هل خلعت يده هذي المرة جلد الأفعى ؟
شاعر الضفاف
د. نبيل قصاب باشي
يبدو أن المرايا يا صديقي أخذت تجمّع حبيباتها المتكسرة .. ما عادت محدّبة كثيراً .. لم تعد ألوانها ضاربةً في غبش قُرمزيّ كما عهدتها .. إلا أن أشباحها القزحية ما زالت تلوح لي من بين شروخها , تُعطّل حاسةَ البصر في عيني :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
قلْ ليْ هلْ في جُعبةِ شعرِكَ بعضُ البلسمْ
رُبّتَما أُبصرُ قلمي الأعمى يتدحرجُ بينَ شفاهي ..
ربتما يقدرُ أنْ يتأبّط حرفَ ضمادٍ أو يتكلمْ
مازال ينزّ أسىً ,, يتلعثمُ بالنجوى ,, هل يقدرُ هذا الأعمى أنْ يُبصرني ؟
إني أرضى أنْ يلمحَني لمحاً أو يتلعثمْ
لكنّي أشعرُ أنَّ يداً شلّاءَ تروادني تتلمّسُ جدراني ..
كفّاها الراعشتانِ تُراود ورْدَاً جُوريّاً يقبعُ بينَ رُكامِ النرجس
لم أعرفْ لونَ أصابعها.. تتلوّن مثلَ الحرباءْ
لكنّ النرجسَ يتأفّفُ غضَباً يلعنُ لونَهْ
وأنا مازلتُ ألوكُ اللعنةَ في شفتي .. أتذوّقُ حنظلَها المخفيَّ ..
ولكنّي أخشى أنْ ألمحَ يدَهُ الشلّاءْ
&&&&&
ماأخبثَهُ يتسلّقُ جدراني وهو يراني .. يُخفي تحتَ عرائشِ جُدراني الخضراءِ
عناكبَه السوداءْ
أخشى إنْ رحتُ ألامسُهُ ألمس في أنملِ رَاحي أفعاه الرّقطاءْ
بل أخشى أنْ تزحفَ نحوي .. هذي المرّةَ رُبّتَما خلعتْ جلداً آخرَ لا أدري ..
لكنّي أعرفُ أنّ الأفعى في غابتنا ليستْ تخلعُ جلدتَها في موسمها .. بل تخلعُها
حينَ تشاءُ وكيفَ تشاءْ
لا أدري هلْ أنا في حُلُمٍ وحشيٍّ أمْ أنَّ عيوني ما زالتْ تحجبُ لونَ مراياهُ
الصّرْعى
&&&&&
منذُ سنينَ تسلَّقَ ضفةَ "عاصينا" تنّينٌ أُسطوريٌّ أحرقَ عُشب المَرْعى
كانَ يُراقصُ بينَ أصابعِ كفّيهِ أفعى نرجسهِ .. ثُمَّتَ يملأُ شدقيهِ قهقهةً حمْقاءْ
يقذفُها حينَ يمَلُّ منَ القهقهةِ على مبسمِ طفلٍ .. يفرحُ هذا الطفلُ بدُميته الأفعى
لا يعرفُ هلْ ألقى الماردُ دُميتَهُ المسروقةَ ؟؟ هلْ عادتْ ترقصُ بينَ يديه ؟؟..
أطرقَ ينظرُها .. أدركَ أنَّ الدمية أفعى ماردِهِ الوحشيِّ .. اختنقتْ عيناهُ وخافتْ أنْ
تفضحَ في جفَنيْها الدمعا
الماردُ يقذفُها في شفتيهِ الضاحكتينْ
ماأشجعَ طفلاً يضحكُ خوفاً لا يتوجّسُ سُمَّ الدُّميةِ .. لكنْ يعرفُ أنَّ الروحَ الآنَ
ستنجو هاربةً نحوَ الملأ الأعلى
&&&&&
ماعدْتُ أَعِي ... هلْ شعري باتَ غبياً يضحكُ مثلَ الطفلِ ؟ وهل أوعى
ضحكتَه الثكلى ؟
أمْ باتَ ـ كما الطفلِ ـ يُراوغُ ما أوعى ؟!!
قلْ ليْ ماذا يُخفي هذا الماردُ .. هلْ خلعتْ يدُهُ ــ هذي المرّةَ ــ جلدَ
الأفعى في " ........... " ؟؟
27/3/2011م