رد: (( لا دوحة جديد ، ولكن ! ))
إن أسوأ ما يواجه القوى الوطنية الشعبية الإصلاحية أو الثورية ليس تلك القوة التي تمسك
بها يد السلطة المتمثلة بأجهزتها البوليسية المخابراتية إنما " الابتكار " القديم الجديد الذي
اخترعته عقول جهنمية بدأ عند العقل اللاهوتي عند جميع الأديان ثم والذي بدوره علّم العقل
السلطوي عند الحكام فطوّر من أفكاره وأدواته ؛ فالعقل اللاهوتي كان يحشد " المؤمنين "
إلى جانب " ألهتهم " في مقاومة أي مصلح كان أو جماعة كانوا وجلس متربعا على عرش
الجهل والجهلاء " المطيّة "
وجعل منهم سدا منيعا ليحمي مصالحه ومفاهيمه ؛ والعقل السلطوي
كان أكثر ذكاء عندما استخدم رجال الكهنوت أنفسهم لتحشيد الجزء " المطيّة " من الناس للوقوف بهم في وجه الجزء الآخر ، الجزء الذي كان قد أدرك أهمية الإصلاح والتغيير .
في عصرنا الحديث كان الاستعمار البريطاني الأقدر على استخدام تلك الأدوات مع ملاحظة التطورالعلمي والمتمثل بعلم الاجتماع والتاريخ اللذان استخدمهما كأدوات للتضليل إلى جانب تلك الأدوات والأساليب المذكورة آنفا .
:
وبالرغم من عراقة الاستعمار الفرنسي والبرتغالي والإسباني ألا إنهما لم ينجحا في تحقيق ما استطاع
الاستعمار البريطاني تحقيقه / فتعلّم المستَعْمرون من المستعمِرين كلّ بحسب استعماره أو استحما ره ..!
تأخر زين العابدين بن علي وأجهزته المخابراتية في تطبيق ما فعله البريطانيون ، ولم يحفظ من أساليب الاستعمار الفرنسي إلا القمع ، والقمع فقط ؛ ولم يتدارك إلا بعد فوات الأوان في استخدام
الجزء " المطيّة " من الناس حيث لم يفلح في إصلاح الخلل بسبب عدم تكافئ القوى بين الجماهير الهادرة وتلك
الأعداد المتواضعة التي أعدّتها سلطته على عجلّ .
:
ومع أن لبنان قد حكمه استعمار فرنسي كما الشقيقة تونس ألا أن رئيسا موهوبا كان قد حكم في لبنان في بداية الخمسينات كان قد تدرّب على يد البريطانيين وحفظ منهم استخدام
" المطية" الأكثر قوة ، وقدر ، واستدامة من استخدام قوة القمع البوليسية !
أقول : إن أسوأ ما يواجه القوى الوطنية الشعبية الإصلاحية أو الثورية ليس تلك القوة التي تمسك
بها يد السلطة المتمثلة بأجهزتها البوليسية إنما بذلك الجزء من الشعب الذي يتم تضليله ، وبحسب
الدارج ! فالخمسينات كانت " لعنة " أو نعمة الانفصال عن سوريا ما زالت حيّة ، فاستُخدم التاريخ
وعلم الاجتماع كأدوات تضليل بيد الكهنوت ورجال السياسة فصار معظم " المسيحيين " من الشعب
" مطية " لحكم كميل شمعون ومن خلفه ليحملوا السلاح لقتال الثوار ولم يدفع قوى الجيش اللبناني
حينها ولو فعل، لحصل الثوار على مرادهم في التغيير ولكن " المطيّة " حققت توازنا داخليا وانتهى
الأمر بلا غالب ولا مغلوب . وعلى العكس من ذلك ، فالرئيس شارل الحلو قام باستخدام الجيش
في نهاية الستينات فانتصر " الثوار " وفي أواخر عهد الرئيس سليمان فرنجية دُفع وبناء على
إصرار الكهنوت وحنكة كميل شمعون إلى استخدام " الجزء من الناس تحت شعار مرحلي ليس
مختلفا عما جرى في الخمسينات وأعيد التوازن ولم يتحقق أي إصلاح !
الخشية من التطور الذي لفّ الدنيا في بداية تسعينات القرن الماضي وسقوط أحدى أهم الداعمين
للقوى " الثورية " في العالم وبداية عصر سيطرة القطب الواحد فيه بدأت أمريكا بتغيير أساليب
مقاومتها العسكرية التي هُزمت على أيدي ثوار فيتنام وأحلّت معها أساليب جديدة تقوم على 3 ركائز أساسية
: 1- تظهير واسع النطاق لفشل التجارب الوطنية والثورية والقومية والتركيز على هزائمها ودكتاتوريتها .
والتركيز على إظهار ما خلّفته المنظومة الاشتراكية من فقر وتداعيات اقتصادية اجتماعية سيئة وتلميع
محاسن النظم الرأسمالية ورجال الأعمال الأحرار المستقلين والناجحين أصحاب الخير البانين
للإنسان الذي هدمه الخطاب الخشبي " !
2- العمل على توسيع دائرة " المطيّة " بعد أن حققت نجاحات واسعة في معظم دول العالم خصوصا أولئك
الذين " امتطتهم " في أفغانستان وعاثوا خرابا في بلد متقدم ونشروا أفضال أعمالهم خصوصا على بلاد العرب والمسلمين .
3 – التركيز على تغيير المفاهيم خصوصا في بلادنا العربية بهدف حماية كيان العدو والتصالح معه
فأصبح المقاوم إرهابيا ، وأصبح العدو المحتل حليفا ، وصديقا وامتدت يد بعض " الثوار"
لمصافحة القتلة ، واستخدموا يدهم الثانية في الارتداد نحو نحر رفاق الأمس " ويا جبل ما يهزّك ريح "
وتعهرّت " معظم القيادات ؛ وصار أسوأ ما يواجه القوى الوطنية الشعبية الإصلاحية أو الثورية
ليس تلك القوة التي تمسك بها يد السلطة المتمثلة بأجهزتها البوليسية ، وما عاد يخيفهم سلاح
الأعداء أكثر مما صار يخيفهم سلاح من تغيّرت مفاهيمه وتبدلت وصار الحمل أثقل وأمرّ ؛
فهل كانت ساحة لبنان بعيدة عن هذا التطور المخيف ؟!
إن ما أصبح يواجه الثوار والمقاومين في لبنان هذا كله : أزلام أمريكا وحلفاءها ، " المطيّة "
التي تم توسيعها بفعل تغيير المفاهيم والمصطلحات ، والتي باتت تضم عروبيي الأمس ، وثوار الأمس ،
والملقحين ضد الفكر ، " ومرضى السفلس " المُصرّين على قيادتنا عنوة نحو ما أقدموا عليه من خطايا ،
أولئك المستنسخون الذين وصموا كل من لا يشبههم بأنه ابن زنى ، ليس شرعيا ، وهو مصنّع بحسب
رأيهم إما في دمشق أو طهران بعدما صاروا يستحون بالقول في غير مكان واشنطن أو تلّ أبيب حلفاءهم الجدد مثلا !
أمام هذا الواقع ماذا تتوقعون أن يحدث في بيروت في الأيام أو الأسابيع القادمة .. هل سوف ترتد أمريكا
وكيان العدو عن غاياتهم وتتوقفان عن تجريم المقاومين ؟؟!
يتبع
|