18 / 09 / 2011, 41 : 02 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مهندس وأديب يكتب الشعر
|
عند الإمتحان يكرم الشعب أو يهان!
عند الامتحان يكرم الشعب أو يهان!
بقلم علاء زايد فارس
[align=justify]
جَلَسا على الشَّاطئِ ليَنْسيا إِرْهاقَ سَنَةٍ دِراسيَّةٍ كامِلة، لَقَدْ كانت جائزةِ نجاحِهِما أن يخرجا سوياًّ إلى الشاطئ دونَ رفقةِ الأهل، بعد أن قطعا ميثاقاً غليظاً على عدمِ السباحةِ في مياه البحر!
لقدْ كانا يراقبانِ الشمسَ عندَ المغيبِ حينما أثارَ سؤالٌ فضولي أَحَدَ هذينِ العَقْلينِ الذكيينِ الصَّغيرينِ عُمْراًً وخِبْرةً على فَكِّ الطَلاسِمِ المُعَقَّدَةِ المُتَعَلِّقَةِ بالظَّواهِرِ الطَّبيعيةِ والبَشَرِيَّة!
قَطَعَ أَحَدُهُما حَبْلَ الصَّمْتِ قائِلاً:
ما رأيكَ يا صَديقي في البحر؟؟!
هل هو وَفِيٌّ أَمْ هُوَ غَدَّار كما يَتَّهِمُهُ الكثيرُ منَ النَّاس؟؟!
فَكَّرَ في السُّؤالِ قَليلاً وَهُوَ يَنْظُرُ إلى الأَمْواجِ المُتَكَسِّرَةِ عِنْدَ قَدَمَيْه، وَكَأَنَّهُ يُحاوِلُ اسْتِخْلاصِ الإِجابةِ مِنْها...
أَجَابَ بِتَرَدُّدْ: لا أَعْرِفُ بالضَّبْط ماهِيَّةَ البحر، فَهُوَ تارةً يُعْطينا الأَسْماكَ الشَّهِيَّة، وتارةً أُخْرى يُغْرِقُنا!
لَوْ كانَ البحر طَيِّباً لَمَا رَفَضَ والدي أن أَسْبَحَ فيهِ لِوَحْدي، إِنَّهُ يَخْشَى عَلَيَّ مِنْ شُرورِهِ عَلَى مَا يَبْدُو...
- وَلكنْ يا صديقي لَمَ نُحَّمِلُ البَحْرَ كُلَّ الشُّرور!
ألا تَذْكر حينما دَرَسْنا في مادَّةِ العُلومِ أَنَّ القَمَرَ يُؤَثِّرُ على مَدِّ البحر وجَزْرِه، وأَنَّ الرِّياحَ تُؤَثِّرُ على أَمْواجِه؟؟!
- ماذا تَعْني يا مُنْذِر؟؟!
- أعْني أَنَّ البحر في أَصْلِهِ كائِنٌ طَيِّب، لكن هَناكَ عوامل أُخْرى تُؤَثِّرُ عليْهِ رَغْماً عنْ أَنْفِهْ!
- إذن فالمشكلة لا تَكْمُنُ في ذات البحر وإنَّما فيمنْ لَمْ يَفْهَمْ سُلوكَهُ وَظُروفَهُ الخاصَّة...
- هذا ما أَرَدْتُ قَوْلَهُ بالتَحْديد، لِذا سَتَجِدْ أَنَّ بَعْضَ الدُّوَلِ لَجَئَت لإقامةِ كَواسِرِ الأَمْواجِ واسْتَقْطَعَتْ أَجْزاءً مِنَ البَحْرِ كَمَنْطِقَةٍ آمنة للسِّباحة وذلك سَعْياً منها للحَدِّ مِنْ حَوادِثِ الغَرَقْ...
سادَ الصَّمْتُ عَلَى ما تَبَقَّى مِنْ لَحَظاتِ المَغيبِ الأَخيرة، لَقَدْ اسْتَغَلاَّ هذهِ اللحظاتِ المُدْهِشَة وهما يُحَدِّقانِ بِعُمْقٍ في الأمواجِ التي تُغَيِّرُ ألوانها بشكلٍ دراماتيكي، وكأنَّما يُحاولانِ التَأَكُّدَ مِنْ صِحَّةِ الإِجابة، أوْ لَرُبَّما لَمْ يَقْتَنِعا بِنَتاجِِ النِّقاشِ لذا فَهُما يُحاولانِ التَّعَمُّقَ أَكْثَرْ للحُصولِ على إِجابَةٍ شافية!
