رد: العرب والأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي
الأخت الكريمة هدى، كما وعدتك فقد اطلعت على موضوعك هكذا و سأبدأ ببضع إضافات لعلها تفيد الموضوع و القارئ على أمل العودة مجددا متى زال التعب و سنحت الفرصة.
قبل الحديث عن أي مذهب أو أقلية أو فئة سأستحضر قول البيروني (وهو لعلم القراء ولد في ضاحية كاث عاصمة خوارزم بلاد فارس أي أنه ليس عربي الأصل بل فارسيا.):"ديننا ودولتنا عربيين ومثل التوأم: محميان من الله رب السموات . كم من مرة تجمعت قبائل مسلمة لإعطاء صبغة غير عربية للدولة لكنها لم تنجح أبدا في تحقيق هدفها" .
بهذه الكلمات من كتاب الصيدنة في الطب للبيروني ،التي قد لاأكون ترجمتها ببراعة لكنني حتما بلورت فكرتها ، يتضح مدى الربط بين اللغة و الدين و الإعتزاز بهما في القرن الثاني، في أوج العلوم الإسلامية و الريادة و الإختلاط بأجناس أخرى.
إن من يتصفح التاريخ وخاصة من يطلع على مقدمة ابن خلدون سيجد ذلك الإرتباط الوطيد بين الأقليات و العصبيات و الحكم.
أولى الإنقسامات و الإنشطارات التي واجهها العالم المسلم وهو لا يزال في بداياته هو تولي الحكم: لمن تكون الأسبقية لآل النبي أم لا؟، هل تورث الخلافة؟ من الأجدر؟ من الأحق؟ من يمثل من؟كيف يختار الخليفة؟.
من هنا بدأت الإختلافات التي ستتولد عنها رؤى كثيرة و تفرقات عديدة.
لذا يجب في أي حديث عن هذا الموضوع التعريف بكلمات مثل:
الإثناعشرية، الزيديين،العبديين، الفاطميين ،العلويين..
ويمكنك أن تفعلي هذا أخت هدى أو أعود لاحقا لألقاء الضوء على هذه الكلمات وتعاريفها.
وقد يتساءل البعض هنا ماشأن الدين بالأقليات لكنني سأقول أن الارتباط وثيق لأنه في ظل كثرة النزعات و العصبيات فالدين يسخر تمهيد الطريق للسيطرة والسلطة كما أن كثرة المذاهب الدينية تتيح دوما فرصة للغريب و الطامع بالتسلل وتفتح باب الدسائس والمكائد و حتى التمزق.
سأنتقل من الدين إلى العصبيات القبلية و الإقليمية لأستشهد بابن خلدون مجددا في رؤياه لصعوبة الحكم ببلاد تكثر بها العصبيات و بحديثه عن البربر الذين ارتدوا اثني عشر مرة قبل أن يستتب الإسلام في المغرب لأن الطبع المتمرد للعشائروأهل العصائب لا يلين بسهولة شأنه شأن الأمر بالشام مع بني إسرائيل لما تواجدت فيها قبائل فلسطين وكنعان و بني عيصو وبني مدين و بني لوط و اليونان والروم و العمالقة وأكريكش...
فصعب على بني اسرائيل توطيد دولتهم واضطرب ملكهم مرة بعد أخرى.
هنا أظن أن الصورة التي ستتبادر لذهن الجميع هي المشهد الحالي للعراق.
لكنني سأتوقف هنا ولي عودة بمشيئة الله.
نونو متعبة
تحياتي
|