منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مقالة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=255)
-   -   هكذا أفهم معنى الحضارة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=6961)

هدى نورالدين الخطيب 27 / 09 / 2008 46 : 11 AM

هكذا أفهم معنى الحضارة
 
[align=CENTER][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/8.gif');"][cell="filter:;"][align=right]
الحضارة لا ريب أنها من الحضور الإنساني و في انتصار الإنسانية على البشرية بحيث لا تصلح تسمية الحضارة على كلّ ما ليس له بعد إنساني نبيل، هكذا أفهم معنى الحضارة..
منذ فجر التاريخ و الحرب قائمة بين الخير و الشرّ ..
بين الإنسان الذي كرمّه الله و أسجد ملائكته الكرام له و بين البشرية بانحطاطها و وحشيتها، حيوانيتها وطينها..
بين نور المحبة و الخير و ظلام أنانية الشرّ و شراسته..
الحضارة الإنسانية: " عش و دع غيرك يعش " فالدنيا خلقها الله لتتسع للجميع لكنّ الشرّ دائماً يحاول أن يجعلها على الناس الطيبين المسالمين أضيق من خرم الإبرة يعيثون فيها فساداً و إفساداً على مبدأ : " إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب " و في هذا القول تكمن جرثومة التخلف الإنساني و الانحطاط الأخلاقي...
كثيراً ما نسمع عبارة " العالم المتحضّر"، و هذه العبارة تعني الغرب الأبيض المسيحي تحديداً ( مسيحيتهم السياسية الاستعمارية لا مسيحيتنا العقائدية)، و بمقابل مفهوم العالم الأول هذا ما يسمى ببلدان العالم الثالث، النامي حسب التعبير الدبلوماسي، و ما يتعارفون في حقيقة الأمر على تسميته بالعالم المتخلف،و العالم المتخلف هذا بمعظمه من الدول ذات الأغلبية الإسلامية...
لطالما أردت أن أضع مفاهيم كلمة الحضارة على بساط البحث،العالم المتحضر هذا، متحضر بالتكنولوجيا والعلوم وكافة الاختراعات و الأبحاث التي يجريها..
و المتخلف متخلفٌ عن هذا الركب حتى أنّ أكبر نسبة للأمية هي الموجودة في بلادنا و هذا حق لكنه يحتاج إلى التعمق به و البحث بأسبابه و عدم التسليم كلياً والتمحيص و التدقيق في الكثير من نتائجه بصورة سريعة:
الجهل والتخلف بدأ منذ نشأة الدويلات و ملوك الطوائف في الأندلس و نهايات العصر العباسي حين دبّ فيها الضعف و اخترقها العجم و حلّت الكارثة في عهد آخر الخلفاء العباسيين المستعصم عبد الله بن منصور المستنصر، حين عجز عن صدّ الزحف المغولي تجاه بغداد حاضرة العباسيين، بقيادة هولاكو الذي قتله بعد أن احتلّ بغداد و كانت مذبحته الشهيرة بأهلها و قضى على مكتبتها و كلّ ما فيها من كتب في عام 1258 و أكمل باحتلال سورية ولم يطل هذا الاحتلال بفضل المصريين لكن الكارثة كانت قد وقعت و منذ ذلك التاريخ ونحن في تراجع مستمر و بلادنا تتعرض للغزو و الاحتلال أبرزها و أشرسها كان في الحملات الصليبية و كنا قد وقعنا تماماً تحت الحكم العثماني منذ عام 1299 الذي رسّخ فينا الجهل و التخلف و الأمية، الحرمان و الجوع و الطبقية حتى يسهل حكمه وإحساسه بالفوقية عدا عن إثارة النعرات الطائفية و المذهبية و زرع الكراهية تجاه أهل السنّة إلى 1920 حين سقط العثمانيون و ما مرّ خلال كل هذا التاريخ من حروب و احتلال و سقوط معاقل و وقعنا في أيدي الغرب الأوروبي الجرماني من قبائل النورمان الفايكنغ و الانكلوساكسون و الخزر إلخ ممن سبق و احتلوا أوروبا و غزوا بلادنا تحت مسمى الحملات الصليبية و قد أُسسوا على الاحتلال و التعالي العنصري و نهب الخيرات و مسح هويات الشعوب الأصلية و اعتبار جنسهم وحده قطب هذا العالم و سادته والذي كان قد بنى حضارته على أساسات الحضارة الإسلامية و بنيانها في الأندلس بعدما سقطت في أيديهم وأنكروا الفضل و زوروا، و هؤلاء على عكس العثمانيين لم يمنعوا التعليم و فتحوا الكثير من الإرساليات و مجال البعثات التعليمية و المنح إلى أوروبا على سبيل غسل الأدمغة و جعل الفئة المتعلمة تتشرب ثقافتهم و تنبهر بها و بهيكل حضارتهم و يصبح ولاؤها لهم و لكن إلى حدٍ مدروس و محسوب وفق رؤيتهم الطائفية و الطبقية و لم ينسوا بالطبع إثارة النعرات الطائفية و المذهبية و العنصرية لكنها هذه المرة كانت على عكس الأتراك وبالأقليات ضدّ الأكثرية السنيّة العربية..
و شأن هذا الاستعمار معنا لم ينته بعد، ما زال يدخل إلينا كلّ يوم من باب مختلف و يتلون ويرتدي الأقنعة التي تناسبه في كلّ مرحلة و حين يخرج من أحد الأبواب فإنما للمزيد من الدراسة في سبيل الانقضاض ليأتينا من باب آخر و ما زال يلعب بنا لعبة القطّ والفأر......
و اليوم نمرّ معه بأسوأ مرحلة لأنه لا يوجد على الساحة قطٌ غيره و يجرب فينا كل شيء بمنتهى الراحة و الاسترخاء و كأننا فئران في مختبر تجاربه و أسلحته الفتّاكة..
القومية العربية التي تستطيع أن توحدنا و الديانة الإسلامية دين الغالبية ألدّ أعدائه فهو يريدنا فرقا و عناصر مختلقة، طوائف ومذاهب و قوميات حتى تتبعثر قوتنا و يستطيعون إيقاع الفتن بيننا لننشغل بها فنكون عوناً لهم ضدّ أنفسنا و نبقى في دائرة مفرغة لا نبارحها و بدل السير إلى الأمام نسير للخلف و ترسم الخطط من متخصصين لديهم كذلك في دور المادّة وتحويلنا إلى مجتمع استهلاكي لتتناقص القيم و تتزايد الرغبات و يعمق الفساد وسوء توزيع الثروات الذي يجعل الكثير من المتعلمين يفضل الهجرة للغرب تاركين البلاد بين معضلتين : " الفساد الشرس و الفقر الذي لا حول له"
و المشكلة الحقيقية أننا ممنوعون من الاكتفاء الذاتي و التقدم في مجال العلوم و الاختراعات و لأن هذه الحضارة المادية تنمو و تعيش على الاحتلال و سلب الخيرات و تزييف التاريخ و إعادة صياغته كما يروق لها قد زرعوا الكيان الإسرائيلي شوكة في حلوقنا و غدة سرطانية في وسطنا والذي يعود بنسبه لنفس أصول تلك القبائل القديمة التي عملت و ما زالت تعمل على احتلال العالم و فرض سيادتها عليه و من خلال ذلك المبدأ الشديد العنصرية و كراهية التاريخ وبديلاً عن الصليبية القديمة و بمسمّى طائفي للمرة الثانية و تحت ستار الدين و هم يعملون وفق خطة شريرة تعمل على عدة صعد فبجانب الغزو و الاحتلال لديهم عصابات متخصصة بسرقة آثار الوطن العربي في سبيل محو التاريخ الحقيقي و تزييفه بالشكل الذي يناسبهم على شكل تجار آثار يعملون مع الفاسدين من طالبي الثراء في مصر ضمن عدد من الشبكات وقد نهبت آثار لبنان خلال الحرب الأهلية و ليس عنّا ببعيد يوم سقوط بغداد وقد رأينا جميعاً على شاشات التلفزة كيف تركوا العنان للرعاع يسرقون ما يشاءون حتى يكونوا ستاراً لأكبر سرقة آثار في التاريخ و آثار العراق تمثل تاريخ المنطقة والعالم لسبعة آلاف سنة و تتناقض مع ما يروجونه و يدسونه من أجل تزييف التاريخ و هذا نكبة أشدّ وطأة من الاحتلال لأنهم عبره يعملون على مسح تاريخنا و اقتلاع جذورنا من أرضنا فيؤسسون للمستقبل الذي يعدونه بمحو ذاكرة الماضي وتاريخه.
عبر تاريخ استعمارهم لنا عرفوا أن ما يجمع شعوب هذه المنطقة ببعضها و يؤلف بينها و يوحدها قومية العروبة و لغتها و قومية دين الأكثرية المسلمة و هاتان القوميتان أو العقيدتان تلتقيان و تمتزجان في كثير منهما و تشكلان قوة مناعية هائلة و حصنا يستطيع أن يجعل منا قوة لا تقاوم و باستطاعته ككيان بناء نفسه ليشكل قوة تستطيع أن تعيد لنا أمجاد الماضي و تضعنا في العالم الأول إن لم يكن التفرد بالمركز الأول و لدينا كل ما يلزم للأمر من ثروات بشرية و تنوع الثروات في أرضنا التي إن توحدت تشكل 6/1 هذا العالم و بما تشكله نواة قوميتنا و بلادنا من أهمية تضعها في مركز القيادة من معظم سكان العالم و بكل رحابة صدر، مسلمو العقيدة في العالم يرون فينا قوم محمد (صلى الله عليه وسلم) و أهل القبلة و لغة القرآن الكريم و تهفو أبصارهم و قلوبهم نحونا و المسيحيون يحجون إلى بلادنا و هي لديهم أيضاً الأرض المقدسة وقبلة الصلوات و كذلك الأمر بالنسبة لليهود و هذا ما عملوه منذ الحملات الصليبية ويعملون على تغييره و تدميره و استغلال ضعف الحاضر و رداءته لتغيير المسار، و هكذا وضعوا نصب أعينهم:
" الإسلام خطر و العروبة خطر" و يجب الإجهاز عليهما حتى يأمنوا سيادتهم المطلقة على هذا العالم و الحقيقة أن انشغالهم بنا غيّب عنهم إلى حد ما تنامي الخطرالصيني الذي لا مكان له الآن في موضوعنا حتى لا يكبر أكثر ويتشعب.
حتى لا أطيل أكثر و أتركه لموضوع آخر في حربهم على الإسلام ديننا الجميل السمح و اختراقه الذي نعاني منه و نعيشه كلّ يوم عداك عن انتهاز الفرصة بهجمات حملات التنصير في العالم الإسلامي و حتى في عالمنا العربي عداك عن مساندة بعض الحكومات العربية في الهجمة الشرسة حتى على الفروض الإسلامية مثل الصلاة في المساجد أو الحجاب الشرعي و كل المظاهر الإسلامية و وضعها في خانة التخلف الخطر و أغربه البطاقة الممغنطة في تصريح الصلاة في المسجد وسَوق النساء المحجبات إلى مخافر الشرطة.
نأتي الآن إلى العروبة، ما يجري على بلادنا من قرصنة لا علاقة له بنشر الديمقراطية و حقوق الإنسان، إنما هي الهجمة و الحرب للإطاحة بالقومية العربية و وأدها لحساب الشرق الأوسط الذي كان كبيراً و أصبح جديداً، خطيئة الرئيس جمال عبد الناصر التي لم تغفر له كانت في القومية العربية و الاعتزاز بالعروبة و محاربة الفساد و إعادة توزيع الثروات، تأميم قناةالسويس كانت خطيئته الأولى التي لا تغتفر و الثانية في الوحدة مع سورية و العمل على النهضة و العلوم و الاكتفاء الذاتي و إعلاء شأن العزة و الكرامة و الإباء في الطبقة الكادحة من الفقراء و الفلاحين و المطحونين و إن كان هناك من يشك بأنّ جمال عبدالناصر قد قُتل فأنا أثق بهذا و الدليل ما حصل عقب موته رحمه الله و سنجد أن الصرح العلمي الذي كان يبنيه قد تمّ القضاء عليه و على العلماء أولاً بالشراء و الهجرة لمن يشرى و بالاغتيال لمن لا يشرى و لا يباع.
لو انتقلنا للشهيد صدام حسين و ما كان يبنى خصوصاً قبل الاستنزاف و مصيدة الحروب و محاولات اغتياله و الانقلاب لوجدنا نهضة علمية رائعة و تخصيص ميزانية كبيرة جداً للأبحاث العلمية و كذلك التعليم و العمل على إرساء الثقافة العربية و النهج العروبي و العمل على الاكتفاء الذاتي من الاحتياج للغرب، (و أول ما فعلوه و ما زالوا بعد احتلال بغداد هو إبادة العلماء العراقيين بين شراء و اغتيال) و العراق العربي كان حضنا دافئا للفلسطينيين دون أن يضطروا لفقد هويتهم و كذلك لكل العرب، و لو فكرنا بحيادية وبعيداً عن المشاعر الشخصية و دوافع الكراهية عند الكثير، لوجدنا أنّ السبب الأهم في الحرب على العراق بالإضافة للبترول هو القضاء على هذا المعقل و الصرح العربي الهام في العراق الذي كان عربياً بامتياز و إذلال الرئيس صدام و تشويهه بكل السبل إنما هو لكسر شوكة العزة بالعروبة و الشأن العربي عند الحكام و المحكومين على حد سواء، و كمايقول المثل المصري الشعبي المعبّر:
" اضرب المربوط بيخاف السايب "
و احتقارها بعيون أهلها و كذلك الأمر لفقد التوازن في ما يسمونه: " الفوضى الخلاّقة " (إعادة خلق) بمقابل حضارتهم المادية أروع ما كنا نمتلكه بالرغم من كل هذا التاريخ المرير ألا وهي الحضارة الإنسانية في قيمها الراقية و التكافل الاجتماعي و طهارة و وضوح النسب والحياء و الخجل من الموبقات و قيمة الأخلاق و المبادئ السامية.....

