الأبواب المغلقة (1)
مدّ كفهُ إلى كفِّها ، و افترشَ راحَةَ يدها ليُُودِعها دموعه و همومه .
و تحتَ سحائب الحُزن الذي غشيَه ،مرَّ شريط ذكرياتِ الحُبِّ ،كأنه برقٌ لاحَ في الليلة الظلماء،
لم يكن يتصور أن سنوات قربِها سَتُختزَل عندما يمزّق الفراق صفحة الوصال.
خلف الباب ، نادَته زوجته :
:كفى يا عمر ، هَوّن عليك ، لقد حضر أخوالك و معهم الطبيب، أرجوك افتح الباب الآن .
رسم قبلة أخيرة على جبينها ، و ألقى نظرةً كَسَرَتْ بريقََهَا بَسْمَتُها الشّاردة،
ثم فتح الباب ليصطدِمَ بِيُتمه.
=======
الأبواب المغلقة (2)
حاولتْ بشتَّى الطُّرق جعلهُ يتوقف عن ذلك البُكاء البغيض ، لا فائدة ،
إحتضنته و جلست تقاسمه معاناته .
سمِعَهُما وهو يقتربُ من الباب ، فتحه ، نظرَ إليهما نظرة إشفاق ثم قال :
:لقد تم قبوله في معهد خاص ، لكن، بالعاصمة .
كانا منهمكين في تفحص محتوى رسالة المعهد ، عندما رتَّبَ الصّغير أجْزاء لُعْبَته المفضلة ،
و شكل منها حائطا بِطولِ قامَته ،
و دخل من بابه الضيق إلى رَحْبِ عوالمه.
=======
الأبواب المغلقة (3)
ما إن دخلَ حديقة المَنزل ، حتى اندمَجَتْ روحُه مع ضَجيج أطفالهِ الثلاثة ، وقد ميّزصوْتَ ابنته،
:هذه سارة التي لاتملُّ من مُمَارَسَةِ سَيْطَرَتِها على أَحْمَد .
: و هذا صراخ هشام ، لا بدَّ أنه يُريد أن ينام لكن لم يستطع وسط هذا الهرج و المرج .
أسرعَ الخطو إلى باب الشقة ،
: أعانك الله عليهم يا صفيّة .
فتح الباب ، كأنَّ قدمَه تَسَمَّرَتْ بالأرض ، رفَعَ رأْسَهُ نَحْوَ صُورَة زوجته و أطفاله،
شَخَصَ بِبَصَرِهِ هُناك ، غَالَبَ الدَّمْعَ الذّي أَطَلَّ مِنْ مُقْلَتَيْهِ ، يحْتَرق شوْقا
و غصَّة و أنينا.
لنْ يَسْتطيعَ المُكوث في المَنْزِلِ هذه المَرَّةِ أّيْضا.