودة لمعاقبتها فإننا رغم ذلك لا نستبشر خيرا بتحرك التقرير من مكانه على الارفف والمكاتب الى ساحات القضاء الدولي التي تعنى بمحاكمة جرائم الحرب ومرتكبيها كما هو الحال مع آخرين. ونحسب ان هذه من المرات القليلة التي تتهم ’’اسرائيل’’ بارتكاب بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني وفي اطار تحقيق دولي قامت به لجنة دولية مكلفة من الامم المتحدة ومجلسها الدولي لحقوق الانسان، ذلك انه في كل مرة ارتكبت اسرائيل جريمة من جرائم الحرب وكم هي كثيرة ومشهودة، الا وسارعت الولايات المتحدة الاميركية حامية ’’اسرائيل’’ بإفشال اي جهد واجهاض اي تحقيق دولي رسمي أو غير رسمي حتى لا تدان حليفتها بمثل هذه التهمة البشعة التي تتغنى الولايات المتحدة نفسها الان بأنها مسؤولة دولية عن تقديم المسؤولين منها الى المحكمة الدولية. وعلى هذا الاساس فإننا لا نتوقع ان يجد تقرير كبير الاساقفة ديزموند توتو اي فرصة للتحرك عمليا نحو محاكمة المسؤولين الاسرائيليين عن هذه الجريمة النكراء كأن يذهب التقرير الى مجلس الامن مثلا ليتخذ قرارا بالمحاكمة وهو المخول بذلك وفقا لميثاق المنظمة الدولية. وقد يرشدنا القانونيون ونشطاء حقوق الانسان اصحاب الخبرة الدولية كيف يمكن لنا تفعيل هذا التقرير وتحويله من تقرير الى قرار وهو من سلطة ومهام المجلس الدولي لحقوق الانسان احد اذرع الامم المتحدة الجديدة اتخاذ اجراءات عملية في تفعيل التقرير بحكم ما يحويه من تهمة صريحة موجهة لدولة الاحتلال بارتكاب جريمة حرب وهل من حق اي عدد من الدول الاعضاء بمجلس حقوق الانسان هذا وهم بالضرورة اعضاء بالامم المتحدة التقدم لمجلس الامن بالتقرير مطالبين بتطبيق الميثاق الدولي عليه! استطيع القول ان هذه هبة من السماء جاءت للعرب على طبق من ذهب ليقوموا ولو مرة واحدة بواجبهم العملي وليس مجرد الدعايات والشعارات. يستطيع العرب، منفردين كانوا أو عبر الجامعة العربية ان يحملوا هذا التقرير الدولي الى مشارق الأرض ومغاربها، وهم على ثقة واضحة بأنه تقرير دولي محايد، فلاديزموند توتو قريبهم ولا نسيبهم، ولا المجلس الدولي لحقوق الإنسان بقادر على أن يصدر مثل هذا التقرير، دون أن يكون أكثر ثقة بحياديته ومصداقيته إذن فنحن نملك تقرير إدانة لإسرائيل بارتكاب جريمة حرب لا مجادلة فيه. نعلم جميعا ان وزراء الخارجية العرب يتقدمهم الأمين العام للجامعة العربية قد امتطوا ظهر الهواء وركبوا الطائرات الخاصة والرسمية وعبروا المحيط، خلال الأيام القليلة الماضية ليهبطوا في نيويورك ومعهم بالطبع ملفات وملفات، ولكن هل أخذ كل منهم نسخة من التقرير الدولي الذي نتحدث عنه، أم ان الأمر لم يبلغهم بعد، مرة أخرى هذه فرصة لا تعوض لكي يستعرض كل وزير خارجية عربي خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية مضامين بل نصوص التقرير، كخطوة أولى، تقول للعالم عبر منبر المنظمة الدولية إن العرب جادون هذه المرة في جرجرة ’’اسرائيل’’ الى المحاكمة الدولية بارتكاب جريمة حرب موثقة! سوف أكون حسن النية حتى النهاية، وأدعي ان العرب سيأخذون الأمر هذه المرة بالجدية اللازمة، وفي أيديهم وثيقة دولية صادرة عن هيئة كبرى من هيئات الأمم المتحدة نفسها، تدين اسرائيل ومن ثم تستدعي محاكمتها دوليا كمجرمة حرب. ولكن حسن نيتي أو نية كل العرب لا تفيد كثيرا في ساحة العلاقات الدولية، خصوصا ذات المعايير المزدوجة، وها نحن نرى كيف تتزاحم الجهود الدولية لجلب الرئيس السوداني للمحاكم الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جريمة حرب في دارفور، ولكن نرى وسنرى كيف تتوارى مثل هذه الجهود وتتخافت الضغوط ان تعلق الأمر بإسرائيل، وسنرى كيف تعد الخزائن لاستقبال تقرير الرجل الأمين القس توتو، لكي يحفظ في مكان آمن.. بارد! وإلا طارت رؤوس، كما طارت بالأمس رؤوس كبيرة كانت مؤهلة لأن تلعب أدوارا أكبر.. فقد نسينا ان أحد أهم وأقوى أسباب إصرار واشنطن وإسرائيل وحلفائهما، على إزاحة الدكتور بطرس بطرس غالي من منصبه كأمين عام للأمم المتحدة، دون إعطائه فرصة الولاية الثانية، كما هو المعتاد كان إصراره على إصدار تقرير دولي باسم الأمم المتحدة يدين المذبحة الدموية التي ارتكبتها إسرائيل، ضد المواطنين اللبنانيين، الذين هربوا من القصف الإسرائيلي ولجأوا الى أحد معسكرات الأمم المتحدة ببلدة قانا بجنوب لبنان. لكن العدوانية الإسرائيلية المتوحشة لم تتردد في قصف هذا الملجأ الذي يرفع علم الأمم المتحدة ويقع في إطار حمايته، والنتيجة الدموية هي قتل وإصابة المئات أغلبيتهم العظمى من النساء والأطفال. وحين كلفت المنظمة الدولية إحدى هيئاتها بالتحقيق في الجريمة النكراء جاءت النتيجة إدانة كاملة لإسرائيل، وعندما وضع التحقيق بكل جوانبه أمام بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة تسارعت من حوله الضغوط الدولية لكي يحجب هذا التحقيق ولا يعلن ما فيه من إدانة لإسرائيل، بتعمد قصف مركز للأمم المتحدة احتمى فيه أبرياء مدنيون لبنانيون. لكن ضمير الرجل لم يطاوعه فأمر بإذاعة التحقيق.. فانتصر أخلاقيا، وخسر سياسيا ووظيفيا.. فالعقوبة جاءت بإزاحته وحرمانه من الولاية الثانية في أعلى منصب في العالم، والمؤكد أنه كانت هناك أسباب أخرى لعدم رضا أميركا و’’اسرائيل’’ عن بطرس غالي، ولكن ظل تقرير قانا هو الدافع الأعظم للانتقام منه. أما القس ديزموند توتو فلن يفعلوا فيه ذلك.. فهو كالطير السابح في الفضاء، بلا وظيفة إلا متعة الحرية! * خير الكلام: قال الشاعر بدوي الجبل: أنا والهمُ كلما أقبل الهمُ مشوقٌ يلقى أخاه المشوقا عن صحيفة الوطن القطرية 24/9/2008 [/align][/frame] |
الساعة الآن 19 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية