الموضوع
:
ليل وعسكر .
عرض مشاركة واحدة
14 / 06 / 2011, 52 : 07 AM
رقم المشاركة : [
7
]
عبد الحافظ بخيت متولى
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: مصر
رد: ليل وعسكر .
اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي
ليل وعسكر
في مدينتي يهبط المساء فجأة .. يحمل بين يديه ستائر العتمة وينشرها على ملامح المدينة عنوة .. يهجع الحمام الزاجل إلى أقفاص النوم باكراً .. وتداس رسائل السلام تحت أقدام العسكر .
وأنا كعصفورة غريبة نبتت على شرفات المنافي أمارس رياضة القفز من نافذة إلى أخرى بعد أن رفع الشتات راياته في وجهي .. وحاصرتني ألسنته بوابل من جحيم السؤال .
أين أنت من كل هذه العتمة ؟
أين أنت من مساءات مكفهرة تفرض ليلها الغاصب على جبهتي .. وأفواه الشتات تمدُّ إليَّ ألسنتها بازدراء وترسم بيمينها على جبيني لعنة التهجير ؟
أين أنت والحمام محاصر على أبواب المنافي .. والسلام مضرج بدمائه وسماؤه مشحونة بالعواصف السوداء تهطل من أحداقها الجراح ؟
لا مقابر لدينا تكفي لدفن الجراح .. لا سنابل خضراء لدينا لنزرعها على أضرحة الشهداء .
أين أنت من عواصم الفرح التي أغتيلت في مدينتنا وشيعت جثامينها إلى خبر كان .. وإلى الممنوع من الصرف .. والمجرور إلى بداية النهايات ؟
أين أنت من باقات الورد الجوري المغردة وأكاليل الياسمين الصباحية ورسائل المساء التي كانت تحبل بحروف الغزل وتنهيدات الاشتياق ؟
أين أنت من مساءات عامرة بالحب ونوافذ يداعب ليلها برق ورعد وزخات مطر سخية وصباحات ندية تداعب بأناملها أهداب اللوز والدحنون والعنبر ؟
أين أنت وقد غاب الشتاء عن مدينتنا وغاب عنها الربيع وأتاها صيف حارق من أتون الجحيم فذبلت ياسمينتها على شرفات القلب وماتت أشجار اللوز على صدر أمها .. واحترقت في الإناء جميع حبات الكستناء ؟
وأنا كعصفورة نبتت على شرفات المنافي أنتظر منك رسالة داستها اقدام العسكر في مدينة طال ليلها عرش الصباح وغابت ورودها من أبجدية الشعراء وذُبح ما تبقى من أزهار الاشتياق على أضرحة الشهداء ..
لا سنابل خضراء في مدينتنا .. لا رسائل حب منثورة على قارعة الطرقات وعلى جذوع الأشجار ..
لا زخات مطر حالمة تداعب وجنات الورود ..
لا عصافير برية توشوش لي بفرح وتكتب عني همسات الصباح ..
في مدينتي ليل وعسكر وصباح لا يأتي .
الفضلى الكريمة الأستاذة ميساء
كنت أتمنى أن تكون هذه اللوحة القصصية فى قسم القصة القصيرة لا فى قسم الخاطرة لانها قصة بامتياز تحققت فيها كل عناصر القص الناتجة عن وعى قصصى جميل وقدمت لنا خطابا قصصيا محكما اتعمد على عدة عتبات جمالية يضع العمل فى مقدمة القصص المنشودة منها
العنوان "ليل وعسكر" فهو هنا يثير اشكالية الخوف والرهبة بتركيبه الشاعرى ودلالته التى تدفع المتلقى دفعا الى الجرى للبحث عن تاويل العنوان داخل متن القصة ولذلك فهذا العنوان البراجماتى اختزال للدلالة الكبرى فى النص وهى اختزال زمن الخوف وتحطيم الامال والقهر الذى نعيشه الان فى جملة واحدة
وهذه الفاتحة النصية المكثفة بما تحمل من اشارات لغوية دالة
"في مدينتي يهبط المساء فجأة .. يحمل بين يديه ستائر العتمة وينشرها على ملامح المدينة عنوة .." والليل هنا اشارة للقهر الذى اليتخطف الناس ويحل عليهم فيحولهم الى سكون ابدى مرتعش هنا تتوازى هذه الفاتحة مع اشارة العنوان لتخلق فتحا جديدا فى النص وكشفا يدفع المتلقى الى التلذذ بالدخول فى عالم النص والغياب فيه ومن المدهش ان توظف القاصة رمز العصفور المتنقل والذى يشير الى الحرية رغم هذه العتمة واننا شعب قادر على فتح شراعات الحرية مهما ضيق علينا الخناق وتتوالى القصة فى بنية الخطاب الدرامى متسعرضة كل العالم الجوانى للشخصية العربية المقهورة معتدمدة على قلق السؤال وانفتاح الاجابات داخل الروح مشيرة الى ملمح اشارى دال وهو ملمح الحرمان من ابسط مقومات الانسانية فلا سنابل خضراء ولا ورود وكلها اشارات الى انعدام الانسانية وغياب القيمة وهى اشارات فنية ذكية دالة لاشك
وتاتى النهاية لتضع القصة بين قوسين فنيين تبدا من ليل وعسكر وتنتهى بليل وعسكر ايضا بما يشبه الصوت والصدى وهنا تكتمل الدائرة الفنية للنص باحكام هذا الخطاب المشوق الكاشف عن واقع يوشك على الانهيار لكنه متمسك بالحلم عبر لغة انسيابية تشبه موج البحر
أحييك سيدتى على هذه القصة الجميلة واسمحى لى ان انقلها فى قسم القصة بعد ان اتلقى ردك هنا
كل محبتى وعظيم تقديرى
عبد الحافظ بخيت متولى
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات عبد الحافظ بخيت متولى