![]() |
الآخر
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/18.gif');border:4px groove green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
الخطوات على الرصيف باردة.. انتابني شعور غريب بالخوف.. كان خلفي تماماً.. أنفاسه تكاد تحطّ على رقبتي.. أسرع، فيسرع... أتباطأ، فيتباطأ.. دار السؤال في رأسي واستقر" ماذا يريد مني.. ومن يكون "؟؟ كأنما استقرّ سؤالي في أذنيه، فأطلق ضحكة جعلتني أجفل وأرتعش.. التصق اللسان في مكان ما من الفم. جفّ الريق أو كاد.. تساءلت: أيمكن أن أكون جباناً إلى هذا الحد.. أيمكن ؟؟ ودوّت ضحكته من جديد. تواطأ صمت الليل معه.. تواطأت الأرصفة التي خلت من المارة.. كنت مثل رجل آلي يتحرك كما يريد له الآخرون.. خطواتي أصبحت مثل النشيج، ودقات قلبي لا تعرف الهدوء.. فجأة خطر لي أن أتوقف.. فتوقفت.. استدرت.. نظرت في عينيه.. كان وجهه قريباً من وجهي... أنفاسه تتداخل مع أنفاسي.. شفتاه الغليظتان تقولان أشياء غريبة دون كلمات.. بارتعاش قلت :" ماذا تريد" بقي ساكناً صامتاً.. قلت مرة أخرى" أريد أن أعرف من أنت؟؟" رسم ابتسامة عريضة على شفتيه.. مدّ لسانه ..ولم يجب.. فمسحت العرق البارد عن جبيني وتابعت المسير .. صوت خطواته يطرق أذني.. أخذ يصفر لحناً أحببته دائماً.. تمنيتُ أن يغني لأسمع صوته.. ولكنه آثر أن يمدّ اللحن دون غناء.. أخذت أتذكر الوجوه القريبة والبعيدة.. حاولت أن أجد وجهه بين الوجوه.. لكن دون فائدة.. الملامح غريبة.. النظرات المخيفة الساخرة لم أعرفها من قبل.. ترى من أين أتى وماذا يريد.. لا أستطيع أن أخمن.. أخذت أتذكر أفعالي وأعمالي منذ سنوات.. لا شيء يدفع الآخرين لترصّد حركاتي .. فجأة برز شخص من أحد الشوارع.. قلت :" جاء الفرج " وصحت" أنقذني.. هذا الرجل يريد أن يقتلني ".. اقترب هذا من ذاك.. تصافحا... ضمّ أحدهما الآخر وأخذا يدوران ويضحكان.. تمنيت أن يقول أحدهما للآخر شيئاً.. كان الحوار صامتاً.. وانتظرت.. أليس غريباً أن أنتظر. تصافحا.. تعانقا.. وسار الذي كان يتبعني وأشار بيده طالباً مني متابعة المسير.. ففعلت وسرت أمامه.. وصلت إلى نتيجة نهائية تقول: إنني ما عدت أستطيع أن أحرك ساكناً، وعليّ أن أطيع.. ولماذا أرفض ما دمت لا أملك مقومات القدرة على الرفض ؟؟؟ اقتربت من الشارع الذي أسكن فيه.. قلت في نفسي" الآن سيتركني.. لايمكن أن يتابع أكثر" ضحك بصوت مرتفع.. دخلت الشارع.. ظلّ ورائي.. باب البيت قريب.. خطوات وأصبحت أمامه.. أخرجت المفتاح من جيبي.. نظرت إليه، هزّ رأسه مشجعاً.. أدخلت المفتاح بالثقب وأدرته.. انفتح الباب .دخلت.. فدخل معي... أخذ يتجول في البيت وكأنه يعرفه منذ ألف عام ..تناول الطعام.. دخل الحمام.. تمدد على السرير.. وكنت أجلس فاغر الفم متقوقعاً على نفسي لا أعرف ماذا أفعل أو ماذا أقول... طلب بإشارة من يده أن أصبّ الشاي، ففعلت... تناول الكوب وأخذ يرتشف منه متلذذا.. رفعت كوبي فارتعشت يدي واندلق الشاي على ثيابي... ضحك واندلقت ضحكاته تملأ فضاء الغرفة.. بعد قليل أخذ يشخر.. فكرت أن أقترب من رقبته وأضغط عليها حتى يلفظ أنفاسه.. فتح عينيه ونظر إلي بتأنيب، فانكمشت وبقيت مصلوباً على الكرسي دون أي حركة" وكان الوقت يمر.. طويلاً.. طويلاً.. طويلاً.. [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN] |
رد: الآخر
الشاعر العزيز طلعت سقيرق ...كان خلفي تماماً.. أنفاسه تكاد تحطّ على رقبتي.. أسرع، فيسرع... أتباطأ، فيتباطأ.. دار السؤال في رأسي واستقر" ماذا يريد مني.. ومن يكون "؟؟
دخلت إلى صلب القصة مباشرة دون مقدمات أو إطالة في الشرح ..كان الأمر سريعاً بدأت تتكشف معالم الآخر بسرعة يبدو أنه يعلم كل شيء عنك يحسب خطواتك يعلم ماسوف تقول كيف تفكر ...هذا الآخر يلاحقك منذ زمن ولكنك لم تشعر بوجوده إلا الآن ..دائماً مانكتشف الحقائق في وقت متأخر وحينها فقط نطلب النجدة من شخص آخر ربما يكون ذا وجه مألوف أو ربما يكون مجهولاً ولكنه حتماً يعرف الشخص الذي يتربص بك ويساعده في مساعيه بدلاً من أن يساعدك وهذا مايوضحه كلامك التالي : فجأة برز شخص من أحد الشوارع.. قلت :" جاء الفرج " وصحت" أنقذني.. هذا الرجل يريد أن يقتلني ".. اقترب هذا من ذاك.. تصافحا... ضمّ أحدهما الآخر وأخذا يدوران ويضحكان.. وبعد ذلك كان حوارهما صامتاً لأن مثل هؤلاء لا يفصحون عن نواياهم ولا يعملون إلا بصمت ..أما نحن فلا نجيد إلا لغة الإنتظار الذي لا يثمر إلا عن نتائج سلبية نعرفها مسبقاً ورغم كل شيء نبقى ننتظر وهذا مايثبته كلامك : تمنيت أن يقول أحدهما للآخر شيئاً.. كان الحوار صامتاً.. وانتظرت.. أليس غريباً أن أنتظر. تصافحا.. تعانقا.. وبعد أن انتهى الحوار بينهما انتقل الآخر إلى حيز التنفيذ حيث يشرع بإلقاء الأوامر دون تردد أمام كل هذا الخوف الذي يربكنا ويجعلنا غير قادرين على خلق رد فعل يخالف الأوامر فنظل نستجيب لما يطلب منا وتكون النتيجة معروفة سلفاً مخطط لها منذ البدء الآخر سيدخل منزلنا ..سيتصرف كأنه صاحب البيت وسنصبح نحن الغرباء وهو صاحب البيت .. انفتح الباب .دخلت.. فدخل معي... أخذ يتجول في البيت وكأنه يعرفه منذ ألف عام ..تناول الطعام.. دخل الحمام.. تمدد على السرير.. وكنت أجلس فاغر الفم متقوقعاً على نفسي لا أعرف ماذا أفعل أو ماذا أقول... نعم هنا الحقيقة هو يعرف المنزل منذ ألف عام هو يخطط منذ ألف عام ونحن لم ندرك ذلك إلا حين أصبح الآخر في منزلنا وهذا الذي يجعلنا نتردد أكثر وأكثر و نشعر بالتوتر والآخر يشعر بقمة الارتياح :طلب بإشارة من يده أن أصبّ الشاي، ففعلت... تناول الكوب وأخذ يرتشف منه متلذذا.. رفعت كوبي فارتعشت يدي واندلق الشاي على ثيابي... وبعد أن تحل المصيبة نقرر البدء بالتفكير ولكن لا ننفذ أفكارنا ويبقى التفكير نظرياً أمام التردد الذي يمنع اتخاذ القرارات السريعة: بعد قليل أخذ يشخر.. فكرت أن أقترب من رقبته وأضغط عليها حتى يلفظ أنفاسه.. فتح عينيه ونظر إلي بتأنيب، فانكمشت وبقيت مصلوباً على الكرسي دون أي حركة" وكان الوقت يمر.. طويلاً.. طويلاً.. طويلاً.. سيبقى الوقت يمر طويلاً طويلاً طويلاً ونحن ربما نجيد التفكير ولكن لا نجيد التنفيذ ... شاعرنا العزيز طلعت سقيرق أشكرك على هذه القصة الرائعة ..التي جسدت فيها حقيقة حالنا العربي وحقيقة الآخر الذي دخل إلى أرضنا وبدأ يتصرف على نحو يدعي من خلاله أنه صاحب الأرض ونحن الدخلاء على حياته ..مودتي وتقديري.. |
الساعة الآن 09 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية