ما أصعب فراق الأهل والأصدقاء ولكن هناك دائماً أمل في اللقاء
إلا فراق الموت الذي يغيب الأحباب .. لا اعتراض على حكم الله ومشيئته ( وكل من عليها فان )
كما تنطلق صفارات الإنذار معلنة عن غارة جوية ويحلق طائر الموت بأزيزه المرعب وصلني الخبر وبدأت كالمستجير من الرمضاء بالنار أتواصل مع فلان وفلانة لأتأكد مما سمعت ربما إشاعة !! ربما حقد وغيرة .. ربما أنا في حلم !!! ربما ... ربما .... ربما .... وللأسف كانت هي الحقيقة ...... إنه الموت المتربص بالإنسان في كل لحظة !! إنه الزائر المباغت الداخل دون استئذان !!! للموت غصة ولنا من بعد فراق الأحبة انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر .. يختارنا واحد أثر آخر "لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".
في فراق موت الأحباب نبكي ونذرف الدمع في وداعهم ونشيعهم لمثواهم الأخير ونحن لا نكاد نصدق أننا لن نراهم بعد اليوم.
الموت هو الذي غيَّب شاعرنا وأديبنا الحبيب طلعت سقيرق
لقد فقدنا قيثارة الأدب والشعر السامق والإنسان المناضل من أجل فلسطين
رغم أن الموت علينا حق لكن الأديب الحبيب طلعت سقيرق غيبه الموت قبل ان يرى ما كان يحلم به تحرير فلسطين التي كانت مصدر إلهامه وعطائه ورمز توهجه وابداعاته
إن القلب ليحزن والعين لتدمع وتتلعثم الكلمات وتتدحرج الدموع حتى تنحسر أمواج الدمع
ولا نقول إلا كما قال حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزنون
ولا نقول إلا ما يرضي الله ( إنا لله وإنا إليه راجعون )
يا أيها الفارس الذي ترجل و رحل دون إنذار فهذه شيم الفرسان يرحلون وهم واقفون يأخذهم كالشمعة المضيئة التي طفأتها ريح عاتية.
أيها الفارس النبيل لقد ترجلت مبكرا ورحلت فجأة وتركت في قلوب أسرتك ومحبيك حسرة من الصعب أن تزول،
تمر بنا الأيام والساعات وجسدك الطاهر قد غاب في زحمة العمر الطويل وما زالت روحك تدور بين أفياء الشجر وزهر الياسمين وغصن الزيتون والطابون والسنديان والبرتقال وتحلم في شوارع حيفا وشوارع فلسطين ... وفي شعاع شمس الصباح كيف لا وأنت الربيع المتخفي بهيئة شاعر
وهذا هو العاشق لفلسطين طلعت سقيرق عندما سئل يوماً : ماذا اعطت فلسطين لكتابتك : أجاب:" فلسطين تسكنني وتراقص كل حرف من حروفي، لا استطيع ان اكون كاتباً دون الكتابة عن فلسطين ، وكتابتي عن فلسطين كتابة حب وانحياز وشوق وامل وتطلع ومعايشة .. انا لا أكتب انطلاقاً من مقولات حزب أو تنظيم لايماني ان فلسطين أكبر من كل هذا .. فلسطين هي حزبي وتنظيمي وفضائي الواسع".
العظماء بأجسامهم يموتون ، وبمنجزاتهم يخلّدون.. ومها مرت الأعوام وتعاقبت الأيام فإنهم لا يُنسون .. تظل أسماؤهم نجوما لامعة تضيء للأجيال الطريق نحو العزة والكرامة والحياة الحرة الكريمة.
وها أنت الآن تغيب عنا كما تغيب الشمس في الأفق البعيد لكنك تشرق في أحلامنا في أفكارنا وفي ذكرياتنا
أيام قليلة ويأتي أربعين يوماً على غيابك عنا ومازال صوتك في المكان وصورتك لا تفارق الخيال وقد فارقت أحبابك إلى دار الحق .. وأي دار ؟؟ هي أعظم من الدار التي نحن فيها !!
ألا أذرفي يا دموع , واهطلي يا عين أعز عبراتك .... ألا ابك يا قلب وتمزق ... واعتصري يا نفس حزناً على فراق الغالي أديبنا الشاعر طلعت سقيرق
بفقدانك يا شاعرنا الحبيب فقدنا إنساناً عظيماً ... وما أجلَّ مصابنا !! رزئنا وما أعظم الرزء !! خسرنا وما أجسم الخسارة !!
صرت في الخمسين
فاتئدي قليلاً
صرت في الخمسين
والأيام ما عادت بكفي
صرت في الخمسين
أصرخ من جراح الروح
من أعماق قلبي
هل ترى أبقى الزمان
لشعلة الشعر البهي
لبسمتي
بعض الذي في العمر يكفي
نعم يا شاعرنا الحبيب فقد كنت الشاعر العاشق للوطن وقد أديت رسالتك على أكمل وجه ولم تقصر في حب الوطن والتضحية من أجله وحب كل من هم حولك وحب أدبك الذي كان سامقاً مثلك ايها الشاعر الغالي طلعت سقيرق
من يرى ملامح و سماحة وجهك يا طلعت سقيرق وطيبتك يستغرب عندما يراك وأنت تتألق المنبر تلقي قصائدك !!!
كم من الحماس وكم من الشوق والعشق للوطن وأنت تصرخ بأعلى صوتك مما يجعل الجميع ينظرون إليك وكلهم تأمل وترقب لما ستقول ...
كانت أمنياتك عظيمة أيها الشاعر الفذ وطموحك لا ينتهي بكيناك يا طلعت وسنبكيك ما حيينا
نبكي فيك الرصانة وعقلك الراجح وسداد رأيك ...... نبكي فيك الأمانة والحلم ورجاحة العقل وحب الإلفة ... أيها الأب الحنون والرفيق المخلص والصديق الحميم
ومع ذلك تأكد تماماً أيها الشاعر السامق أننا لن ننساك .. لأنك لم ولن ترحل عنا وإن حاولنا يوما أن نعرف أين أنت الآن فلن نقصر سنعود إلى نور الأدب لأنك ستبقى حياً وأعمالك حية خالد أمد الدهر وهاأنت تجمع الآن بين الذين أحبوك ليلتقوا مع ذكراك العطرة , ويستعيدون مآثرك , ويترحمون على روحك الطاهرة .
أسأل الله أن يهديك الجنات وأن يرزقك الحور بعد الممات ويهل عل قبرك من البركات فالرحمن مضيفك والجنة مثواك فنعم المضيف ثم نعم المستقر وعزاؤنا فيك كبير