رد: (( وأخيرا قُسّمت ليبيا ! ? Who is the next ))
الثورة فكرة حية لا تموت حيثما ظهر الاستبداد واستفحل، وجودها مقترن بوجوده، ونماؤها نتيجة لاستفحال همجيته، وطريقها هو ما يرفدها به الرافدون من المخلصين بعطاءاتهم دون انقطاع، وحياتها مستمرة ما دامت قائمة على معنى "الإنسان" وكرامته وحقوقه وحرياته، وتلك مسيرة لا تنقطع، وجميع ما يتفرع عنها وسائل، يمكن أن تختلف من وقت إلى وقت ومن مكان إلى مكان، ولكنها تلتقي عند قاسم مشترك هو جوهر التلاؤم بين الوسيلة ومن يمارسها والغرض المستهدف من خلالها، وجوهر تكاملها مع بعضها وتتابعها إلى أن تتحقق الغاية الأشمل والأبعد: تحرير الإنسان وحفظ كرامته وحقوقه وحرياته.
إنّ كل ثورة من الثورات على اختلافها هي في الأصل حدث ممتد زمنياً، وإن اقتصرت أحداث التحوّل المحوري الذي تصنعه على أيام أو أعوام، كما كان مع الثورات الفرنسية والشيوعية والإيرانية وسواها، فللأحداث مقدماتها من قبل، وللنتائج تطوّراتها من بعد.
ولئن تميّزت ثورة شعب تونس بأنها ثورة شعبية بمعنى الكلمة، فلأنّ أحداث التحوّل المحوري في مسارها عام 2011م لم يكن من صنع "طبقة" كما في فرنسا، أو "حزب" كما في روسيا، أو "جماعة منظمة" كما في إيران، ولكنها ثورة صنعتها مقدماتها التي ساهمت فيها فئاتٌ شعبية، وأحزابٌ وجماعاتٌ تمثل مع بعضها بعضاً الشعب، صنعها أفراد متميزون بما طرحوه من قبل فساهم في وصول الوعي الشعبي في تونس إلى مداه.. فبدأ التحرّك "الشعبي دون قيادات"، وذاك ما يمكن اعتباره "قمّة" في إنجاز هؤلاء، أن يصبح الشعب قادراً على التحرّك التلقائي فلا يفيد عزل قياداته عنه، فليس هذا التحرّك في صنع لحظة التحوّل المحوري في الثورة، إنما دور القيادات المخلصة من قبل.
ومن يتحدّث عن ثورة شعب تونس الآن، لا يمكن أن يفصلها عمّا صنع الزعماء والمفكرون والساسة المخلصون، وعامّة المخلصين من أبناء الشعب، رجالاً ونساء، شيوخاً وشباباً، عبر عدة عقود مضت رغم الاستبداد والفساد.
والمطلوب اليوم ان يتم المحافظة على هذا الانجاز التاريخي من خلال حمايته من كل الساعين الى امتطاء صهوته وحرفه عن مساره التغييري الفعلي.
لقد خلصت دراسات المعاهد الغربية، لا سيما في العاصمة البريطانية الى تقديم اقتراحات تقول بوجوب العمل على احتواء الثورة التونسية بأي ثمن ممكن، بالنظر الى موقع هذا البلد الجغرافي والقوانين التي سنها زين العابدين بن علي، لاسيما ما يتعلق منها بالمرأة والحرية المدنية في الزواج.
واقترحت احدى الهيئات الديبلوماسية ان يتم اللجوء الى تقديم جائزة نوبل للسلام للثورة التونسية باعتبارها سجّلت حدثاً فريداً ومميزاً في مبادئ الثورات وفي النتائج.
وسارعت المؤسسات الديبلوماسية الغربية الى تبني هذا الاقتراح وتم الاتصال بالحكومة النروجية للوقوف على رأيها في تبني الاقتراح، فسارعت الاخيرة الى ابداء الموافقة.
ويتم الآن درس الخطوات التنفيذية لهذه الخطوة واعداد الفذلكة السياسية التي سيتم تقديم جائزة نوبل لتونس على اساسها.
وتقف الحالة التونسية بعد ثورتها المجيدة صامدة أمام جملة من الرهانات داخلياً وخارجياً وعلى كافة المستويات سياسية واجتماعية واقتصادية وإعلامية... نعم تقف معلنة التحدي.
وللحديث بقية
|