الموضوع: حبّ وكراهية
عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 10 / 2011, 35 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

حبّ وكراهية

كلّما ظننت بأنّي أكتب الحبّ بوجع قلمي أجدني أُكْتَبُ، أدوّنُ بمحبرته. أنا الساذج، الأمّي غير القادر على تخطّي صفحة غلافه، أظنّ بأنّي قد مضيت بعيدًا في كتابته وقراءته وسبر أغواره. لأجد نفسي مخطئًا. لكنّي أحاول البقاء فوق المركب البدائيّ خوفًا من الغرق، حتى وإن حاولت بربرية ذات عيون سود وشعر أسود فاحم وقلب متمرّد كبير يتّسع لكلّ قدراتي الغرامية ويزيد، حتى وإن حاولت بربرية دعوتي وشدّي إلى الأسفل، حيث يزداد الضغط حدّ الانفجار.

لم أعد أشعر بعظامي التي أخذت تتحطم كأعواد كبريت تحت ثقل الضعط الكبير الذي مارسه معذَبي دون رحمة. كانت الدماء تنزف من أنفي وأطراف فمي المهشم. "لا ضرورة كي تعترف، دعني أشعر بمتعة قتلك تحت وطأة التعذيب. لا قيمة لكلّ ما قد تتفوّه به، اصمت ومُتْ لأنّك وستبقى نكرة إلى ما شاء أصحاب القرار.
أرضى سيدتي برجع الهوى، أعرف بأن قوّة ارتداده مدمّرة، قادرة على تحطيم مراكبي المراهقة. أرضى بأن أكون الضحية دون الجلاد، لكن سوط العشق لا يفرّق بين روحين هائمتين. كلّنا رهن لحظة اللقاء والوداع، لا يمكن لأيّ منّا ترتيب مواعيدها، فأجمل ما فيها الفوضى العارمة التي تسرق منّا القدرة على تحديد الجهات والوجهات. لهذا لا يمكنني استخدام البوصلة المعطوبة لأنّها موّجهة دومًا نحو الحبيب.

ليست لديّ أيّة رغبة بقتلك، لكن عليك أن تعلم بأنّني قادر على ذلك. أريدك أن تشعر بأنّ مكانك في هذه البقعة من الأرض لا يرقى للصفر. لهذا سأحتفظ بك أيقونة بين جدران السجن، أنت الرقم المكوّن من خمسة أرقام، أعدك بأن تنسى اسمك وأصلك وأفصلك، واعلم بأنّ هذا الأداء والسلوك يترك لديّ نشوة كبيرة لا يمكن أن توصف أبدًا. إنسانيتك لا تعني لي الكثير، ما يهمني جهازك العصبيّ، لديّ رغبة هائلة في امتحان قدرته على الاحتمال. تعذيبك ليس كراهية شخصية لأنّك لم تبلغ مكانة الشخص بمعنى الإنسان الكامل التكوين. تنقصك تربية أصولية وأنا سأعمل جاهدًا كي تحصل عليها.
أعرف بأنّه لا توجد خيارات في طرائق مسيرة القلب. لكن، لا تكتمل الرجولة دون العشق، لا أنوثة دون حبّ جارف يأخذ في طريقه الوعي ونبضات القلب، يرسل المعنيّ منّا إلى غرفة الإنعاش. المعذرة يا حبّ سأحاول الكتابة عنك، فاسمح لي بمساءلتك بداية لماذا ذكورتك النحوية، أليس قلب المرأة منبعك ومهجعك وحتفك! لا تجبني فأنت أكبر من السؤال والجواب. أنت البداية، وأنت خطّة التكوين الأولى. يا حبّ دعني بين يديك بداية أغنية، أنشودة .. هناك ملايين القلوب القادرة على إنهاء الحكاية وإكمال ما تبقّى من أغاني العندليب. ثِق برجع الهوى، لا تنزوي يا حبّ، أنت لنا ونحن .. نحن لك، بكلّ ما أوتينا من عنفوان وغباء واندفاع واندحار وشوق وقدرة على الهجر واحتباس الدمع وانطلاق الألم في عتمة الليل والتضحية من أجل العيون السود البربرية واقتحام المصاعب والسهر والنوم فوق مكتب العمل والركوع أمام سلطانك. ما أقربك يا حبّ، ما أبعدك! كأنّك السبحة بين أصابع أيدينا، كأنّك قطرة الماء الهاربة في مجرى النهر كأنّك سراب يقطر شهدًا في لجّة الصحراء، ما أقربك .. ما أبعدك!

ما لون شعرها، كيف تبدو أمام المرآة حين تضع الكحل في عينيها؟ كيف يبدو الليل منعكسًا في بؤبؤ عينها؟ حاول أن تحتفظ بكلّ هذا يا مسكين، لأنّك لن ترى امرأة في السنوات الألف المقبلة، سأعمل على قتل الأمل في كيانك، خلاياك، مجسّاتك. لا تعذرني .. أعرف بأنّ لديك رغبة لا توصف لتمزيقي، لكن هذا لن يحدث، هناك ألف عازل بيني وبين كيانك الهشّ. لا تحلم، لا تتأمّل، من الأفضل أن تضع الأمل فوق الرفّ كما قلت لك لألف عام ويزيد من الزمن.
لا أحاول الهرب من دربه المليء بأنغام تتردّد ما بين الانعتاق والعبودية. لا ضرورة لهرب محكوم بالفشل لهذا .. ابق الأغنية حتى آخر رمق فيها، دع وقع الحياة بكلّ عنفوانه يتهادى أمامك. إذا غاب الحبّ لحظة فسأدقّ طبول الحرب قبل مغيب الشمس. لا للأرواح المعذّبة، الوحيدة، الهائمة، المقهورة. لا لحياة بليدة يرقى خلالها السكون في أوردتنا الظمأى.

حياتك بليدة، أنت عنوان القهر. المطلوب هو الركوع أمام هذه الصور. اعلن طاعتك العمياء وستحصل على رصاصة الرحمة لتصبح نكرة. نحن قادرون على تقديم رحمة الموت معلّبة بصكوك غفران عليا. نحن أولياء أمور الأمّة بأسرها، فهل هناك من يعترض؟

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس