19 / 11 / 2011, 37 : 10 PM
|
رقم المشاركة : [39]
|
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
|
رد: سوريا وأزمة أعداء النظام !
في تاريخ 29/2/1984
كان الرئيس الراحل حافظ الأسد ، يقف مبكرا وقبل أن تحط طائرة الضيف القادم من بيروت
لتحط في مطار دمشق الدولي وعلى غير عادته - يقول أحد الصحافيين - كان الأسد متلهفا للقاء هذا الضيف القادم .
وعلى الرغم من الأخطار المحدقة بسوريا في حينها؛ وعلى الرغم من تلك الأخبار التي كانت
تتحدث عن تدهور صحته ؛ الا انه قد بدا باسما وفي غاية السعادة ، ويتمتع بحيوية كبيرة وبروح مرحة عالية .
ما أن نزل ذلك الضيف حتى احتضنه بشدة وهمس في أذنه قائلا :
" كنت اعلم انك آت ؛ ولن أنسى موقفك هذا ما حييت .
فالرئيس اللبناني أمين الجميّل كان قد ألغى أتفاق السابع عشر
من أيار مع العدو الإسرائيلي وأوعز إلى البرلمان / مجلس النواب / بالتصويت لإسقاطه ..
ولكن ما الذي دفع بالجميل لينتقل من الحضن الأمريكي وتحصيلا الإسرائيلي ليضع نفسه في الحضن السوري ؟!
موازين القوى . نعم ، وليس وخزا من ضمير ، لقد تبدّل كل شيء على الأرض
فقصفه للضاحية الجنوبية من بيروت لمدة شهرين قد أخرج كل " الشيعة "
من ألوية الجيش التي كان يسيطر عليها ، والقوات الإسرائيلية تتراجع عن بيروت وتهرب من الجبل نتيجة المقاومة .
فالرئيس الشاب قال لمضيفه :
لا يمكنني اختيار " السلام الإسرائيلي " فهو خيار مدمر ؛
وأتمنى ان تكون بداية مرحلة جديدة في تاريخ لبنان ،
لتساعدونا في صنع سلامه ووحدته .
هكذا عادت سوريا إلى لبنان للعب دورا أكبر وأكثر فاعلية عما كان عليه الوضع قبل العدوان
الإسرائيلي ؛ فبدأت معالجة الوضع بالدعوة الى المباشرة لحلفائها لتلبية الدعوة إلى مؤتمر
للحوار الوطني اختار الأفرقاء جميعا ان يكون خارج لبنان ، فكان في لوزان . وفشل . ثم
اعقبه مؤتمر آخر في جنيف برعاية سورية فخرج المجتمعون بوثيقة .
لكن عقبتان أساسيتان واجهتا نظام أمين الجميل بعد وثيقة جنيف تمثلتا في " القوات اللبنانية "
المتخمة بالسلاح، ووليد جنبلاط " والحكم الذاتي" الذي بدأ بتطبيقه مدعوما من بعض
" رجال الكهنوت " الحالمين بذلك " الهلال الدرزي " الجغرافي ( الموعود ؟ )
من ساحل الدامور حتى جبل العرب في حوران
أما القوات اللبنانية كانت ما تزال معتدة بقوتها العسكرية الضخمة وبميراثها " الأيديولوجي "
المتمثل بمشروعها الانفصالي الذي كانت تعد لتطبيقه " عندما تنضج الظروف المحلية ! "
عبر إقناع اكبر عدد من المسيحيين على المستوى الشعبي بذلك الخيار المُعلنة حدوده (من كفرشيما حتى المدفون )
فتبادل الطرفان " المنفعة " : سمير جعجع يرسل زعرانه إلى القرى المسيحية المحاذية لمناطق
الدروز فيفتعلون مشكل ، ثم تقوم ميلشيا جنبلاط بتهجير جميع سكان القرية وهدمها بعد السيطرة
عليها في بواسطة المعارك ، والمضحك المبكي أن الناس تعلم ،ولسان حالها كان يقول :
" جعجع يُهجّر ، وجنبلاد يهدّم ، " ومتمول " يشتري الأراضي بأدنى الأسعار !
( وتدخلت دمشق للضغط عليه اكثر من مرة دون نتيجة )
وفي كل مرحلة كان يتملص من اي إستحقاق جدي عبر إما عدم حضوره جلسات مجلس
الوزراء وإما فتح معارك جديدة في مناطق مختلفة خصوصا في منطقتي اقليم الخروب وشرق
صيدا " وبالتعاون " الخفي وغير المُعلن ، مع الطرف المقاتل الثاني ( القوات اللبنانية )
كل واحد منهم كان يسعى إلى إقامة " كانتونه " الخاص .!!
يقول جوزيف ابو خليل في كتابه " قصة الموارنة في
الحرب" ص 270 : - وحدث ان كنا ثلاثة مع الرئيس الجميل
ننظر فيما يمكن فعله لوقف الفتنة:
إيلي سالم وغسان التويني وأنا . اقترح غسان التويني ،
على الرئيس الجميل إجراء إتصال هاتفي مع الرئيس الأسد
لإطلاعه على خطورة ما يجري وللإتفاق على قمة لبنانية -
سورية عاجلة لهذا الغرض . "
ثم اكمل ابو خليل ونقل عن لسان الجميل تساؤله أمام
الرئيس السوري في تلك القمة قائلا : - وألف مرة تساءلنا
وتساءلت الناس معنا : وهل من المعقول ألا تمون سوريا
على حليفها جنبلاط ؟ او هل هو معقول أن ترى دمشق
حليفها المذكور يساهم ، في شكل او آخر ، في تنفيذ
خطط إسرائيل ولا تواجه بأي شيئ ؟؟؟!!
)انتهى كلام ابو خليل (
.......................
إن الذي كان لا يعلمه أبو خليل
ان الأسد كان يعلم ؛ بان وليد جنبلاط لم يكن ليقبل
بحضور " لوزان وجنيف " اصلا لو انه لم يستشعر بعودة
" القوة " الى الحضور السوري - الغير متوقع لكثير من
المراقبين حينئذ -
وان الأسد كان يعلم ؛ ان جنبلاط وبعض أركان " الكهنوت "
المحترم كانوا قد شكلوا قوة ميليشيا عسكرية
(غير قوة ما يُسمى الحزب الاشتراكي ) امنوا لها الأسلحة
مباشرة من مخازن الجيش الإسرائيلي كان يُطلق عليها
تسمية : " قوات أبو إبراهيم " تلك التي ارتكبت المذابح
وتقطيع رؤوس المدنيين من القرويين المسيحيين حين
كانت مليشياتهم من " القوات اللبنانية " تهرب وتتركهم عُرضة للخطر
في مخطط جهنمي يهدف الى دفعهم بإتجاه
" الكانتون " الآخر " الكانتون المسيحي " القواتي "
وإن الأسد كان يعلم كل ذلك ؛ وما كان باستطاعته
فعل أي شيء آخر سوى أن لا يترك إخوتنا الدروز
يسقطون نهائيا في يد العدو الإسرائيلي كما حدث من قبل
في فلسطين ؛ وكان عليه أن ينتظر اللحظة المناسبة لإعادة قواته
إلى الجبل ومن ثم إلى بيروت بعد اكتوائها بنيران الأخوة في حرب المخيمات
والشوارع والأزقة وحيث صرخت بيروت بأهلها بنوابها وسياسيها الغير
مسلحين بأن أنقذنا يا حافظ الأسد .
وربي لو أحدثكم عن تلك الحروب لأصابتكم الدهشة والحيرة وفاجأتكم معلومات مذهلة !
فهل يُمكن لكم أن تتخيلوا أن يتم التحالف ما بين الأعداء
قد يتصالحون ولا يعودون للحرب .. أما أن يتحالفوا في منظومة إستراتيجية !!
على أي حال ، عادت القوات السورية إلى بيروت وصارت وحداتها المقاتلة في حرب
مكشوفة مع " ميليشيا " جعجع والذي كانت قواته تملك من السلاح الإسرائيلي ما
يُسلح بلدا كبيرا ومن مختلف الأشكال والأجناس ولم يكن ينقصهم إلا سلاح الطيران فقط
حيث عملوا على استحداث مطار " حالات " فحرثه الجيش السوري بدباباته وانتهى
الجميع إلى طلب الهدنة حيث اتفقت بيروت ودمشق وواشنطن والرياض على عقد
مؤتمر لبناني في السعودية أفضت بهم إلى اتفاق " الطائف " والذي صار بمثابة الدستور
الجديد للدولة وقدّمت المملكة السعودية المساعدات المالية لبلد منهار وعُهد إلى السوريين
برعاية الاتفاق ومساعدة لبنان على إعادة بناء المؤسسات ونعم لبنان بالأمن بل أنه ارتقى
إلى أكثر بلدان العالم أمنا وعلى مدى سنوات طوال امتدت من العام 1990 حتى العام الذي
قتل فيه رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري شباط 2005 حيث هدرت أصوات لبنانية
كثيرة بضرورة خروج الجيش السوري وانتهاء عهد " الوصاية " واتهام نظام دمشق بل
الرئيس بشّار الأسد مباشرة بقتل الحريري الابن الشرعي لتلك الوصاية وحاميها بمجموعة
من القوانين لم يوقع أي رئيس وزراء لبناني غيره على مثيلها منذ عهد استقلال هذا اللبنان .
|
|
|
|