|  05 / 02 / 2011, 43 : 01 AM | رقم المشاركة : [1] | 
	| مشرف - مشرفة اجتماعية 
 | 
				
				قصيدة فى رثاء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر
			 
 قصيدة فى رثاء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر
 --------------------------------------------------------------------------------
 
 الحلم و الأغنية
 صلاح عبد الصبور
 " مرثية لعبد الناصر "
 لا ، لم يمت
 و تظل أشتات الحديث ممزقات فى الضمائر
 غافيات فى السكينة
 حتى تصير لها من الأحزان أجنحة
 تطير بها كلاماً مرهقاً ، يمضى ليلقفه الهواء
 يرده لترن فى جدرانه دور مدينة الموت الحزينة
 أصوات أهليها الذين نبت بهم سُرُر البكاء
 يتجمعون على موائد السهر الفقير معذبين
 و مطرقين
 الدمع سقياهم و خبزهم التأوه و الأنين
 يلقون - بين الدمعتين - زفير أسئلة
 تخشخش مثل أوراق الخريف الذابلات
 هل مات من وهب الحياة حياته
 حقاً أمات ؟
 ماذا سنفعل بعده ؟
 ماذا سنفعل دونه ؟
 حقاً أمات ؟
 تتجمع الكلمات حول اسم سرى كالنبض فى شريانهم
 عشرين عاماً
 كان الملاذ لهم من الليل البهيم
 و كان تعويذ السقيم
 و كان حلم مضاجع المرضى و أغنية المسافر
 فى الظلام
 و كان مفتاح المدينة للفقير ، يذوده حرس المدينة
 عن حِماها
 و كان موسم نيلها ،
 يأتى فينثر ألف خيط من خيوط الخصب تورق فى رباها
 و كان من يحلو بذكر فعاله فى كل ليلة
 للمرهقين النائمين بنصف ثوب ، نصف بطن
 سمر المودة و التغنى و التمنى و الكلام
 و الآن أصبح كل لفظ خنجراً ، و لكل أمنية عذاب
 هل مات ، واحزناه
 آه لو يعود لبرهة و يجيل نظرته
 و يكشف عن غد بعض الضباب
 أواه ، لكن كيف آب إلى التراب
 و لم يحن وقت الإياب
 القول يرهقنا
 لنصمت
 علَّ فى الصوت التأسى و السلام
 فالصمت أجمل ما يكون إذا غدت سبل الكلام
 تفضى إلى نار المواجد أو إلى ماء السراب
 و تقودنا الذكرى الصموت إلى عميق نفوسنا الملأى
 و تختلج الظلال
 و نهيم فى كنا و كان
 و يعود ذيَّاك الزمان
 و نروح فى استرخاءة الموجوع ننشر عمرنا فى ظله
 يوماً فيوما
 الصفحة الأولى
 و كان مجيئه وعداً من الآجال
 لا يوفى لمصر ألف عام
 و الليل ممدود السرادق فوقنا ظلماً و ظلماً
 و الثورة الكبرى توهم واهم و رؤى خيال
 حتى طلعت ، طلعتما ، الثورة الكبرى و أنت
 كأن مصر الأم كانت قد غفت
 كى تستعيد شبابها و رؤى صباها
 و كأنها كانت احترقت
 لتطهر ثم تولد من جديد فى اللهيب
 و خرجت أنت شرارة التاريخ من أحشائها
 لتعود تُشعل كل شئ من لظاها
 و تعيش فى أيامنا الملأى بصوتك منشداً لغة رخيمة
 كى يوقظ الموتى من الأجداد
 يبعث من ركام العالم المدفون أطياف انتصارات
 قديمة
 لتعود للوادى و تبعث فى ثرى مصر الجديدة
 و العظيمة
 و نعيش مع أيامنا الملأى بيومك واسعاً كالأمنيات
 و ضيقاً بالصخر و الشوك المدمَّى و الرماد
 أيامنا الملأى بأصداء انتصارك
 سهمنا المسنون جاز مداه منتصراً و عاد
 أيامنا الملأى بأوجاع انكسارك
 أحُدٌ و بدر شارتان على رداء محمد ، عاش الجهاد
 لا ، لم نكن نحيا كما يحيون أياماً نقضيها إلى يوم المعاد
 بل كان ما نحياه تاريخاً كأروع ما تكون ملاحم التاريخ
 ساح ترن بها أغانى المجد مرعدة ، و حمحمة الجياد
 و نعيش فى أيامنا الملأى بوقع خطاك فى الوادى الأمين
 إذ كنت فرحتنا الكبيرة ، حين تمسك فى يديك الحلم
 تنثر منه فوق أسِرَّة الأطفال و المستضعفين
 أو فى نواحى بيت مصر على رؤوس شبابها المتجمعين
 إذ كنت تجعلهم يمدون الرقاب و تشرئب عيونهم
 نحو السماء
 و يُمَد حبل الأمنيات لكى يصيد الشمس من عليائها
 حتى لنطمح أن نقسِّم نورها قطعاً على أحبابنا
 و نعيد ما طمر الزمان و أخلفت عدة السنين
 و نعيش فى أيامنا الملأى بصورتك التى عاشت على أهدابنا
 عشرين عاماً
 نلقاك شاباً فى رداء الحرب تنفخ فى النفير
 كى توقظ الأشلاء ، تجمع شمل مصر المسترَقَّة
 كانت على مجرى الزمان تمزقت قطعا
 فطُفت على مسار النيل تجمع مزقة فى إثر مزقة
 حتى نهضت ، نهضتما ، ألقيتما التابوت فى لهب السعير
 و عدتما فى خير رفقة
 نلقاك كهلاً أشيب الفودين فى عمر النبوة
 تُعلى مواثيق الأخوة
 و تضم فى عينيك تَوْق النيل للأنهار
 يلغط أهلها بلُغى العروبة
 و تؤلف المدن القريبة
 كانت قد اختلفت و غيرها الزمان
 و أصبحت مدناً غريبة
 نلقاك فى الخمسين أكثر حكمة و أشد حزناً
 الأقرباء تباعدوا و تباغضوا ،
 و النصر أخلف وعده ، و الله يلهمنا الطريق
 يشد أزر المؤمنين
 الله ! يا هول السنين
 المحنة الكبرى ، و وجهك غائب ، و الليل يوغل
 و الشجون
 هل مت ؟ لا ، بل عدت حين تجمع الشعب الكسير
 وراء نعشك
 إذ صاح بالإلهام :
 مصر تعيش ... مصر تعيش ...
 أنت إذن تعيش ، فأنت بعض من ثراها
 بل قبضة منه تعود إليه ، تعطيه و يعطيها ارتعاشتها
 و خفق الروح يسرى فى بقايا تربها ، و ذِما دِمَاها
 مصر الولود نمتك ، ثم رعتك ، ثم استخلفتك على ذُراها
 ثم اصطفتك لحضنها
 لتصير أغنية ترفرف فى سماها
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
 | 
    |  | 
	|   |   |