04 / 06 / 2011, 09 : 06 PM
|
رقم المشاركة : [35]
|
شاعر نور أدبي
|
رد: الركن الهادىء
يدك التي تكتبني .
لم أكن أعلم أن الحروف كسائر البشر تسافر لكن دون حقائب .. وتترك مكانها فارغاً إلا من الأشواق والحنين ..
ودعتني الحروف لكنها لم تكن على سفر ..
حروفي لم تسافر عني ..
بل هجعت ساكنة .. خاشعة .. متعبدة في محراب الورق .
دائماً كانت الدموع تسبقني .. والحروف ترسمني .. وعينيك وحدها من تقرأني ..
وكنت أنا لا أكلف نفسي عناء الحديث إلى الحروف وإلى الدموع وإلى عينيك ..
كنت أرتشف القهوة على مهلي ويحدثني طيفك هامساً بأذني كل الوقت .. ل
م يكن الوقت يغادرني .. ولا أنت ..
كنا دائماً ترتشف القهوة المحلاة بالسكر من الصبح إلى ما بعد العصر .
كم كان عمرك .. لا أدري ؟
كم هو عمرك اليوم .. وكم هو عمر هذا الوقت .. أنا لا أعرف ؟
فمذ وعيت ذات صباح مشرق على هذه الحياة حضرت الشمس ولادتي وألبستني قلادة الوقت وطيفك ..
منذ ذلك الحين وأنا أراك معي ..
يدك في يدي الصغيرة التي لا تقوى وحدها على حمل أوراق العمر ..
فكانت يدك تغمر يدي الصغيرة وتقلب عنهاالصفحة..
كانت يدك القلم الذي أكتب به تاريخ الوطن مذ شُردت عنه قبل آخر رحيل لي عن عين الشمس .
كانت يدك المداد الذي يسيل على صفحاتي فيترك بسمة هنا ودمعة هناك ..
ليقترب الفضوليون من قصة حياتي أكثر فأكثر ..
ليحاولون فك شيفرة الحروف وسرّك ..
ثم يعييهم التعب والإجهاد ويغمزون بطرف العين " أنه حصرم وليس عنباً " ..
إنها أضغاث أحلام عصفورة .. وأطياف تتراءى لشاعرة .. وحروف من وحي الخيال ..
ويغيبون ..
وأنا أراهم .. أنظر إليهم في قعر الفنجان يتلصصون ويتربصون ويشتمون القهوة والمداد ..
يريدون القبض عليك وأنت تسري في دمي ..
ويخفقون ..
ويسألون السماء بتذرع واهٍ .. هل ينطق المداد يا سماء ؟
فينهمر المطر من كبد السماء وتتفتح أزرار الياسمين عبر الصفحات ..
يقطفون ويقطفون ويقطفون ويذهبون ..
فهذا الياسمين أمطرته السماء .. ليس له تربة في قلبي ولا يترك له ظلالاً على الورق ..
والوقت يضيع منهم ويأتي إليّ ..
يحملك كما إعتاد أن يحملك إليّ كل هذه السنين
لتطبطب بحنية على كتفي وتحمل عني ثقل الحروف
وتنطق الحروف بين يديك
وأنا أقرؤها في عينيك رسائل شوق ومحبة
وأسمعها في أنينك بكاء ياسمين السماء
وأرسمك في فنجان قهوتي رمزاً من رموز الوفاء .
لكنهم يريدون أن يقرأوك في عيوني .. وألوذ بك إلى أعماق الفؤاد حيث لا تصل أياديهم ولا يجرؤن ..
هناك حيث تكتبني كما تشاء وأشاء وتقرأني كما تهوى وأهوى ويغيبون هم بالبحث عنك بين الحروف ..
حروفي اليوم ودعتني ..
هجعت للتعبد ..
وتركتهم يفتشون عنك في ظلهم فلا يجدون
إلا مطر وياسمين وقهوة لذة للشاربين ..
ويدك التي تكتبني كما تشاء وأشاء ..
|
|
|
|