![]() |
صومعة على حافة الطريق
[frame="5 98"]
هل أشتاق إلى وطن سلخ أبناءه عند عتبات التاريخ؟ نسي حاضره وبدا المستقبل باهتاً، وأصبح الماضي هاجساً يؤرق عظام الذين صنعوا أركانه. ما نزال نبحث عن ظلالنا وعن انعكاس الحياة في فضاء المرآة. هل أشتاق إلى وطن لم يعد يتّسع لكلماتي؟ وبدا الحنين كلّ ما تبقى من وصال. كيف أستعيد تلك الذكرى الغارقة في قرن من الزمان مضى، وتركني تائها في حضرة يومي المتسارع. الآن أدركت كم أنا ضئيل، أمام ابتسامة طفل، لم يدع البراءة تهرب من محياه! الآن أدركت لماذا تسرع سيارة الإسعاف، حين تنقل مريض القلب إلى المشفى، ربما طابت له حالة الذهول، وأخذت الروح بالارتقاء إلى بارئها. ربما سئم العبث وهطول المطر، وتوالي الليل والنهار، والانحباس الحراري، وجموح النساء والوحدة القاتلة. دعوه يمضي حيث السكون والخلاص من عتمة النهار والضجيج الصامت المضني في الشوارع المكتظة بالحكايا. يا قلب، ربما ما زال في عضلتك بعض القوة فاخفق، حتى ننهي القصيدة، وينتهي العندليب من أغانيه، فالموال لا يحتمل مماطلة. دعه ينزف قافية أخرى، ربما انفجرت عيون المساء وشارفت على مقاربة نجمتين تلتقيان في اللامنتهي، حيث تقف بعض الملائكة عند حدود الوعي، رادعة كلّ من تسوّل له نفسه النفاذ إلى فتات الحقيقة. هكذا، حملت وطني على قلادة ذهبية، وضعتها على صدر صغيرتي، وصرخت في وجه الدنيا: "هذه فلسطيني، أفهمها بطريقتي الخاصة. ولا أقدر على المتاجرة بمأساتي، يكفيني امتيازاً أني سرقت من جلادي أسطورة الضحية، وسوف يدرك يوما ما، وربما يكون الوقت قد فات عندها، بأن أظافري حادّة للغاية، وعظامي يصعب تحطيمها، رغم الاغتراب واجترار الأمطار، وحرارة مياه الدانوب المتدنية، وصعوبة الصعود إلى الألب وسقف الدنيا أصبح لا يعني سوى فضاءً مفضوحا، ومرتعا للصقور العابثة. هكذا حملت وطني أنا المعارض لنهج الموت البطيء، ورهن حياتي بين يدي متسلط بالكاد يفك رموز الحياة. النار تشاط وترتفع حمى سعيرها، والاشتياق عصف بجوارحي. لماذا أطيل النظر في وجوه المارة أحياناً، هل يدركون بأن الشوارع والساحات والملاهي والمسرح والمقهى والثرثرة في أصول الليل لا تنتهي، تحوم الأصوات المتشابكة لتصبح غيمة واعدة. قَبِلْتُ دموعك، قبّلت جبينك، أمسكت يدك الباردة، تحسست جيدك المتفجر رغبة ونشوة، مارست طقوس العشق مع طيفك، راقصتك، همست في أذنيك بعضا من أسراري، حملتك بين يدي كطفلة صغيرة .. قَبِلْتُ دموعك، قَبَلْتُ جبينك. الآن أدركتِ حكايتي، وكأني ورقة مفتوحة بين يديك، من عادة النساء حرق الأوراق حين الضجر! حاذري يا امرأة، فأنا ما زلت عاشق، لم أنهِ الفصل الأخير من كتابي، ربما بقيت نقطة لم أكورها عند تخوم النهاية، والاشتياق اختزل ربيعي. حاصرتني ثلوج ((الريلا)) قبل عقد من الزمان، كنت ثملا وكأني والربّ على موعد، وكانت الدببة تضرب على صدورها معلنة ملكيتها لكثبان التلوج العارمة. وانا مجرّد يفاعة تزحف في هذا الملكوت الأبيض. كلّ ما حولي أبيض، أبيض. حتى السماء خجلت من نصاعته، فابيضت عيونها وحاصرتني النجوم خجلة. يومها كدت أسقط فريسة بين مخالب دبّ صغير بحجم عربة، لكن دعاء أمي والكيروان والاشتياق والمسبحة وطعم الليمون في حديقتي الصغيرة، وقلادة الذهب – خارطة الوطن على صدر صغيرتي، والعنبر والمسك والصخب في سوق الحميدية، وشوارع القدس القديمة، وشارع المتنبي، والكرخ والرصافة، وشارع الرشيد، وخان الخليلي، والغورية، وحي السيدة زينب، والزقازيق، والكورنيش في بيروت، والجامع الحسيني والساحة الهاشمية وقصر الثقافة في رام الله ((محمود درويش)) وقريتي الراقدة بالقرب من سدرة المنتهى، وقلبي الذي ارتسم خطا بيانيا متعرجا. كل هذا سمّر الدب الصغير مكانه، قرأ في عيني حكاية حضارة تحارب النسيان، فمضى يبحث عن فريسة يسهل طحن عظامها، مضى بعيدا عن الهمّ الشرقي، كان يخشى أن تهاجمه ذكرياتي دفعة واحدة. قررت نصب صومعتي عند حافة الطريق، لكم أن تشتموني، ولكم أن تزوروني وحيداً في صومعتي. وسوف أقدم فنجان القهوة مطحونا بالهال وشيئا من روحي. تعالوا إلى آخر ما تبقى لي في هذا الاغتراب، حفنة عشق وبعض الحلوى وأنا وأنت تجربة لم تكتمل .. [/frame] |
رد: صومعة على حافة الطريق
[frame="2 98"] بل نزورك يا خيري.. و سنُبقي على الزيارات.. و سيدوم تواصلنا إن شاء الله. انت نافذة من نوافذ الوطن.. من خلالها نتنفس عبير الأنتماء.. فتنمو جذورنا اعمق من خلف الحدود.. و تزدان الأفئدة العاشقة بالحب و العطاء. دائماً.. قلمك ينبض بالصدق.. يُميزه عمق المشاعر.. و عذوبة الكلمات المعبرة. كل المحبة استاذي الغالي. ابن البلد [/frame] |
رد: صومعة على حافة الطريق
[frame="13 98"]
[frame="5 75"] قررت نصب صومعتي عند حافة الطريق، لكم أن تشتموني، ولكم أن تزوروني وحيداً في صومعتي. وسوف أقدم فنجان القهوة مطحونا بالهال وشيئا من روحي. تعالوا إلى آخر ما تبقى لي في هذا الاغتراب، حفنة عشق وبعض الحلوى وأنا وأنت تجربة لم تكتمل .. [/frame] [align=CENTER][table1="width:95%;background-color:burlywood;"][cell="filter:;"][align=center] والله يا استاذي احنا هلأ في زمن الحصار لا نجيد الإ الحصار والمقاطعة وفرض الرأي هذه اسلحتنا الحديثة المستخدمة حاليا ً وأخر شيء عنا القبور أما صومعتك فهذه شيء حلو كتير ومن الطراز الحديث ويمكن لو لفيت غزة كلها قشة لفة ما بتلاقي فيها فنجان قهوة بالهيل لذلك احنا راح نزورك بس مش عشان القهوة ... لأ علشان انت لو بآخر الدنيا بتنزار [/align][/cell][/table1][/align] [/frame] |
رد: صومعة على حافة الطريق
امة من المحيط الى الخليج هي في صومعة على حافة الطريق تستجدي رغيف خبز لمليون ونصف فلسطيني نزل بهم حكم الاعدام العربي قبل اليهودي سيدي
اتمنى ان يكون لي بجانبك مساحة قدم مربع لعلي ادفن فيه راسي وووجودي فوجودنا لا شيء دمت بوطن غالي في قلبك |
رد: صومعة على حافة الطريق
اقتباس:
بيتي هو بيتك وفي صومعتي متسع لصديق دائم الحضور. قلوبنا تنبض وطنا، ولا نملك سوى العطاء، أينما كنا. شكرا لك يا ابن الوطن محبتي [/frame] |
رد: صومعة على حافة الطريق
اقتباس:
على أية حال، كلّ الهال على حسابك، لك ولأهل غزة الذين يعانون شتى ضروب الحصار القاسي والظالم. صومعة أتعبد بها وأطلب الرحمة لهذا الوطن الذي لا يهنأ الآن برغيف الخبز على الأقل. شكرا لحضورك حبتي [/frame] |
رد: صومعة على حافة الطريق
اقتباس:
العزيز عمران الشيخ هذه الأمة لا بد وأن تخلق قادة كبار قادرين على تخطي هذه الأزماتز الأوروبيون دخلوا حربا كونية قبل 45 سنة. وتمكنوا الآن من إعلان وحدة أذهلت الكون. أتمنى أن نتعلم دروسا من التاريخ ونحن من يقدر على صناعته ثانيةز محبتي [/frame] |
رد: صومعة على حافة الطريق
الأستاذ العزيز خيري حمدان ...خاطرتك تزور الماضي ..تزور التاريخ وشوارعنا العربية الشهيرة ...تذكر محمود درويش وتضع حوله قوسين ..قلتُ في نفسي لماذا القوسين ..عرفت الإجابة عندما سمعت صوته يقول أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ..عرفت أن كسرة الخبز لا توجد في غزة ..طعم البن أصبح مراً كلونه الأسود ...بعد أن قرأت خاطرتك أقول أن حافة الطريق يوجد بالقرب منها شارع ممتد الطول علينا أن نبدأ بخطوة واحدة وبعدها نقترب أكثر وسوف نزورك يوماً في فلسطين ..مودتي وتقديري...
|
رد: صومعة على حافة الطريق
شددت رحالي ولو متأخرا لتأخذ وجهتي صومعتك .. على الأقل سأجد فيها ما يكفيني من ارتشاف قهوة نكهتها الأمل وروح يملأها التحدي وتفورعشقا وحلوى لها طعم شوارع القدس العتيقة .
أروع ما في الخاطرة أن الإحساس بالإحباط والمرارة يوازيه شعوربالتحدي و التشبث ولو بخيط رفيع من الأمل .. وكأني بالأحرف تصيح ملء فيها :"كيف يعقل أن أتخلى عن ماضي وحاضري و مستقبلي لمن لا ماضي له ولا حاضرله ولامستقبل له " سعدت بالمكوث لحظات في صومعتك وأستأذنك في زيارتها بين الفينة والأخرى لأنني - وبكل بساطة - أحس بقهوتك و حلواك و عشقك وروحك تنفث في قوة و تصميما . دائما في الموعد مع الإبداع أخي خيري . دمت بكل المودة . |
رد: صومعة على حافة الطريق
اقتباس:
يبدو بأن الخواطر لا تنفصل عن مسار التاريخ، فنحن جزء منه. ومحمود درويش بعد رحيله عنا انضم إلى ركب الكتاب والشعراء العظام الذين سجلوا أسماءهم في كتب التاريخ والأدب الخالد. اما زيارة فلسطين فهي امل لي ولك وأتمنى، وأتمنى يوما أن يضمنا ترابها وحواكيرها والمسجدالأقصى ورائحة الوطن. دمت بخير ومحبة [/frame] |
الساعة الآن 49 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية