[align=center]
غـزة بين قهر المحتل .. وصمت العواصم ..!!
تناول آل عطا الله طعام عشائهم، واتجهوا لفراشهم، يمنون أنفسهم بشيء من الدفء والحميمية، في موجة البرد
التي تسكن غزة منذ أوائل الشتاء، ولكن صواريخ الاحتلال لم تمهل رغبتهم في النوم، فكانوا أقرب لدفء رب العالمين،
من دفء الدنيا، وارتقوا شهداء ترتفع بهم الهامات .
تلك هي المشاهد المتكررة في غزة منذ أسبوع، فليالي الصراخ والعويل، ومواسم الحزن والفراق ترسم تفاصيلها مجدداً،
وترتفع الأعداد الراحلة نحو ربها يوماً بعد يوم، ليصل الموت كل دار، فالكل تحت طائلة الرصاص، والقصف على مرمى
دقة قلب، أو رمشة عين، ولكننا شعب أبيّ يأبى الخنوع والانكسار.
ستكمل غزة غداً أسبوعها الدموي، بافتراضات خروج جنود الاحتلال الغاشم، تحت ضربات المقاومة الباسلة، التي
أوجعت العدو كما أوجعنا، وآلمتهم كما آلمونا، ولكننا في أمن عند ربنا، موعودون بالجنان، وهم في قعر الجحيم يكتوون .
وخارج غزة المكلومة، تتسع مسافات الصمت والخزي والعار، لحكام اشتركوا معنا في الدين واللغة والثقافة، هم
أحق بالصراخ والرفض والثورة، من هؤلاء الذين خرجوا في باريس، والعواصم الأجنبية، مطالبين عالم العدالة، بإيقاف
الجرائم البشعة، والتلذذ بقتل المدنيين ضد أبناء شعبنا الصابر في غزة، فلم أكن أتوقع أن يصبح الصمت هواية هذا العصر،
بل والتغاضي عن كل مايدور من مؤامرات حقيقية، ومجازر بشعة ضد الغزيين.
و بينما تتوه الأدوار ما بين خنوع الحكام، ولهيب الشعب، الذي يعي تماماً أن حرية الرأي مكافحة، وحرية الحديث مصادرة،
وحرية المشي ممنوعة، أما حرية الوقوف، فهي الأشد كرهاً واحتقارا، يثور الأشقاء الذين يكتوون بنار القهر على غزة،
وقد خرجوا غاضبين، يحاولون قدر المستطاع، أن يسمعوا صوتهم لمن صم آذانه منذ زمن .
وأما أصحاب الثقافات التطبيعية، فلاشك أن قنواتهم المفضلة، لاتمت للأخبار القادمة من فلسطين بصلة، ولاحتى
حينما يتصفحون مواقعهم المفضلة، يستذكرون لحظة للتعريج على موقع الكتروني، يأتي بأخبار الأمة العربية، ولا حتى
حينما يفتحون ماسنجراتهم، يكتبون " نيكنيماً " عن الحصار، أو حتى عن مصائب غزة، فالامر يا سادتي ولا شك، هو
آخر اهتماماتهم الحياتية .
عواصم عربية .. لادخل لها بما يحدث، وحكام عاجزون عن فعل شيء، وآخرون محاصرون، وآخرون ينزفون دماً
ورماداً وأطياف العذاب، وفوق كل هؤلاء سطوة المستعمر، وندالة المحتل، وجبروت الظلاّم، ولكن الذي حمى مكة
وأهلها من بطش أسلافهم، سيحمي غزة وأهلها من طغيان أحفادهم ..
وستزهر سناء بسناءات جديدة، وسيورق محمد البرعي، ويكبر بستانه يملأ الدنيا تغريداً، وستعود عائلة عطا الله من جديد،
تأكل الزعتر والزيتون، وتتناول عشاءها المفضل، ولكنها ستفقد على ذات المائدة، نصف الأحياء الذين كانوا عاشوا معها زمناً .
[/align]