رد: سوريا وأزمة أعداء النظام !
لم يكن هناك إي طرف في العالم عربي او اجنبي يعترض او يحتج على هذا التدخل
الإسرائيلي المباشر لأن الحملة الإعلامية على سوريا التي سبقت في موضوع زحلة قد خلقت
للعدو مناخا يستند الى " شرعية اخلاقية " لما ادعاه بأنه قام بالدفاع عن " المسيحيين " !
( إن ما تفعله بعض الأيادي المتآمرة على سوريا اليوم يشبه إلى حد بعيد ما حدث
منذ 3 عقود ففي ظل هذا التآمر العربي قبل الغربي على سوريا اليوم يدفعنا للسؤال :
وماذا لو قام العدو بعدوان مباشر عليها ؟! )
على أي حال
لم يتأخر رد دمشق ولم يثنيها ذلك عن التوقف باستكمال السيطرة
على مدينة زحلة التي دخلتها وأكملت سيطرتها على بعض قمم
الجبال بل انها ذهبت الى ابعد من ذلك حين قررت إدخال بطاريات
صواريخ سام 6 ونشرها في سهل البقاع الأمر الذي حرم الطيران
الإسرائيلي من حرية الحركة فوق تلك المنطقة وحيث اعتبرت
إسرائيل ان هذا الأمر قد يطلق يد دمشق لتسيطر على لبنان ،
وجاء دورها لتتحرك .
( يجب على سوريا سحب الصواريخ فورا وإلا ) هكذا قال بيغين
وارسل طائراته الحربية ليختبر مدى جدية السوريين في استخدامها
فأسقطت بواسطتها طائرة حربية فتدخلت واشنطن وارسلت مبعوثها
السيئ الذكر " فيلب حبيب "
الذي بقي يتنقل بين دمشق وتل ابيب في رحلات مكوكية لعدة اشهر
لمنع انفجار الوضع لأسباب تتعلق بأمرين اثنين :
الأول ، كان بسبب التقارب السوفييتي السوري والذي سيسفر
عن اتفاقات امنية وسياسية حيث كان يخشى الأمريكيون من
تبدل الموقف السوري الرافض لوجود قواعد عسكرية سوفياتية
على أراضيها .. أما السبب الثاني كان يتعلق بتهيئة المناخ للبادرة
السعودية التي وافقت عليها قمة الرباط العربية والتي عرفت باسم
( مبادرة فهد ) وسوريا لم تتراجع ولكنها استقدمت مزيدا من بطاريات
الصواريخ الجيدة الى لبنان .
لقد كان حافظ الأسد كما يقول أعداءه ( يسير على حافة الهاوية )
لكن الحقيقة انه كان قارئا عبقريا في توقيت تقدمه وحركته ،
ف مناحيم بيغين كان يُقدم على انتخابات جديدة وعلاقته الشخصية
" بريغن " رئيس أميركا فاترا وليس على إسرائيل اما الدخول في
حرب شاملة أو ينتصر الأسد في إبقاءه على الصواريخ .
قال احد الديبلوماسيين المرافقين لفليب حبيب معلقا بعد اجتماعاتهم في تل ابيب :
( كان السياسيون في إسرائيل يتفننون باقتراح ألف طريقة لإنزال الأسد
عن الشجرة التي تسلقها . الا ان فعلهم الوحيد كان تكديس الأخطاء ،
لقد رسخ الأسد موقعه على الشجرة وأولئك الذين قرروا توسيع
تعهداتهم \\ كان يقصد تعهدات حكومة بيغين بالتدخل لحمايتهم في لبنان \\
كانت الريح تتقاذفهم على إطراف أغصان هذه الشجرة ... ) .
في جميع كتاباتي احرص دائما على ابراز العوامل الايجابية لمواقف
عربية مشرفة طالما كان هدف إسرائيل الدائم طمسها وإخفاءها
حتى تستحيل رؤيتنا لها وحتى نبقى غارقين في أعماق الإحباط ،
وان لا أمل لنا إلا التسليم بقوة العدو ..!
فموقف السوريين في " أزمة الصواريخ " اللهب بعض المشاعر
الوطنية والقومية في نفوسنا خصوصا وان حملات التشهير بسوريا
وحافظ الأسد كانت ما زالت تتصاعد في لبنان وفي سوريا التي بدأت
تزداد جبهتها الداخلية اشتعالا وعنفا ..!!
لقد مضى أربعة أشهر على بداية نشر الصواريخ فتراجعت التهديدات
الإسرائيلية وأحبطت نفوس " القوات اللبنانية التي تراجعت عسكريا
وسياسيا ... فبشير الجميل فتح قناة اتصال مع السوريين بعد ان
تبين له ان وعود بيغين كانت فارغة ولم يكن طلب السوريين منه أكثر
من إعلان رسمي علني بقطع علاقاته بالعدو فلم يفعل كما لن يفعل
حتى مماته .. ولكن الأمر كان يستحق ان نقول فيه ان اليهود
خسروا في لبنان معركة ...!
الإسرائيلي لا يترك مجالا للتفاؤل ...!
في صباح الثاني من تموز 1981 أمر ياسر عرفات قواته بقصف صاروخي
على شمال فلسطين " فهدرت " بوارج وطائرات العدو بسرعة قصفا
وقتلا وتدميرا للمنشآت اللبنانية قرى ، ومدنا وجسور ، وقواعد عسكرية
تركزت على منطقة الناعمة حيث وجود قواعد تنظيم " القيادة العامة "
المقربة جدا من دمشق وصولا حتى بيروت وطرابلس لعدة أيام الأمر الذي أجبر السوريون على إشراك
سربا من طيرانهم لخوض معركة جوية في 14 تموز خسروا فيها بعضا عشرات الطائرات
: اين الصواريخ ؟ سألت الناس !
وحتى توغل إسرائيل بقهرنا أرسلت أربع طائرات حربية عبر الأجواء
الأردنية والسعودية وقصفت المفاعل الذري في بغداد الأمر الذي زاد في احباط الناس وكفرهم .
وها هو شارون وبعد تسلمه وزارة الدفاع يتمختر في شوارع المنطقة الشرقية
من بيروت برفقة بشير الجميل وينتقل بين سطوح الأبنية المرتفعة بداخلها
مع بعض اركان جيشه ليطل منها على المطار وطريق القصر الجمهوري الذي
سوف يزوره مرارا بعد الاجتياح
! -- الحكم السوري في نهاية العام 1981 كان في موقع لا يحسد عليه
فسوريا تعيش عزلة عربية - لبنانية - فلسطينية .. الأردن والعراق ومنظمة
التحرير ودولا أخرى لا يتوقفون عن دعم المعارضة الداخلية التي تتصاعد
قتلا واغتيالات وتصفيات طالت ضباط جيشها وسياسييها وأصبحت
العبوات الناسفة والسيارات المفخخة امرأ يوميا في شوارع دمشق وغيرها
من المدن السورية وإن بعنف اقل ( ربما نتحدث عن ذلك بإسهاب في وقت لاحق )
وأصبح الحكم في وضع لا يتاح له حتى فرصة التقاط الأنفاس ..
وهنالك ضغوط اسرائيلية مستمرة بواسطة تحريك عملاءها في لبنان في اساليب
" متفننة " للعمل ضد تواجد قوات سوريا العاملة على خطوط التماس
فكان كتيبة من الجيش السوري كان يشغلها قناص واحد يتنقل من بناية الى أخرى ،
من اجل إسكاته كان عليك تدمير البناية شرفة شرفة وشباك بعد شباك
الأمر الذي كانت تريده " القوات اللبنانية " وكان يدخل ضمن إستراتيجيتها
المنظمة لاستمرار تسليط الضوء على همجية " السوري " ليستمر ضوء
الحملات الإعلامية مسلطا عليه لأن نفس المكينة " ستتلقف " اسم مدينة جديدة
هذه المرة ليست لبنانية اسمها " زحلة " إنما سورية اسمها " حماة " ..!!
سوف نتحدث عن ألأحداث التي سبقت نهاية الصراع الداخلي ما بين السلطة والأخوان
والتي انتهت بالمجزرة التي ارتكبتها عصاباتهم المسلحة ضد المدينة وعلى عكس
ما أشاعته الحملات الإعلامية حينها ( الشبيهة بما تقوم به بعض الفضائيات اليوم )
فالشركة الإعلانية الأمريكية التي كانت تقوم بالحملة الدعائية ضد سوريا باسم زحلة
استمرت بالعمل وبتمويل مباشر من كيان العدو وكل الذي تغير فقط هو اسم المدينة
فصارت زحلة حماة .
|