[/align][/cell][/table1][/align]

نصيرة تختوخ 28 / 09 / 2008 59 : 09 AM

رد: هكذا أفهم معنى الحضارة
 
بعد قراءة مقالتك أستاذة هدى سأضيف إليها مقطعا من كتاب الإهانة في عهد الميغاإمبريالية للأستاذ و المفكر المهدي المنجرة:"
الرغبة في قيادة الإنسان كثيرا ما تحرك ما يسمى الحضارة الغربية في علاقاتها مع الآخر؛ ومن تم ، كان من العسير لكل منتم للحضارة الغربية أن يتكيف مع أية حضارة أخرى من غير حضارته بطريقة مباشرة أو بالإدماج...,ولكن الإشكال أننا نتعامل معها ،بينما هي لاتتعامل معنا؛ بل تحاول إخضاعنا لقيمها.
وعلى الرغم من هذا كله فإنه لابد أن نكون منفتحين على الآخر ،حتى لو لم ينفتح علينا ، حتى ندرك الثقة في أنفسنا وباعتمادنا على أنفسنا يجب ـ وهذه كلمة يمكن أن تقلق بعض الناس ـ أن نحترم أنفسنا؛ إذ يصعب علينا أن نطلب من أجنبي أن يحترمنا؛ بينما نحن لانحترم أنفسنا ؛ فرؤساء دولنا لم يحترموا شعوبهم والمثقفون لم يحترموا شعوبهم كذلك ؛ وشرط الإحترام الذاتي هو الإلتزام بمبدأ الحرية في التواصل ،وتبادل الآراء بمساحات فكر واسع وتركيب عقلاني واسع، يمكن أن يشكلا قاعدة للتقدم".
في نفس الكتاب حين يقارن المفكر المهدي المنجرة بين النخب العربية و الغربية فإنه يضع إصبعه على سبب من أسباب تخلفنا: النخبة عندنا ,أو على الأقل نسبة مهمة من النخبة عندنا, تظل مرتزقة لأنها تبحث عن المناصب ولا تأبه في مبادراتها بربط الصلة مع القاعدة الشعبية ..إن أكبر حوار نحتاج إليه هو حوار داخلي مع شعوبنا وداخل شعوبنا .
أولوياتنا ماتزال سياسية تقدس السلطة وتهمش التنمية التي لطالما تطالب بها شعوبنا للنهوض بوضعها الإقتصادي والتعليمي وغيرها من مجالات البناء الإجتماعي...
نحن مدعوون للبحث عن وجودنا ،عن كينونتنا،نحن محتاجون لحركة نهضوية تساعد العرب و المسلمين والعالم الثالث لأن يستعمروا أنفسهم مادامنا لم نعد نملك ذاتنا اليوم".
دمت بخير وشكرا على طرحك القيم .


الساعة الآن 42 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية