رد: حفل تأبين شاعرنا الكبير الغالي الأستاذ طلعت سقيرق
[align=justify] لا .. لن يكون نعيا
والفجر يؤذن معلنا عن بزوغ يوم جديد .. تراءى لي الأفق مكفهرا .. وغاصت جبال الريف في متاهة الضباب .. وانحسرت أمواج المتوسط مستكينة .. لا لون للبحر .. لا رائحة للسنديان .. لا صوت لمياه الغدير الذي صار آسنا ..
شرد الذهن تلقائيا إلى البعيد .. إلى الشرق الموغل في الحزن .. المتلفع برداء من الدموع .. جبل الكرمل .. جبل قاسيون.. جبل الشيخ .. الغوطة .. نواعير حلب .. ما لهذا الصوت الآتي من غياهب المجهول يأبى إلا أن يكون نعيا ؟
و تفتح جلق ذراعيها للوافدين .. لمن شعروا بالثكل واليتم و الترمل .. تفتح ذراعيها للأجساد وشبة الأجساد وللأرواح و الأفئدة . تندب حيفا حظها فيهتز الجليل و يسري النبأ كالنار في الهشيم .. من الجنوب إلى الشمال .. إلى صيدا فبيروت إلى طرابلس .. ومن الشرق إلى الغرب مرورا بغزة ليبحر أو يطير حتى تطوان .
ما كل هذا العويل ؟ ما كل هذه الدموع ؟ .. أأكون استثناء من دون الخلق ؟ فلا ابكي ولا أذرف الدموع ؟ .. ولا أصيح و لا أصرخ ؟ ولم كل هذا ؟ ما الذي حصل ؟ .. نعي ؟ .. لا .. ليس نعيا .. النعي يكون حين يرحل أحد . من رحل ؟ لا أحد .. الذي رحل ما يزال هنا .. باق هنا .. روحه .. فكره .. بسمته .. عطاؤه .. هو ميلاد جديد له .. سيعرفه الآن من لم يعرفه ومن تقاعس عن معرفته .. فلنحتفل بهذا الميلاد ولنردد معا .. لن يكون نعيا .[/align]
|