عادَ ليَسْأَلَ صَديقَهُ من جديد:
برأيكَ لماذا حَدَثَتْ الثَّوْراتُ العربية؟؟!
هلْ هِيَ انْفِجارٌ نَتَجَ عَنِ الظُّلْمِ الذي كَانَ يُمارِسُ ضِدَّ الشُّعوبِ على مدى عصور، أَمْ أَنَّها مُؤامَرَةٌ أمريكية كما يَقُولُ البَعْض؟؟!
فَكَّرَ قليلاً ثُمَّ أجابَ بهدوء:
بالطَّبع إِنَّها مُؤامرةٌ أمريكية!
-ولكن كيف عرفت أنَّها مُؤامَرة أمريكية، ألا يمكن أن تكون أمريكا مُجَرَّدَ طَرَفٍ يُحاولُ
احْتواءَ هذهِ الثَّوْرات لَلْحَدِّ مِنْ نَجاحِها؟؟!
- اختلفُ مَعَك، اعْتَقِدُ أَنَّها مُؤامرة أمريكية والدليل – كما يقولُ والدي - أنَّ كونداليزا رايس وزيرة الخارجيةِ الأمريكية كانت إذا حَضَرَتْ إلى مَنْطِقَتِنا لابُدَّ أَنْ تَحْدُثَ مُصيبَةٌ أو فِتْنَةٌ!
- ولكن كونداليزا رايس ليست الآن وزيرة الخارجية، إِنَّها هيلاري كلينتون!
- الوضعُ سيكونُ أَسْوَءَ بِكثير مِنْ زَمَنْ كونداليزا رايس، ألا تعلم أَنَّ هيلاري كلينتون منذ أسبوعين فقط قطعتْ زيارتها إلى أثيوبيا بِسَبَبِ ثَوْرَةِ بُرْكانٍ في أريتيريا؟؟!!
لقدْ كادتْ هذهِ الحَيْزَبون أَنْ تَتَسَبَّبَ فِي تَدْميرِ أفريقيا..!
- هههه
لا أَتَّفِقُ مَعَكَ في هذا التَّحْليل يا صديقي!
- لماذا؟؟!
- لأَنَّ البُرْكانَ العَرَبي هذهِ المَرَّة أَكْبَرُ بكثيرٍ مِنْ حَجْمِ هيلاري كلينتون وإِدارتها اللئيمة، هذهِ الثَّورة كالبُرْكانِ الذي دَرَسْناهُ في المَدْرسة، لَهِيبُهُ وصُهارَتَهُ جاءتْ منْ رَحِمِ الأَرْضِ وَلَيْسَتْ نابِعةً مِنْ أرضٍ غريبة!
لذا سَيُغَيِّرُ معالِمَ الطَّبيعَةِ مِنْ حَوْلِهِ، سَيَحْرِقُ كَلَّ الغُرَباءِ وَكُلَّ مَنِ ارْتَضَى أَنْ يكونَ أداةً في أَيْديهم، وحينما تَجِفُّ صُهارَتَهُ سَيَجْعَلُ أَرْضَنا خَصْبَةً كَما أَرَدْناها....
- لا أُوافِقُكَ الرَّأْيَ يا صديقي!
حتى إذا سَلَّمْتُ جَدَلاً بما تقول فأنت مُتَفائِلٌ حتَّى الثَّمالة، َهُناكَ مَنْ يَعيقُ الطَّرِيقَ أمامَ الحُمَمِ البُرْكانيةِ ويُوَجِّهُها للطَّريقِ الخاطِئ، لذا اعْتَقِدُ أَنَّ هذِهِ البراكين ستَحْرِقُ الأَخْضَرَ واليابِس وسَتَحْرِقُنا مَعَها بالتأكيد!
- إِذَنْ مِنَ الأَفْضَلِ أَنْ نَعُودَ إلى بَحْرِنا، فَتَحْليلُ فَلْسَفَتِهِ أَسْهَلُ بِكَثيرٍ مِنْ فَهْمِ ما يَحْدُثُ حَوْلَنا مِنْ أَحْداثٍ مُعَقَّدَة!
- أُوَافِقُكَ الرَّأي..
دَعْنا نَحْكُمُ على ما يَحْدُثُ مِنْ خِلالِ النَّتائِجْ...
فَعِنْدَ الامْتِحان يُكْرَمُ الشَّعْبُ أَوْ يُهان!
[/align]
علاء زايد فارس
18/7/2011م
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|