رد: سوريا وأزمة أعداء النظام !
يقول صديقي سأكمل معك الحديث عن المصالح
النفط والغاز :
في جميع الأحوال ، يجب أن يمروا عبر سوريا .
يكفي أن تقفل روسيا الحنفيات في الشتاء، لتجعل الأوروبيين يرتعدون برداً .
الأوروبيين بحثوا عن مصادر ثانية لغازهم في دول وسط أسيا لكسر الاحتكار
الروسي بتشجيع امريكي خصوصا وأن الحقول الغازية الأكثر أهمية في توجد
في " تركمانستان " وسط أسيا والتي تأتي في مرتبة متقدمة لجهة ملكية
احتياطي الغاز في العالم (المرتبة الرابعة)، تقع في حوض "آموداريا" .
كما أن الحقل الغازي الجبار في بلدة "آباد دونمز" الواقعة في جنوب البلد
قرب الحدود الإيرانية يحتوي وحده على نصف احتياطي الغاز في تركمانستان .
أمريكا جهدت من أجل أن يكون ميناء " جيهان " التركي الحنفية البديلة عن
روسيا لتغذية الأوروبيين ولكن واجهتهم عقبة تمثلت في كيفية وصوله ؛ فالحد
الشرقي لتركيا مع تركمانستان مقفل من دول روسيا صاحبة قرار فيها ، هي
جورجيا وارمينيا وإيران ، والطريق الإيراني هو أسهل طريق لذلك ؛
" فروسيا تضغط في اتجاه نقل الغاز التركماني نحو كازاخستان لتصديره
عبر انابيبها الخاصة، وأوروبا وأمريكا تريده عبر خط نابوكو عبر اذربيجان
في اتجاه تركيا . لكن أوراق روسيا هي الأقوى، وليس من المستبعد أن تضع
يدها على غاز تركمانستان من خلال اتفاق جديد، يشكل صفعة لأوروبا وأمريكا "
هنا ، يأتي دور الغاز القطري والذي كان السبب في دفع الأمريكيين لقطر لتبدو
وكأنها قوة عالمية مقررة ، وقد أهلتها بمحطة إعلامية على مستوى عالمي
وحظيت بدعم غربي لا تحظى به جميع دول الخليج ولعب كما ذكرنا الشيخ
حمد ورئيس وزراءه " الموهوب " دور فرسان العرب الثوريين ؛ فالغاز
القطري سيكسر جزئيا من احتكار الروس ؛وهو ثالث أكبر احتياط في العالم ..
ولكن ، أن تقطع حاملات النفط والغاز مسافة تزيد عن الستة آلاف كيلومتر
بحرا عبر طرق مهددة بالإقفال كمضيق هرمز أو قناة السويس أمرا في غاية
الخطورة فجاء اقتراح القطريين إلى السوريين ( في عزّ الانسجام معهم )
بأن خطا قطريا تركيا سيمر من سوريا نحو تركيا – وطول هذا الخط لا يتجاوز
الألفين كيلومتر وسوف يسابق الخطّ المصري المُزمع وصوله إلى سوريا
ولبنان بعد أن وصل إلى الأردن عبر فلسطين المحتلة ، وأن سوريا كما قال
القطريون سوف يفيدون من هذا " الخير " المارّ في أراضيهم .
السوريون أخبروا القطريين بأن الخلاف الأكبر والذي امتد لعقود مع العراقيين
كان بسبب نقلهم لخط أنابيب كركوك من ميناء بانياس ومصفاة حمص إلى ميناء
جهان التركي ، وبخسارتهم لذلك الخط فإنهم حرموا من العائدات والأهم من ذلك
: " الدور" الذي كانت تلعبه سوريا على صعيد دول حوض المتوسط خصوصا
الشاطئ الأوروبي وهم لا يريدون لعب دور " الخادم " فالحري بكم
– أي بالقطريين – أن تعملوا على أن تكون مصفاة حمص
هي الحاضن وميناء بانياس هو مفتاح حنفيتكم إلى أوروبا .
ولو دقق القارئ الكريم لوجد أن صراع المصالح هو الدافع لتغيير
خارطة المنطقة ما يتوافق والتخطيط الأمريكي ، من هنا سوف نجد
أن روسيا حينما تقف إلى جانب سوريا فإنها تقف مع مصالحها وأن
دعمها للنظام وثباته يعني إفشالا للخطة الأمريكية التي تقضي بأن
تلعب تركيا دورا تضع فيها العرب تحت ابطها بثرواتهم وتتحكم بحنفية
النفط والغاز إلى أوروبا التي اعتبرها الأمريكيون منذ غزو العراق بأنها
قارة " عجوز " انتهى زمانها ودورها .. ولهذا سوف نجد الصراع يشتد
على سوريا حيث تُغدق الأموال العربية والصوت العربي ويجيرونها
لمعارضة سورية عاجزة عن الإمساك بالوضع السوري الداخلي
ويستميتون من أجل تدخل غربي أطلسي يقبضون بمساعدتهم على
السلطة بحيث تسدد الفواتير التي تعهدوا أن يسددوها لأميركا وتركيا
وطلب الرضا الإسرائيلي ( لأنه سيستفيد من الغاز القطري )
كما هم يعلنون ذلك جهارا .
المستقبل وفي جميع الأحوال ، يجب أن يمر عبر سوريا بعد إسقاطها ؛ وهم
مستعجلون جدا ، لأن الخط البديل قد أقترب من التنفيذ ، فالغاز الأسيوي
سينطلق عبر خط سيمر بإيران ثم العراق ثم سوريا حتى حمص وبانياس !
وتستغربون عبر تساؤلاتكم بعد ، لماذا تحتضن تركيا جميع العصابات المسلحة
وما يُسمى بجيش سوريا " الحر " ولماذا تُطْبِق تلك العصابات على مدينة ابن
الوليد حمص وتطالب بممرات آمنة ؟!
إنها المصالح التي تُزهق أرواح الناس الأبرياء ، وتدفع ببلد نحو حرب أهلية
يُدفع من أجل إشعالها مليارات وليس ملايين .. ونظرة واحدة متفحصة منكم
على عدد القنوات الفضائية التي تزيد عن أربعين قناة تبث ليل نهار سمومها
المذهبية والطائفية وموجهة بالتحديد نحو سوريا ونظامها . نظرة واحدة منكم
إلى إعلام " الجزيرة والعربية " وهي تبث بيانات حربية وأكاذيب ملفقة
تستضيف عملاء المخابرات من كل حدب وصوب ليطلقوا عبرهما سهامهم المسمومة
ويوسعون دوائر الكذب الذي وصل حدّ العهر الإعلامي ( ولا أجد كلمة أكبر لوصفه )
مع أني لا أفاجئ بما يحدث ، فمن دقق في الموضوع جيدا سيعلم بأني تحدثت
عن الاغتيالات التي تقوم بها العصابات المجرمة قبل وقوعها ، وتحدثت عن
السيارات المفخخة قبل أن تحدث ، وتحدثت عن كيف تدفع تلك العصابات
الدولة لارتكاب مجزرة ستكون مأساة إنسانية ربما أكبر من تلك التي
حدثت في حماة العام 1982 !
كما تلاحظون إني لا أتوقف للحديث عما يحدث ولكني سوف أفعل بعد
أن وضعت أمامكم الخارطة السياسية والاجتماعية والأمنية لسوريا ،
وتحدثت عن النظام وأزماته حيث يمكنكم استخلاص العبر بأن رهانات
النظام لم تخذله مرة واحدة مهما اشتدت عليه تلك الأزمات والضغوط ؛
وعندما ينجو وتقوى شوكته ، وتفشل الخطط التي رُسمت ، يعودون لوضع
خطط جديدة ، وفي هذه الأثناء ، يقولون للذين قاتلوا معهم أو وقفوا ليدعموا
مخططاتهم بأن أمريكا لا تريد إسقاط النظام !
يا لسذاجة هذا الجمهور وضعف ذاكرته .
|