[محمد حليمة]

((.. إن كلّ اعتداء على درعا .. هو اعتداء على واشنطن..))

في صبيحة يوم أيلوليّ ، شقت زغاريد أهل بيت المدعو ( السكـّير ) سكون الفجر ، ولما سأل أهل الحيّ عن سبب هذه الزغاريد، قيل لهم .. أنّ (السكير ) أعلن توبته عن شرب الخمر ، وذلك بعد الكأس الحادي عشر من كؤوسه المفروضة كل فجر . ولمّا سُئل ( السكير ) عن سبب هذه التوبة المفاجئة .. أهو مرض فاجأه فجعله يصحو ويتوب ، أم ساعة جاءته بغتة من ساعات الكشف الصوفيّ ، أم أنه رأى آية من آيات الله، جعلته يفكر فيتأمل فيستغفر فيتوب . فقال ( السكير ) : بل هي الثالثة .
وتابع : بعدما تمكن مني الكأس الحادي عشر ، أخذتني سنة من النوم ، رأيت ما يدعو للعجب ، وتعجز عن وصفه العقول النخب ، وتخرّ أمامه الرّكب . فقيل حدثنا عن رؤياك .. فقال :
(( أعلن المتحدث باسم الوزارة الخارجية الأمريكية عن خبر استيقظ العالم كله على وقعه، متباينين في أحوالهم، وضاربين أخماسهم بأسداسهم، فمن الناس بكى متأثرا، ومن الناس من وقع من فوره مغشيا عليه، ومنهم من قدم فروض الطاعة لـ ( خليفة الله في أرضه ) أمريكا.. وهناك الكثير ممن لا تقدر ذاكرتي على إحصاء عددهم، كانوا قد عزموا على تقديم عريضة وقع عليها أكثر من ثلاثة أرباع سكان الأرض.. فيها تفويض لـ ( حامية الإنسانية ) أمريكا لأن تتولى زمام أمورهم، وترعى مصالحهم، وتسهر على استدامة أمنهم، وتشرف على تعليمهم وتثقيفهم .
أما الخبر الرسمي ـ هداكم الله ـ الذي أعلنه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فمفاده ... إنّ الإدارة الأمريكية الروؤم ، سترفع ومنذ اليوم ، الراية السوداء، فوق البيت الأبيض، وذلك حدادا على شهداء مدينة درعا السورية، والذين قتلوا برصاص القوات السورية الغاشمة، وإنّ الولايات المتحدة الأمريكية، تنظر بعين العطف إلى أهلها في درعا ، وتعد بإقامة مخيمات من فئة السبع نجوم، و( لعيون أهل درعا ) سنزيدهم نجمة ، وهذه المخيمات ستكون مهبط أمن وسلام لإخواننا النازحين من أهل درعا، والهاربين من الحكم النازي السوري . وستحشد جهود كل المنظمات الأمريكية خاصة ، وغير الأمريكية على وجه العموم، لتقديم كل ما يحتاجه أهلنا النازحين من درعا المحاصرة إلى أمريكا الآمنة .. من غذاء وكساء ودواء ، وستتوقف في أمريكا ومنذ اليوم كل الأنشطة الثقافية والخدمية والاجتماعية وحتى ستـُعلق الأمور السياسية إلى حين جلاء هذه الغمة عن درعا، وستعمل الحكومة الأمريكية على تجنيد كل عملائها.. أقصد وسطائها في الشرق الأوسط، للتفاوض سلميّاً مع الحكومة السورية لتكفّ عن ممارساتها البربرية ضد أهلنا في درعا .
وتابع المتحدث قائلا ..(( إن الحكومة الأمريكية ستعمل ليل نهار لتستعيد درعا حريتها واستقلالها ، ولو اضطر ذلك الحكومة الأمريكية إلى استعمال ( حق الفيتو ) لصالح أهلنا هناك ، بل ولو أدّى وقوف الحكومة الامريكية بجانب درعا إلى أن تـُفرض عليها عقوبات اقتصادية، فقد علمنا من مصادر موثوقة أنّ الحكومة السورية العضو الدائم في مجلس الأمن، تحضّر لمشروع قرار بمساندة العضوين الدائمين الآخرين روسيا والصين، لفرض عقوبات على أمريكا في حال استمرت في مواقفها الداعمة لدرعا . وإني إذ يشرفني أن أنقل لكم يا أحرار العالم ، مقالة قالها الرئيس الأمريكي باراك اوباما أمس أثناء ترؤسه اجتماعا طارئا في البيت الأبيض، لبحث الاوضاع في درعا .. حيث قال الرئيس في نهاية اجتماعه ذاك ـ والدموع تترقق في عينيه ..( إنّ كلّ اعتداء على درعا .. هو اعتداء على واشنطن )
وعندما سأل أحد السامعين رؤيا السكير : (ما علاقة رؤياك بإعلانك التوبة عن شرب الخمر) . فأجاب : ( لن تكون أمريكا أرحم ولا أنبل ولا أعدل ولا أطيب قلبا مني، حتى تعلن هي الحداد ثلاثة أيام، كرمى لأهل درعا .. بينما أنا أتقلب في سكري ولهوي ). فاستفهم أحدهم وقال : (نفهم من كلامك أنّ إقلاعك عن الخمر ليس دائما .. إنْ هو حتى ....) فقاطعه السكير قائلا ( ... حتى يـُفكّ الحصار عن درعا ..)