|  | 
| 
 عائد إلى يافا.محمود درويش هو لآن يرحل عنّا و يسكن يافا و يعرفها حجراً.. حجراً و لا شيء يشبهه و الأغاني تقلِّدهُ.. تقلِّد موعده الأخضرا. هو الآن يعلن صورته- و الصنوبر ينمو على مشنقهْ هو الآن يعلن قصَّته- و الحرائق تنمو على زنبقهْ هو الآن يرحل عنّا ليسكن يافا و نحن بعيدون عنه، و يافا حقائبُ منسيَّة في مطارْ و نحن بعيدون عنه؛ لنا صُوَرٌ في جيوب النساء، و في صفحات الجرائد، نعلن قصَّتنا كل يوم لنكسب خصلة ريح و قبلة نار. و نحن بعيدون عنه، نهيب به أن يسير إلى حتفه.. نحن نكتب عنه بلاغاً فصيحاً و شعراً حديثاً و نمضي.. لنطرح أحزاننا في مقاهي الرصيف و نحتجُّ: ليس لنا في المدينة دار. و نحن بعيدون عنه، نعانق قاتله في الجنازة، نسرق من جرحه القطن حتى نلمِّعَ أوسمة الصبر و الانتظار هو الآن يخرج منا كما تخرج الأرض من ليلة ماطرهْ و ينهمر الدمُ منهُ و ينهمر الحبر منّا. و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرهْ على خنجر ٍ؟ و المساءُ بعيدٌ عن الناصرهْ! هو الآن يمضي إليه قنابل.. أو برتقاله و لا يعرف الحدَّ بين الجريمة حين تصير حقوقاً و بين العدالهْ و ليس يصدِّق شيئاً و ليس يكذِّبُ شيئاً. هو الآن يمضي.. و يتركنا كي نعارض حيناً و نقبلَ حيناً هو الآن يمضي شهيداً و يتركنا لاجئينا! و نام و لم يلتجئ للخيام و لم يلتجئ للموانئ و لم يتكلَّمْ و لم يتعلَّمْ و ما كان لاجئ هي الأرض لاجئةٌ في جراحه و عاد بها. لا تقولوا: أبانا الذي في السماوات قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منّا و عاد.. هو الآن يُعدمُ و الآن يسكن يافا و يعرفها حجراً.. حجراً و لا شيء يشبهه و الأغاني تقلِّدهُ. تقلِّد موعده الأخضرا لترتفع الآن أذرعةُ اللاجئين رياحاً.. رياحا. لتنتشر الآن أسماؤهم جراحاً.. جرحا. لتنفجر الآن أجسادهم صباحاً.. صباحاً. لتكتشف الأرضُ عنوانها و نكتشف الأرضَ فينا. | 
| الساعة الآن 38 : 10 PM | 
	
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. 
 
 Tranz By Almuhajir  *:*:*  تطوير ضيف المهاجر 
	
	
 الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
 جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
 لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب 
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية