عرض مشاركة واحدة
قديم 11 / 12 / 2010, 50 : 01 PM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

الأدب الإسرائيلي وتشجيع الاستيطان

الأدب الإسرائيلي وتشجيع الاستيطان
محمد توفيق الصواف
في مقال نُشر في أوائل عام 2001، كتب الروائي الإسرائيلي (دافيد غروسمان):
(حان الوقت لكي يسأل جميع الإسرائيليين أنفسهم بصدق وأمانة عما إذا كانوا مستعدين للموت من أجل عشرات الآلاف من المستوطنين الذين يعيشون في جيوب معزولة وسط سكان عرب. هل هم مستعدون لتعريض حياتهم وحياة أبنائهم للخطر من أجل الدفاع عن تلك المستوطنات؟!!)..
سؤال هام، ولكن ربما كان الأهم منه هو أن يسأل غروسمان نفسه وكذلك كل الإسرائيليين الذين يخاطبهم، من الذي شجع الاستيطان الإسرائيلي في الأرض العربية، ومن الذي دعا إليه، ومن الذي روج له بمختلف اللغات، قديما ومازال يفعل حتى الآن؟؟؟
تدلنا القراءة المتمعنة للأدب الإسرائيلي، والأدب الصهيوني قبله، أن موضوع الاستيطان في الأرض العربية يعد، مع موضوع الدعوة إلى الهجرة لفلسطين وتشجيعها، من أهم موضوعات هذا الأدب، ومن أقدمها ظهوراً..
ولن أذهب في تاريخ الأدب بعيدا بحثا عن الأمثلة والشواهد المدعمة لهذا الرأي، بل تكفي إشارات قليلة، للدلالة على صحته.. إشارات نعثر عليها بسهولة في نتاجات الجيل الأول من أدباء إسرائيل، ولا نفتقدها في نتاجات الأجيال التالية له حتى الآن.
ومن القراءات المتعددة لنتاجات هؤلاء الأدباء على اختلاف انتماءاتهم، نلاحظ أن معظمهم دعوا يهود العالم إلى اقتلاع أنفسهم من مواطنهم الأصلية والهجرة إلى فلسطين، واستيطانها.. ومعظمهم رسم لحياة المستوطنين فيها صوراً دعائية جذابة تغري من لم يهاجر بالهجرة، وكان هذا جزءا من مخطط سياسي واسع ساهم الأدب في تحقيقه دعما للقيادات السياسية الصهيونية ثم الإسرائيلية..
والآن، وبعد أن صار الاستيطان عقيدة لدى الكثير من الإسرائيليين، وبعد أن صار لهذه العقيدة أتباع، يكتشف البعض، في إسرائيل، أن عقيدة الاستيطان فاسدة، وأن الموت في سبيل مبادئها هو موت غبي..
جيد هذا الاكتشاف، ولكن من الضروري أن لا يقف محققوه عنده، بل أن يتجاوزوه إلى إنتاج أدب جديد يتحدث مؤلفوه، وبصراحة عن الاستيطان كاغتصاب لحق الآخرين، وعن ضرورة رد هذا الحق إلى أصحابه.. ويجب أن يتحدث الأدباء المناهضون للاستيطان عن ضرورة توقف دعم المستوطنين ومدهم بالمال والسلاح والتشجيع على العنف ضد العرب..
لا أعتقد أن أيا من أدباء إسرائيل سوف يكتب عن الاستيطان بهذا الاتجاه المناهض أو ذاك، وبالتالي فإن أقصى ما يمكن أن يكتبه أحدهم ضد الاستيطان والمستوطنين هو أن على القيادات الإسرائيلية عدم ترك الحبل لهم على غاربه، يفعلون ما يشاءون، ويسوقون البلاد إلى الحرب تحقيقا لمصالحهم، ويضحون بأبناء إسرائيل من المستوطنين القدامى في حروب من أجل بقاء المستوطنات الجديدة، وهو ما أشار إليه غروسمان في مقالته المذكورة آنفا.. وهذا كله يعني أن الأدباء الإسرائيليين من أمثال غروسمان، ليسوا ضد الاستيطان كفكرة ومشروع ومبدأ، بل ضد المستوطنين الجدد الذين يحاولون الهيمنة على القرار السياسي الإسرائيلي وتجييره لصالحهم وصالح مستوطناتهم..

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس