![]() |
النفق التاسع / هل الكتابة نوع من الاحتراق ؟؟..
[align=justify]
قالت هنية البحري : هناك حاجة دائمة للصراخ ، أتدري لماذا ؟؟.. أريد أن أسألك هل هناك بعض الناس أغبياء بالفطرة التي لا ينفع معها أي شيء ؟؟.. لماذا تنظر إليّ هكذا لم أقل كفرا .. أراك أحيانا في ضيق فأكاد فعلا أخرج من جلدي لأنني اعرف أنك تعاني ما تعاني من هذا وذاك .. رغم ذلك عليك أن تصمت ..أن تهز رأسك دون أن تقول شيئا.. هل أنا مخطئة ؟؟.. كأنك لا تريد أن تقول شيئا هل أضربت عن الحديث ؟؟.. ما ذنبي أنا؟؟..الناس هم الناس في كل زمان ومكان ، صدقني لم يتغير شيء من يوم آدم وحواء .. قابيل قتل هابيل واستمرت الحكاية ..ماذا تغير .. لا شيء .. هناك شيء غريب مزروع في عقل الإنسان هو الحقد والغيرة والكراهية التي قد لا تجد لها سببا في كثير من الأحيان .. رغم ذلك هي موجودة ..لماذا ؟؟.. لا أحد يعلم ..أو الكل يعلمون ولا يعرفون كيف يفسرون ذلك .. هل باستطاعتك مثلا أن تقول لي في عالمكم أنتم الكتاب ، لماذا يغار هذا من ذاك ، وذاك من هذا ؟؟.. ما الداعي إلى كل ذلك ؟؟..فعلا أبحث عن إجابات ولا أجد .. أتدري بما انك لا تريد أن تجيب أجد الأمر مضحكا .. الكاتب يحاول أن يضيف للعالم شيئا يجعله أفضل من ذي قبل بالتأكيد رغم ذلك هو مطارد من الكتاب والقراء معا..سؤال اعتبره اعتراضيا : لماذا لا يحب الناس أن يكون أحد أحسن منهم ؟؟..لماذا يتضايقون عندما يحصل القريب على شيء جيد ، ولا يدققون على ذلك عندما يحصل الغريب على نصف العالم ..هل يعني هذا أننا نكره القريبين منا ؟؟.. لماذا ؟؟.. /كنتُ أسير في شارع طويل لا يريد أن ينتهي ..كانت هنية تمشي إلى جانبي وتقول أشياء كثيرة لا تريد أن تنتهي .. في كلامها الكثير من الحقائق إذا لم اقل إن كل كلامها حقائق ..لكن بالفعل لم أكن راغبا في قول شيء .. هكذا مثل مطر خريفي هطلت على الجو المحيط بي مساحة من الصور..كان خالي يحيى يمشي إلى جانبي ..كان كعادته يضحك..يحكي عن أشياء كثيرة ويضحك ..شوارع دمشق مليئة بالوجوه ..كنت اشعر رغم ضحكاته انه يحمل في داخله كما لا نهائيا من الحزن والقهر والشوك .. كنت أتصور أن يديه تقطران دما من كثرة الشوك .. الظروف الصعبة التي كان يعيشها لم تكن عادية ..صعب أن يفهم احد معنى هذا التناقض الذي يعيشه إنسان مثله.. اكبر مشكلة كان يعيشها ولم يفهمها احد للأسف أنه كان يربت على كتف طفل مكسور في داخله ..طفل ينظر إلى العالم فيراه اسود أكثر مما يجب ، كئيبا أكثر مما يجب ..داميا أكثر مما يجب ..هل كان علينا أن نفهمه أكثر كي نجلس معه على الضفة التي كان يجلس عليها ؟؟.. /قالت هنية البحري وهي تسحب يدها من يدي : أشعر كأنّ يدك متخشبة..لا باس لا تقل شيئا لكن لا داعي لكل هذا التشنج الذي تشعر به وتجعله ينتقل بسرعة غريبة إلى يدك وكل جزء من جسمك .. تمشي كأنك في نعش ..كأنك ميت منذ مائة عام .. عندما تعاهدنا كنا ننظر إلى مدينة بعيدة اسمها حيفا وإلى عودة لا تكاد تشبهها أي عودة ..الآن اشعر انك مكسور مترهل حزين أكثر مما يجب أتظن نفسك غير كل هؤلاء الناس ؟؟.. أتدري أكبر مشكلة يعيشها الناس تتحدد في أنّ كل واحد منهم يظن انه جيد وان البقية سيئون .. أولاده جيدون وأولاد غيره سيئون .. بيته أحسن بيت وبيت الآخرين مسخرة .. مع أن الحقيقة ببساطة أن الجميع سيئون إلى هذا الحد أو ذاك دون استثناء .. الإنسان بطبيعته عدائي وسيء وكاره لكل شيء .. حتى من يدعون الدين في أحسن حالاتهم يجعلون من غيرهم كفرة ومن نفسهم مؤمنين .. الحياة هي الحياة فيها ما فيها من الحلاوة والمرارة فلماذا نحملها أكثر مما تحتمل ونجعلها صورة سوداء بل شديدة السواد .. هل تحب ؟؟.. السؤال ليس مفاجئا لك ..حتى حبيبتك تتهمك بالتغير وتكاد تقضي عليك دون أن تشعر بمثل هذا الاتهام .. ماذا ستقول لها ، وكيف عليك أن تثبت انك تحبها بما يكفي لتشعر بالأمان ؟؟..ستظل مثل كل نساء الأرض تتهمك وتشعر وحدك بالاختناق ..لن تنتهي المعادلة خطواتك محسوبة وأهم ما فيها أن برهانك يحتاج إلى برهان .. /في كثير من الأحيان كنت أظن أن خالي يحيى مات قهرا أكثر من المرض ..هذه قناعة من الصعب أن اقتنع بغيرها .. مرارة العيش دهسته قبل أن يدهسه المرض ..كان مسكونا بهاجس غريب من الرعب الذي تفرضه الحياة ..من الداخل كانت هناك في داخله هشاشة لا تحميه من الخارج القاسي بل شديد القسوة ..الوجوه التي رآها كانت كلها محبة بطبيعة الحال ، خاصة الوجوه القريبة .. لكن لم يكن احد يدرك من هؤلاء القريبين والبعيدين أن هناك دمعة في القلب ..هذه الدمعة بحجم العالم والعمر .. كان يداريها بالضحك ..ربما بالضحك من الوجع والدنيا وعدم قدرة الآخرين على فعل أي شيء .. نحب الناس .. لكن حين نشعر بضعفهم أمام العاصفة تنكسر أشرعتنا دون أن ندري .. كان بحاجة إلى الحب .. إلى حب حقيقي يرفع القناع عن الوجوه كلها حتى وجهه .. هل هذا غريب !!؟؟.. نعم .. الطبيعة وحدها هي التي لا تضع قناعا ..خالي يحي قبل رحيله كان بحاجة إلى وجوه مصنوعة من ورق الطبيعة..وهذا لم يكن ممكنا بأي حال.لأن الإنسان بطبيعته سيبقى هذا المخلوق الذي يضع القناع على وجهه ..طبعا تختلف الأقنعة من واحد إلى آخر .. كانت ورقة التوت كافية من قبل أن ترفع هذا القناع أو تزيحه ..لكن ورقة التوت صارت في خبر كان .. صار القناع يزداد ثم يزداد ثقلا حتى صار يدمينا ..كلما اقتربنا من الحياة المادية تزداد الحياة ثقلا ويزداد القناع سمكا .. لماذا ؟؟.. لأن العجلة تدور للوراء في هذه الحسابات التي قد تكون سيئة بشكل ما ..الطفل يحاول أن يضع القناع جانبا .. لكن التوفيق بين عمر يمضي وسلوك وأحاسيس ومشاعر يبقى أمرا بعيدا .. لذلك كان عليه أن يجلس على عتبة اسمها الموت ويمضي .. /قالت هنية البحري : أحيانا أجد انك تريد أن تقول الكثير ..يبقى الكلام مكسورا على عتبة ما في زمان أو مكان ما .. من غير المجدي أن تبقى صامتا حتى حدود البحث عن شيء آخر غير الكلام يعبر عما تريد قوله .. كل الأشياء تؤدي إلى شيء واحد ..الرسم ..الموسيقى .. التمثيل .. الحياة سطر واحد لن يتغير بين ليلة وضحاها ..في كل يوم نضيف كلاما جديدا لكلام قلناه من قبل فماذا ستفعل ؟؟..هل ستغير العالم ؟؟.. ستبحث وتبحث ثم تقوم إلى قلمك وأوراقك كي تكتب .. هي الحقيقة .. وإن كنت تظن أن الأقنعة ستزول فأنت واهم .. القناع هو الشيء الوحيد الحقيقي .. [/align] |
رد: النفق التاسع / هل الكتابة نوع من الاحتراق ؟؟..
[align=justify]
شاعرنا وأديبنا الكبير أستاذ طلعت أيها الغالي.. شرق الدمع وأنا أقرأ.. صدقني كنت ألهث من شدة الألم كل منا يحمل جثته.. يحمل نعشه.. وعمي يحيى يضحك.. كان دائماً يضحك وعيناه حزينتان.. يضحك حتى لا يبكي.. ملهاة الحياة مأساة ومأساة الحياة ملهاة.. وكلنا نضحك.. نضحك حتى نمنع الدموع من فضح ضعفنا وما زال في كل لحظة قابيل يقتل هابيل وعلى طقوس الموت ورائحة الدم الكل يضحك... الأقنعة تزداد سمكاً.. الأقنعة أصبح لها أنياب وأظافر تنهش وتضحك.. الأقنعة تضحك ونحن من خلفها نبكي.. تعال يا صديقي نبكي بحرية فالدموع نعمة.. شكراً لك لأنك أخرجتني من خلف قناع الصمت وجعلتني أحترق وأمارس إنسانيتي بحرية... أحترق وأبكي.. أبكي وأحترق... [/align] |
رد: النفق التاسع / هل الكتابة نوع من الاحتراق ؟؟..
[align=justify]
الأستاذ طلعت : لواعج الكتابة تستمد ديمومتها من ذلك المزيج العجيب بين نتوءات الذاكرة و عظمة الشخصية الإنسانية التي تتسامى عن كل المنحدرات المعرفية. ممارسة الكتابة مثلما يتراءى في العنوان الحصيف الذي اخترته لهذه المقالة، لا ترتكز على الممكن المتاح بواسطة المعرفة، لأن الكتابة بكل اقتضاب انتاج للمعرفة، احتراق من أجل اهتياج المعرفة الإنسانية و اقتراب وميضها من نقطة اللانهاية. و يكون للكتابة مفعول إنساني عندما تتفادى اقامة علاقة ترادف بين الفراغ و العبقرية أو الإستثناء. وإن كنت تظن أن الأقنعة ستزول فأنت واهم .. القناع هو الشيء الوحيد الحقيقي .. إذا كان القناع فاصلا بين الحقيقة و الوهم، فإنه حتميا ينتمي إلى الحقيقة انطلاقا من الخصوصية الإرشادية للوظيفة الوحيدة التي يتفانى القناع في أدائها. أعتقد أن الإحتراق عند الإحساس بالإنفجار الإبداعي يمثل مستوى الإنتصاف بين المازوشية و السادية في حب وطن ما أو قضية ما. مقال جميل.....تحياتي أستاذ طلعت [/align] |
الساعة الآن 03 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية