![]() |
الانتفاضة والوجدان
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/13.gif');border:4px ridge green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
سؤال يتبادر إلى الذهن بإلحاح يقول: هل رسخت الانتفاضة الباسلة في فلسطيننا فناً استطاع أن يخلق وجوداً متميزاً، من خلال تنوع في الأجناس؟؟.. أم أنه بقي أسير أحادية تمثلت بالشعر، ولامست أحياناً القصة، دون أن تلتصق، لصوق فعل وفاعلية، بالرواية والمسرح والسينما والرسم وما إلى ذلك من فنون وآداب؟؟.. لا أحد ينكر أن الشعر كان الأشد بروزاً وحضوراً وتواجداً في زمن الانتفاضة.. حيث استطاع الشعر أن يواكب الانتفاضة الباسلة مواكبة رائعة تبدت في قصائد كثيرة ملأت الصحف والمجلات والدواوين.. فكان الشعر بذلك، رائد الفنون جميعاً بمواكبة هذا الفعل الكبير.. وإن كان لنا أن ندرس الأسباب، نجد أن الشعر هو الأقرب إلى الوجدان والألصق به، وهو الأشد غلياناً وتوافقاً مع سخونة الحدث.. وأي دارس لا بد أن يجد أن الشعر في كل زمان ومكان، أقدر على مواكبة الأحداث الكبيرة، كونه نبع مشاعر وأحاسيس وانفعالات.. والانتفاضة تستدعي كل ذلك وتطلبه.. فالقصيدة تغلي وتفور وتصعد وتيرتها مع غليان وتصاعد فعل الانتفاضة.. لا نستغرب حين نجد أن استشهاد محمد الدرة على سبيل المثال، يستدعي كل هذا الكم من الشعر الذي ملأ مجلدات.. وحين نحصي القصائد التي قيلت في الانتفاضة وعنها، سنجد أننا أمام حالة استثنائية من بروز الشعر وكونه يشكل كماً هائلاً غير مسبوق، والظاهرة ظاهرة صحية إن عرفنا طبيعة الشعر من جهة، وطبيعة العربي من جهة ثانية.. فالشعر ذو خطى سريعة تناسب كل حدث آني، ولا تنتظر حتى تنضج وتكتمل.. وكثير من الشعر يموت حين ينتظر ويطول به مقام دراسة الحدث، لأن عاطفته ستبرد وتضمحل.. أما طبيعة الإنسان العربي العاطفية، فهي معروفة للقريب والبعيد.. لذلك نجده يميل ميلاً كلياً للتماهي مع انتفاضته التي تشكل ثورة على الظلم والعتمة والاحتلال.. فالإنسان العربي إنسان عاطفي بامتياز، وهذا ما جعل أكثر أدبنا شعراً، في القديم والحديث، ولا نستبعد أن كل عربي مسكون بشاعر.. لكن هل نعني بذلك، أن الشعر استحوذ على كل شيء في زمن الانتفاضة، وما عدنا نجد أي حضور للفنون الأخرى في هذا المسار؟؟.. طبعاً من غير المعقول أن نصادر كل القول في الانتفاضة لنجعله شعراً ليس إلا..!!.. إذ سيجد الدارس المتابع، أن الفنون كلها كانت حاضرة في زمن الانتفاضة بكثافة وشدة.. ولا نستطيع القول بغياب فن من الفنون بأي شكل من الأشكال. فالصورة واضحة جلية.. وإن كان الشعر أكثر حضوراً وتواجداً وبروزاً، فهذا لا يعني غياب بقية الفنون بنسب تتفاوت فيما بينها.. قد تكون القصة القصيرة من الفنون التي تأتي بعد الشعر مباشرة، كونها الأقرب إلى طبيعة الشعر، والأقدر على اختزال الزمن والشخصيات ومساحة الحدث.. فالقاص، لا يحتاج إلى وقت طويل، كي يكتب قصة تصور شخصية ما من شخصيات الانتفاضة، أو أن يصور حدثا من أحداثها.. لذلك كانت القصة القصيرة فنا شديد الحضور والتواجد والخصب. وطبيعي أن يكون كاتب القصة القصيرة، أقرب إلى الشاعر في هذا المضمار.. نجد أن الرواية تواجدت، كما المسرحية، والدراما أو التمثيلية.. ولكل نوع من هذه الأنواع حضوره الهام المؤثر.. لكن يأتي حضور الفن التشكيلي ليكون لافتاً بارزاً، كونه الأقرب إلى الشعر والقصة.. ومن يتابع ما رسم من لوحات، وما أقيم من معارض، سيلحظ أن المساحة جد واسعة، وجد كبيرة.. مما يعني أن الفنون جميعاً كانت حاضرة في زمن الانتفاضة، الحضور المعبر القادر على تمثل حدث كبير كحدث الانتفاضة.. هذا الحدث الذي شكل ظاهرة صمود لا مثيل لها.. وإذا كان الفن معبراً عن الانتفاضة الباسلة بهذا الشكل، فلأنها كانت انتفاضة رائعة لشعب قاوم ويقاوم احتلالاً غاشماً لا يعرف غير التخريب والتدمير والقتل.. قد يسأل سائل وماذا عن القيمة الفنية لكل ما قدم من أعمال في هذا المجال.. وظني أن هذا يحتاج إلى دراسة معمقة واسعة، إذ من الظلم، أشد الظلم، أن ننساق وراء أحكام جاهزة لا تغوص في عمق هذه الأعمال كي تدرسها دراسة وافية شاملة.. [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN] |
الساعة الآن 44 : 01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية