منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الأدب الساخر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=63)
-   -   المارد و حمية الدم (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=788)

رشيد الميموني 08 / 01 / 2008 32 : 02 AM

المارد و حمية الدم
 
المارد وحمية الدم

أظلم الجو و اكفهر ، وغامت السماء ، ودمدمت الرياح مثيرة نقعا وأسى في نفوس ثائرة جامحة . ماذا يهم إن غنم الأسد أو اندحر؟ إن فاز الحصان أو خسر؟.. طفح الكيل وبلغ السيل الزبى والقلوب الحناجر . حتى البحر لم يعد ملاذا من أجل السكينة وبث الشكوى ، وصار عرضة للارتجاج قبل أن ترتج قشتالة أو كاليسيا أو كاطالونيا .. الداء وبيل والشر مستطير و الحمية لا تجديها " العزائم" و لا الولائم نفعا .
الحمية تكتنفها بعض الغرابة في زمن متخم بكل ما لذ وطاب ، وبكل ما يدغدغ البطنة ويمحو الفطنة . لكنها حمية تبعث على الأمل بعد أن استشرى الداء في العظام حتى طال النخاع ... جسد مثخن ، دوده يثير الغثيان .. والبحر ؟.. آه لو كان هذا البحر الذي فقد نصاعته منا يسد رمقه ، وليت سماؤه تعج بسلوى تطهر بطنه من العفن . هل يكفي ؟..لا ، فللحمية طقوس ومراسيم يجب اتباعها بخشوع وابتهال... الدم.. أول وصفة لها .. يسفك دم عجل له خوار ، و بقرة صفراء ذات أوصاف محددة ، ثم يخلط الدمان ، ويحمل الخليط إلى ضريح ناء حيث يملأ شمعدان منه بعد أن تنتزع شمعاته . يلي ذلك انتظار اكتمال البدر ليعج أديم السماء بالنجوم المتلألئة . ينتقى منها واحدة ، ويرش عليها بالسائل القاني قبل أن ينتهي الليل...
الليل... مهد الأحلام ومنبع أنات النفوس الصامتة ، الرازحة تحت وطأة العيون المتربصة . سينتهي الليل بعد أن ينام الوطواط منهكا ، ويستيقظ الديك مؤذنا ، وينطلق الهدهد عابرا المسالك والممالك ليعود بأشهى الأخبار، عل وعسى يبرأ هذا الجسد العليل الذي حارالحكماء في تشخيص دائه قبل أن يسعفهم القدر ودنو الخطر ببصيص من نور اهتدوا به إلى كون هذا الجسد مملوكا ، وأن مالكه مارد من أخبث المردة الذين عاثوا في كل الأجساد فسادا .
قال حكيم من الذين غاصوا في أعماق الأسفار وحفظوا المتون ودرسوا كل الألواح:" لا يهم الزمن.. أربعون حولا ، أو مائة ، أو حتى ألف لا يعني خلود المارد في الجسد ، شرط أن تتبع الحمية بكل عناية و إصرار.. عندئذ – يؤكد الشيخ الوقور- إما النزوح وإما الحلول والذوبان.."
أما زميله ، وهو خبير في اصطياد المردة بطريقته الخاصة ، فأردف قائلا :" كم من مارد حل وارتحل ، تشبث ونزح... كيف؟... أنا أضيف إلى حمية الدم عملية استئصال مضغة سوداء تعري المارد و تظهره على حقيقته ، فلا يبدو منه سوى سوأ ة تزكم الأنوف ، ومذلة تثير الاشمئزاز... والويل كل الويل لمن تثير المسكنة شفقته أو تحرك الذلة أوتار رحمته ."
وحين يتشنج الجسد وتلتحم مفاصله ، يكون مفعول الحمية قد بدأ يسري ، في انتظار اليوم الموعود حيث يلفظ المارد إلى غير رجعة ، تائها إلى ما لا نهاية .

ميساء البشيتي 10 / 01 / 2008 59 : 09 PM

رد: المارد و حمية الدم
 
[frame="2 10"]
[frame="15 85"]

أخي رشيد حسن


((قال حكيم من الذين غاصوا في أعماق الأسفار وحفظوا المتون ودرسوا كل الألواح:" لا يهم الزمن.. أربعون حولا ، أو مائة ، أو حتى ألف لا يعني خلود المارد في الجسد ، شرط أن تتبع الحمية بكل عناية و إصرار.. عندئذ – يؤكد الشيخ الوقور- إما النزوح وإما الحلول والذوبان.." ))

لا يهم الزمن المهم ان لا نفقد الصبر والا نفقد الأمل

قصة رمزية جدا ً وتحمل من العبر الكثير

أحييك أخي رشيد واتمنى لك الصحة والعافية



[/frame]
[/frame]

رشيد الميموني 15 / 01 / 2008 53 : 07 PM

رد: المارد و حمية الدم
 
هو ذاك أختي .. الأمل والصبر هو ما تبقى
هي قصة كتبتها في لحظة لم تعد تستسيغ النفس أي شيء أمام هول ما قدم لنا على شاشة الفضائيات ، في يوم كنا نشارك بعض الإخوان على مائدة "العقيقة" ، فإذا بالكل يتسمر مكانه من هول المنظر . ولم نعد ننطق إلا بكلمة واحدة : محمد الدرة .
لا أريد أن أطيل ، أعتقد أنك فهمت ما أريد قوله .
شكرا لتعليقك ودمت مبدعة

خولة السعيد 19 / 05 / 2021 13 : 02 AM

رد: المارد و حمية الدم
 
المارد وحمية الدم أذكر أني قرأتها في ملفك القصصي لكني لا أذكر منها غير العنوان، لأن ذاكرتي تخبرني أنها كانت قد بدت لي كلغز حزين، الآن يا سيدي وأنا أقرأها كأني لأول مرة أفعل وربما لما يعيشه العالم العربي من أهوال، رأيتك ترسم حزن فلسطين وقد ضمنت القصص القرآني " عجل له خوار" و"بقرة صفراء ذات أوصاف محددة".. نعم إنها إشارة إلى بني إسرائيل، أعتقد أني لم أكن قد انتبهت إليها قبلا...
وأنا أكتب ردي هذا قمت بتجسس على رد لك هنا فتأكد لي ما قلته..
أ لم أقل لك إنك مبدع بحق؟! دام لك ذلك

رشيد الميموني 27 / 09 / 2022 38 : 11 AM

رد: المارد و حمية الدم
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 257867)
المارد وحمية الدم أذكر أني قرأتها في ملفك القصصي لكني لا أذكر منها غير العنوان، لأن ذاكرتي تخبرني أنها كانت قد بدت لي كلغز حزين، الآن يا سيدي وأنا أقرأها كأني لأول مرة أفعل وربما لما يعيشه العالم العربي من أهوال، رأيتك ترسم حزن فلسطين وقد ضمنت القصص القرآني " عجل له خوار" و"بقرة صفراء ذات أوصاف محددة".. نعم إنها إشارة إلى بني إسرائيل، أعتقد أني لم أكن قد انتبهت إليها قبلا...
وأنا أكتب ردي هذا قمت بتجسس على رد لك هنا فتأكد لي ما قلته..
أ لم أقل لك إنك مبدع بحق؟! دام لك ذلك

شكرا خولة ..
هذه القصة تؤرخ ليوم جمع بين الفرح والألم ..
الفرح لحضور حفل عائلي والألم لما حدث ذلك اليوم من مأساة راح ضحيتها صبي يحتمي بوالده في فلسطين المحتلة .
خالص المودة


الساعة الآن 23 : 06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية