04 / 10 / 2011, 59 : 10 PM
|
رقم المشاركة : [2]
|
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )
|
رد: الصهيونية وآثارها.
[align=justify]نتابع نشر القسم الثاني من مقال الصهيونية وآثارها.
الحركة الصهيونية.
تشريد وطرد غالبية الفلسطينيين كانت نتيجة لسياسات المخطط الصهيوني لاكثر من ثلاثين سنة. في صُلب سياسة الحركة الصهيونية ركزت على إثنتين من أهدافها:
تحقيق أغلبية يهودية في فلسطين
وإكتساب الدولة اليهودية
وأرادت تحقيقهم بغض النظر عن رغبات السكان الأصليين. هنا يرجى الملاحظة بأن مفتاح سياسة الحركة الصهيونية كان ولايزال عدم الاعتراف بالحقوق السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني.
حاييم وايتزمان، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، قدم أقصى المطالب لمؤتمر السلام في باريس في شباط 1919، وذكر أنه يتوقع قدوم 70,000-80,000 مهاجر يهودي سنوياً الى فلسطين، وعندما يصبح اليهود أغلبية، فإنهم سيقومون بتشكيل حكومة مستقلة وفلسطين سوف تصبح : "يهودية لليهود كما هي إنكلترا إنجليزية للانجليز". قدم وايزمان حدود الدولة المطلوبة كالتالي: البحر المتوسط غرباً؛ صيدا ونهر الليطاني وجبل حرمون شمالاً؛ جميع شرق الاردن غربي خط الحجاز الحديدي شرقاً ؛ والخط من العقبة عبر سيناء الى العريش جنوباً. قائلاً :
"الحدود المبينة أعلاه هي التي نعتبرها ضرورية للمقومات الاقتصادية للبلد. يجب ان يكون لفلسطين منافذ للبحر وسيادة وسيطرة على الأنهار ومنابعها. الحدود المبينة أخذت في عين الاعتبارالأحتياجات الاقتصادية العامة والروابط التاريخية [للشعب اليهودي] في البلد."
وعرض وايزمان على الدول العربية منطقة حرة للتجارة في حيفا وميناء مشترك في العقبة.
الطلبات التي قدمها وايزمان لمؤتمر السلام كانت مطابقة لمطالب القادة الصهاينة التي تم الاتفاق عليها مسبقاً في مؤتمرهم الذي عُقد في كانون الاول 1918. من مطالبهم ايضا التحكم في كل التعيينات الإدارية وطالبوا الانتداب البريطاني على مساعدتهم لتحويل فلسطين الى دولة يهودية ديمقراطية تضمن فيها للعرب الحقوق المدنية للاقليات. على الرغم من ان مؤتمر السلام لم يخصص كل هذه الأراضي الشاسعة للوطن القومي اليهودي ولم يدعم هدف تحويل كل فلسطين الى دولة يهودية، لكنه لم يغلق الباب أمام هذا الاحتمال. والأهم من ذلك عرض وايزمان تضمن بكل وضوح وبكل قوة الأهداف الاستراتيجية للحركة الصهيونية.
هذه الأهداف تستند الى بعض المبادئ الاساسية التالية للحركة الصهيونية:
- الحركة الصهيونية ليس فقط حركة عادلة، بل هي ايضاً حركة تلبي حاجة ملحة لليهود المُطهدين في أوروبا.
- الحضارة الاوروبية أرقى من الحضارة العربية، وفي هذا المجال من الممكن أن تساهم الحركة الصهيونية في تهذيب الشرقيين.
- الدعم الخارجي ضروري جدا لنجاح الحركةً خاصةً من دولة عظمى وأما عن العلاقات مع العالم العربي فهي ثانوية.
- القومية العربية هي حركة سياسية مشروعة، ولكن القومية الفلسطينية إما منعدمة او إذا كانت موجودة فهي غير شرعية.
- واخيراً اذا لم يرضخ الفلسطينيون لمطالب الحركة الصهيونية، فالرد الوحيد أمام الحركة هو إستعمال القوة القاهرة لإجبارهم على الرضوخ لإرادة الحركة.
أولا
مُعتنقي الفكرة الصهيونية يروا ان اليهود شعب أصيل لهم حق كامل غير قابل للتصرف في كل فلسطين مستندين لذلك لإشارة التوراة (او العهد القديم) لفلسطين بأنها ارض الميعاد المخصصة لقبائل بني اسرائيل. اما الصهاينة العلمانيين إعتمد أكثرهم على الحجة القائلة ان فلسطين وحدها هي التي تستطيع حل مشكلة التشتت اليهودي وشراسة معاداة الاوروبيين للسامية. في هذا السياق أشار وايزمان في عام 1930 ان إحتياجات 16 ملايين يهودي أكبر من إحتياجات مليون من العرب الفلسطينيين:
"وعد بلفور والانتداب البريطاني حتما فصلوا فلسطين من الشرق الأوسط، وربطوها بمشكلة اليهود في كل أنحاء العالم ... حقوق الشعب اليهودي في فلسطين لا يمكن ان تتوقف على رغبة ولا حتى على إرادة الأغلبية السكانية الموجودة في فلسطين في الوقت الحالي."
هذا الرأي كان أكثر تشدداً في الحركة الصهيونية التصحيحية (او التنقيحية) بقيادة جابوتينسكي حيث انها بررت أي عمل ضد العرب من اجل تحقيق الاهداف الصهيونية.
ثانيا
بشكل عام يشعر الصهاينة بأن الحضارة الاوروبية أرقى من الحضارة والثقافة العربية. ثيودور هيرتزل (مؤسس المنظمة الصهيونية العالمية) ذكر في كتابه "الدولة العبرية" أن المجتمع اليهودي ممكن إستخدامه:
"كجزء من خط الدفاع عن أوروبا في آسيا، وكإمتداداً للحضارة ضد البربرية".
وايزمان ايضا إعتقد انهم يخوضن معركة الحضارة ضد الصحراء. برأيه الصهيونية ستجلب الإزدهار والتنمية الاقتصادية للعرب الغير متحضرين. وبالمثل ديفيد بن غوريون (القيادي العمالي الصهيوني) لم يستوعب لماذا يرفض العرب إستخدام المال اليهودي، والمعرفة العلمية والخبرة التقنية لتحديث الشرق الاوسط. وعزا هذا الرفض الى التخلف العرب بدلا من الاشارة الى ان الصهيونية تشكل إهانة للكرامة العربية وتطلعاتهم الوطنية.
ثالثا
اعترف القادة الصهاينة بحاجتهم لدعم خارجي لإعطائهم المظلة الشرعية في الساحة الدولية والتي ستساعدهم بتوفير الحماية القانونية والعسكرية في فلسطين. بريطانيا العظمى لعبت هذا الدور في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، وإصبحت الولايات المتحدة الحليف الحميم للحركة منذ منتصف الاربعينات. أدرك القادة الصهاينة انهم بحاجة لتغيرات تكتيكية مع الاستمرار في العمل من اجل تحقيق اهدافها طويلة الأجل، على سبيل المثال التقليل من تطلعاتهم السياسية من خلال تصريحاتهم العلنية او حتى المطالبة علنياً بالقبول بدولة محدودة الاقليم بشكل مؤقت، اما بالنسبة للتواجد الفلسطيني ومتطلباته الوطنية فكانت تعتبرثانوية. القيادة الصهيونية لم تحاول على الإطلاق التحالف مع العالم العربي ضد البريطانيين والاميركيين. على العكس تماما، كان وايزمان على وجه الخصوص يرى انه يجب على الصهاينة دعم الامبراطورية البريطانية وحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. فيما بعد تطلع القادة الأسرائيلين للدولة اليهودية بأنها رصيداً استراتيجياً للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
رابعا
القياديون الصهاينة قبلوا فكرة الأمة العربية ولكنهم رفضوا مفهوم الامة الفلسطينية، واعتبروا السكان العرب المقيمين في فلسطين ما هم إلا جزء بسيط من العالم العربي. علاوة على ذلك لايزال الكثير من الصهاينة ينظرون للشعب الفلسطيني بأنه شعب يفتقر لأي هوية مستقلة وأي تطلعات وطنية مشروعة (انقر هنا ، لقراءة ردنا على هذه الخرافة الصهيونية). وايزمان وبن غوريون كان لديهم الأستعداد للتفاوض مع الحكام العرب من أجل كسب إعترافهم بدولة يهودية في فلسطين مقابل إعتراف الصهاينة بإستقلال العرب في أماكن اخرى، ولكن الصهاينة رفضوا التفاوض بأي شكل مع السياسيين فلسطينيين من أجل التوصل الى تسوية سياسية في وطنهم المشترك. في هذا السياق كتب وايزمان إلى سياسي بريطاني بارز عام 1918:
"الحركة الوطنية العربية في تطوير بشكل جدي في دمشق ومكة... وأما عن المسألة العربية في فلسطين فإنها ستأخذ طابعاً محلياً، وفي الواقع لا يمكن التعامل معهم بشكل جدي."
وتمشياً مع هذا التفكير قابل وايزمان الأمير فيصل إبن الحسين في السنة نفسها في محاولة لكسب موافقته على إقامة دولة يهودية في فلسطين مقابل الدعم المالي والسياسي الصهيوني لتوليه الحكم في سوريا الكبرى والحجاز.
بن غوريون ، وايزمان ، وغيرهم من القادة الصهاينة اجتمعوا مع كبار القادة المسؤولين العرب خلال عام 1939 وخلال مؤتمر لندن الذي عقدته بريطانيا لتسوية الصراع في فلسطين. إنتقد الدبلوماسيون العرب من مصر والعراق والسعودية وعد بلفور الذي منح فلسطين للطائفة اليهودية وأكدوا أن السبب الرئيسي وراء التباعد بين العرب واليهود هو تزايد الهجرة اليهودية. وردا على ذلك، اصر وايزمان ان فلسطين يجب ان تبقى مفتوحة لجميع اليهود الراغبين في الهجرة لها، واقترح بن غوريون انه يجب ان تصبح كل فلسطين دولة يهودية يربطها إتحاد فدرالي مع الدول العربية المجاورة. رفض المشاركون العرب هذه المطالب لأنها ستزيد من تفاقم الصراع بدلاً من المساهمة في البحث عن حل. الفرضية الصهيونية بأن الحكام العرب سيتجاهلون حقوق الشعب الفلسطيني مقابل الدعم الصهيوني المالي ولنيلهم الأستقلال كان خاطئاً.
خامسا
وأخيرا إستنتج القادة الصهاينة أنه اذا تعذرعلى الفلسطينيين القبول بالأهداف الصهيونية، فإذاً الحل الوحيد أمامهم هو إستخدام القوة لإجبار الفلسطينيين على الرضوخ للأهداف الصهيونية. وبحلول اوائل العشرينات، وبعد الأحتجاجات الفلسطينية ضد تزايد الهجرة اليهودية لفلسطين في يافا والقدس، إستنتج القادة الصهاينة بأنه قد يكون من المستحيل سد الفجوة بين اهداف الشعبين. بناء الوطن القومي حتما سوف يؤدي لتصادم لأن الأغلبية العربية لن توافق على ان يصبحوا أقلية. والواقع انه منذ عام 1919 قال بن غوريون بكل صراحة ووضوح:
"الكل يرى صعوبة العلاقات بين العرب واليهود. ولكن ليس الجميع يرى انه لا يوجد حل لهذه المسألة. لا يوجد حل!!! يوجد فجوة بين الطرفين ولا شيء يمكن سد هذة الفجوة... أنا لا أعرف أي عربي يوافق على ان تكون فلسطين لليهود... إننا كأمة نريد هذا البلد لتكون فيها دولتنا اليهودية؛ والعرب كأمة يريدون هذا البلد لتكون لهم."
عندما زادت التوترات في العشرينات والثلاثينات أدرك القادة الصهاينة أنه يجب إجبار الفلسطينيين على الرضوخ للأهداف الصهيونية. صرح بن غوريون في عام 1937 اثناء ثورة 36:
"هذه الحرب التي تشن ضدنا دوافعها وطنية ... المقاومة الفلسطينيين تشن ضدنا لأنهم يعتبرون اليهود مُغتصبين لوطنهم ... القتال ما هو إلا جانب فرعي من جوانب الصراع، ولاكن جوهر الصراع أهداف سياسية. من الجهة السياسية نحن المعتدون وهم المدافعون."
هذا الاستنتاج هو السبب الرئيسي الذي دفع بن غوريون بعيداً عن التفاوض مع الفلسطينيين العرب. على العكس تماماً، أصبح اكثر تصميماً على تعزيز القوات العسكرية اليهودية حتى تتمكن على إجبار الفلسطينيين على التخلي عن مطالبهم الوطنية.
للمقال بقية
[/align]
|
|
|
|