رد: همسات أيلولية
أنا على العهد يا أيلول .
أما زلت أنت على العهد ؟
أما زلت على ذلك العهد يا أيلول ..
أما زلنا أنا وأنت على ذلك العهد ..
أما زالت تجمعنا تلك العهود وتبرق في سماء ليلنا تلك الوعود ..
وتحضر مع صباحات الشمس أحاديثك الدافئة فتمطرني بزخات من الوعود والعهود والآمال التي ليس لها حدود ..
أما زلنا على تلك العهود ؟
قلت لك ذات يوم بعيد .. الطريق الذي يجمعنا شاق وطويل .. دعنا نختصر المسافات .. دعنا لا نبدأ ..
أكره أن أحصي في غيابك الأيام .. أكره أن أعدَّ الفصول .. أكره ساعات الليل حين يهبط الظلام على قلبي دون أن يعدني طيف صباحك بالظهور.
أين أنت من ذلك العهد يا أيلول ؟
أين أنت من تلك الوعود ؟
الطريق طويل جدا ً .. وأنا دفنت في مقبرة الأيام أكثر من أيلول في انتظارك .. وهذا العام أيلول يرتجف بين يديَّ ..
يخشى أن تُسدلَ عليه ستائر الليل الثقيلة ..
يخشى ألا تُصافح جبينه إشراقة تلك النهارات..
يخشى عواصف الغدر التي تهطل دون ميعاد فتُغرق معها كل الحكايات الجميلة وتذرما تبقى من فتات على موائد الأحلام ..
وحدهم الأموات لا يعودون .. هل متَّ أنت يا أيلول ؟
هل سيمرُّ هذا الخريف دونك ..
هل ستمرُّ كل الأعياد دونك ..
هل سأشرب حسرة الأيام في غيابك الذي يطول ويطول ويطوي في غيابه صفحات ٍ ملونة من الذكرى وسطور ٍ ليس لها عنوان ؟
هل سندفن أخر عيد ميلاد رسمناه ذات يوم بعيد وأطلقنا عصافير الفرح تغرد بحدائق العمر ..
وكتبتَ لي في حينها قصيدة زرقاء بلون موج البحر الصاخب وقلتَ لي ..هذه هيَّ عيناي .. لو شئت ِ الإبحار فيهما .. فلن تغرقي أبدا ً .. فيهما لن تغرقي ..
أما أنا فسأبقى على شاطىء عينيك ِ .. أتأمل حديثهما العذب وماذا يخبىء لي ..
ماذا تخفي ضحكتك في جعبتها من ألغاز ..
أحاول أن أحل لغز امرأة تغيب خلف الأفق لتحضر لي بين يديها كمشة من الياسمين ووردة مزقت أوراقها بالسؤال .
أيا امرأة لا تخلو من الغموض .. لا تعرف عينيها معنى الإستقرار .. ابحري في عينيِّ ..
ربما استطعت أن أميط اللثام عن لغز واحد فيك ..
ربما عرفت معك لحظة استقرار ..
آه يا أيلول ..أين هي عينيكَ الآن ..
أين هي عينيكَ يا أيلول ..
أود الإبحار ..
أود الغرق فيهما قبل أن يموت أيلول بين يديَّ .. وأنا مركونة كزهرة صّبارعلى شواطىء الإنتظار ؟
أنا على العهد يا أيلول.. أنا على العهد .
لكن أنت .. هل ما زلت على العهد ؟
أما زلنا على ذلك العهد يا أيلول ؟
.
|