![]() |
منامة مولانا السلطان
تروي كتب التاريخ ان مملكة الحكم ,قد ضيعهاابناء الخليفة, فاصبح لكل قطر سلطان ...
تجبر كل واحد اكثر من غيره,ففرضت المكوس,و قطعت الرؤوس,و حزنت النفوس . ولما تساووا في الغي, عذبهم الله تعالى واحدا واحدا باغرب عذاب. فقد ذكر الرواة ان كل ابناء الخليفة, كانوا يفزعون في منامهم, و يرون نفس الحلم الذي يقض مضاجعهم , ويطرد النوم عن اعينهم . ..واصل الحكاية ان الواحد منهم لا يكاد يغمض , حتى ينتصب له عبد اسود فارع الطول , مهيب الهياة , وبيده ملقاط ضخم ما يلبث ان يدخله بالقوة في فم مولانا السلطان , ثم يشرع في اقتلاع اسنانه غير مبالي بصراخه, إلى ان ينزعها كلها ,فيفيق السلطان مذعورا متشائما من حلمه البغيض . ...ارسل كل سلطان في طلب العلماء و المفسرين مسائلا :افتوني في رؤياي , واصدقوني القول و لا تكذبوا . ولان كلمة الحق عند سلطان جائر , معروف عاقبتها, فقد طارت رقاب كثير من المفسرين ..كان الواحد منهم يدخل على السلطان, ويقول : تفسير الحلم يا مولاي هو ان حكمكم سيتعرض للزوال على يد الاعداء, وسيموت ابناؤكم و زوجاتكم و جميع اهلكم بحد السيف .و ما يكاد ينهي كلامه حتى تفصل راسه عن جسده لانه اغضب مولانا السلطان ...ولكن المشكلة هي انهم جميعا قالوا صدقا , و نطقوا حقا, فكيف السبيل إلى مجاهرة السلطان الجائر , وهو لا يرضى بالتسليم بحقيقة منامته؟ .... تقدم رجل اشعث اغبر وقال : انا انقذكم و اصارح مولانا السلطان بتفسير ما يراه كل ليلة في المنام , وبعد ان اذن له بالكلام قال في حضرة مولاه : ابشر يا مولاي و انعم, إن تفسير المنامة هو ان الله تعالى, سيطيل في عمركم , و ستدفنون كبيركم , وتشيعون صغيركم, و تكونون آخر من يدخل القبور من قومكم . إنفرجت اساريرالسلطان و فرح بما سمع , ثم امر للرجل بجزيل العطايا و وافر الهدايا, ولم يدر ان ما قاله الرجل الاشعث هو عين ما قاله كل الذين فقدوا رقابهم من قبله في سبيل تفسير حلم مولانا السلطان ....وما هو إلا حسن التخلص , وجودة الطرح بما يجيز الممنوع و يحوله مباحا ... ...واقتتل ابناء الخليفة , فضعفوا و وهنوا , و فشلوا و ذهبت ريحهم . مات الازواج و الولدان , وضاع الملك والسلطان, ولم يبق سوى فم متهدل , ليس به اسنان .
|
رد: منامة مولانا السلطان
حكاية حكيمة تثبت كيف أنه يمكن صياغة نفس الكلام و المعنى بطرق مختلفة..وكيف أن التشبث بالسلطة و الحياة شيمة بعض البشر الذين لاينجون في نهاية المطاف لا من الموت ولا من تقلبات المصائر
تحياتي و تقديري |
الساعة الآن 44 : 03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية