الثورة قيمة والقيمة لاتزول بزوال الحدث
الثورة قيمة والقيمة لا تزول بزوال الحدث والرجال ، إنها الحدث الراسخ الخالد الذي وشم ذاكرة الأجيال السابقة أين تم تأسيس الفعل الثوري والمساهمة فيه ، حيث كان الحدث العملاق انفجارا هز العالم والكون آنذاك ، ووشم أيضا ذاكرة الأجيال اللاحقة أجيال ما بعد الثورة فما زالت الظاهرة الثورية تبصم المجتمع الجزائري على مستويي الذاكرة والمخيال الجمعيين والواقع أيضا ، لقد قدمت الثورة الجزائرية الكبرى للوطن الكثير وللإنسانية أيضا ، فكانت وقودا حيويا لا ينضب يغذي حركات التحرر في العالم فماذا قدمت الأجيال اللاحقة أجيال مابعد الثورة لثورتها ووطنها ؟ وهل نحن حقيقة في مستوى ثورتنا الخالدة ؟
كانت الثورة ظاهرة بذل وعطاء لدى الأجيال المؤسسة التي انخرطت في الفعل الثوري بوعي تام فكانت قراءة النخبة المفجرة لهذا الفعل لواقعها الجزائري ناجحة موفقة ، فذلك الواقع الفاسد يجب أن يهدم ليبنى على أنقاضه واقع جزائري صالح جديد بمقاسات جزائرية صرف فكانت على أتم الوعي بالواقع وعلى أتم الوعي بالممكن أيضا ، فكانت قراءتها التطبيقية على أرض الواقع ناجحة صالحة ، لأن الثورة الحقيقية قبل أن تكون فعلا مسلحا يمشي على الأرض ناضلت النخبة لتقيمها على أرض الفكر ، فالثورة إذا فعل فكري قلب المفاهيم القديمة رأسا على عقب في عقول النخبة ليقيم المخططون النخبويون مشروع فكرة الثورة في عقول العامة ليخوضوا بدورهم معركة إقناع عامة الشعب ، وبعد أن نجح بامتياز تطبيق ثورة الإقناع ، نجح مشروع الاحتضان من خلال ثورة الاحتضان ، ليكون الشعب المحضن الحقيقي الفعلي للتطبيق وبالتالي تم نجاح الفعل الثوري لتكون ثمرته الناضجة طرد المحتل وإجلائه عن الوطن .
لقد نجحت الثورة التحريرية الكبرى في تغيير واقع استدماري فاسد رديء ، ولكنها لم تنجح في مشروعها النهضوي كثورة تغييرية بنائية شاملة لعقلية الجزائري ، ليتجه بدوره نحو بناء نهضة بناءة شاملة تكون في مستوى تطلعات وأهداف الثورة النوفمبرية الخالدة وما حدث لأجيال ما بعد الثورة - وهم الغالبية التي تشكل نسيجنا الاجتماعي - أنهم دخلوا دائرة الشعور بتضخم الأنا الثوري ليكون هذا الإحساس ظاهرة مرضية معوقة فكانت هذه العقدة الإبليسية التي استسلموا لوساوسها مرضا معوقا ظهرت أعراضه في البنى الاجتماعية المختلفة وفي شتى أنسجتنا الاجتماعية بمختلف أطيافها الطبقية فلم تسلم مؤسساتنا الاجتماعية عن بكرة أبيها من ظواهر سلبية مختلفة تشل طاقة البذل والتضحية من أجل أن يكون الوطن في مستوى ثورته الخالدة فلا نهضة على مستوى الاقتصاد والاجتماع والدين واللغة والثقافة والتربية والصحة ولم تسلم مؤسساتنا من ظاهرة التكديس التي عالجها مفكرنا النهضوي مالك بن نبي في مؤلفاته الفكرية الرائعة ولم يزل شبابنا تحت تأثير الأفكار القاتلة والأفكار الميتة التي أشار إليها مفكرنا العملاق .
فالفكرة الثورية لدى الجيل المؤسس كانت مملوءة بالحياة بينما تحولت لدى أجيال ما بعد الثورة إلى فكرة فاقدة للحياة تجول في ذواتهم كفعل معوق يمتص بسهولة الأفكار القاتلة التي يتشربها شبابنا من الجانب الفاسد السيء في الثقافة الغربية لتغذي بدورها فعل العنف وغيره من الأفعال الفاسدة التي تضرب الوطن .
عادل سلطاني ، بئر العاتر السبت 29 أكتوبر 2011