22 / 06 / 2011, 29 : 08 PM
|
رقم المشاركة : [11]
|
شاعر نور أدبي
|
رد: بوح الياسمين
لن أكون ظلاً .
قبل ألف عام من هذه اللحظة تحديداً حدّقت في المرآة .. مرآتي كانت مشروخة بعض الشيء .. بدى لي من خلال هذا الشرخ أن هناك ظلاً يتبعني .. اقتربت منه .. حاولت التحقق منه .. حاولت الإمساك به .. لكنه كان يحضر ثم يغيب كالسراب ..
لم أيأس .. تابعت التحديق في المرآة .. وعندما لم يُجدِني ذلك ألقيت بمرآتي المشروخة إلى الجحيم وأخذت أنظر في مرآة جديدة لامعة ..
أريد أن أراك بوضوح ..
لم تكن صورتك تظهر في كل الأوقات .. لم تكن تظهر في جميع الفصول .. لذلك أصبحت متيقظة طوال الوقت .. بل أنني لفصول عديدة لم أنم .. خشيت أن تحجبك عني في نومي غيمة شتاء حبلى بالكوابيس .. أو ضباب خريف مشاكس فتفوتني فرصة الإمساك بك ..
لا يهم النعاس الذي أخذ يداعب جفوني ..لا يهم الإرهاق الذي أخذ يعتريني ويهدد كياني .. لا يهم الأرق والقلق والخوف والتوجس والترقب وطول التحديق في المرآة ..
المهم ألا ينفد صبري في انتظارك .. المهم ألا أفقد انتظاري لك .. المهم ألا أملُّ من انتظاري لك ..
لكني في لحظة ضعف .. لحظة يأس .. لحظة شك ..
قلبت مرآتي للحائط ..
هل أردت أن أتلذذ بطول صبري ؟
هل أردت أن أتلذذ بآخر قطرة من قطرات صبري ؟
أم أني فقدت الأمل فيك ؟
شعاع قوي ارتسم فجأة على الحائط .. شعاع بثته مرآتي المقلوبة إلى الجدار .. مرآتي التي قلبت وجهها للحائط في لحظة يأس .. لحظة ضعف .. لحظة شك .. لحظة غيرة .. لحظة اندفاع .. لحظة ندم .. لحظة قهر .. لحظة فقدت فيها الصبر ..
ركضت إلى مرآتي ألتمس منها العذر .. ألتمس منها العفو والصفح ..
حضنتها بقلب كفي .. داعبت وجنتيها بدلال .. قلبتها برفق حتى لا أفقدك .. حتى لا أفقد أثر الشعاع ..
أمسكت بك .. أمسكت به .. أمسكت بطرف الشعاع ..
هو أيضاً أمسك بيّ ..
سألته عن اسمه .. هل يعرفني .. هل كان فعلاً يتبعني .. يطارد أنفاسي .. يلاحق خطواتي .. هل كان ينتظرني منذ ألف عام ؟
أجابني بأجمل نعم سمعتها أذني في حياتها
فأين كنت إذاً ؟
أتبعك .. كنت أتبعك .. كنت ظلكِ ..
لكنكِ في أخر أيام قسوتِ جدا وألقيتِ بوجهي إلى الحائط .. ألقيت بوجهي إلى جدار بارد مظلم قاسٍ فلم أحتمل ذلك وقررتُ .. ألا أكون ظلاً بعد اليوم ..
يكفيني أنني كنت ظلكِ لألف عام مضت ..
من هذه اللحظة أنا حقيقة ..
حقيقة ولست ظلاً ..
ولك أن تتكئي عليَّ ما تبقى من العمر ..
أنا سنديانتك يا عصفورة الشجن ..
أنا أيلول الذي أنجبك .. أنا عالمك ..
أنا وطنك ..
أنا سندبادك الذي ملَّ من الترحال وعاد أخيراً إلى ياسمينته الشرقية ..
أنا أمرؤ القيس .. أنا عنترة .. أنا جميع من احترق بلظى العشق ومات قبل أن يحظى به ..
أنا لن أموت .. أنا سأثأر لجميع من مات قبلي ..
أنا سأكون الحقيقة الوحيدة التي لا تموت ..
أنا لن أكون ظلاً بعد اليوم ..
لن أكون ظلكِ .
|
التعديل الأخير تم بواسطة ميساء البشيتي ; 25 / 09 / 2011 الساعة 31 : 03 PM.
|
|
|