20 / 04 / 2008, 04 : 09 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات
|
الفن السابع أم الفن الضائع ..سينما عربية كقمة عربية
أظن السينما أكثر الفنون قابلية لاحتواء فنون أخرى و دمجها بشكل متماسك ومتناغم، فالسيناريو هو نص قد يكتب بلغة أدبية إبداعية دقيقة (كما قد يكون غير ذي قيمة طبعا) و الموسيقى التصويرية قد تصير معزوفة خالدة و الأداء قد يفوق تأثيره الأداء المسرحي نظرا لتنظيم المشاهد و خلفياتها الصورية الأمر الذي يمنح صبغة الحيوية و الواقعية التي قد تفقد على الخشبة..
إذا سألت المشاهد العربي عفويا, مفترضا أن غدا عيد ديني, عن تنبؤه بالفيلم الذي سيعرض ؟
فأظن أن إجابة الغالبية ستكون بجدارة و تلقائية:"فيلم الرسالة" للمخرج السوري مصطفى العقاد رحمه الله.
طبعا لا أستطيع هنا أن أنتقل إلى النقطة الموالية قبل أن أعبر عن مأساة نهاية هذا الرجل ,لمغادرته هذا العالم نتيجة تفجيرات فنادق عمان التي حولت فرحة حفل زفاف إلى لوحة دماء و عزاء والتي أوقفت عطاء فنان أثرى السينما العربية بفيلمين منقطعي النظير في تاريخها وهما الرسالة وعمر المختار.
في إحدى المقابلات التي أجريت معه قال مصطفى العقاد:"«لقد عملت الفيلم لأنه كان موضوع شخصي بالنسبة لي، شعرت بواجبي كمسلم عاش في الغرب بأن أقوم بذكر الحقيقة عن الإسلام. أنه دين لديه 700 مليون تابع في العالم، هناك فقط القليل المعروف عنه، مما فاجأني. لقد رأيت الحاجة بأن أخبر القصة التي ستصل هذا الجسر، هذه الثغرة إلى الغرب.»
ولاأحد يستطيع أن ينكر له الجودة التي رسم بها الصورة والرسالة التواصلية التي أوصلها عبر "الرسالة".
قلت أن احتمال أن يتوقع أغلبية المجيبين عرض هذا الفيلم كبير جدا لأن السينما العربية تكاد تفتقر لكم مشرف من الأفلام الدينية الصحيحة لغويا و الخالية من مشاهد تنافي طبائع الأحداث و الأشياء وسأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر وجوه الممثلين المصبوغة بسواد تكشفه عيون المشاهد بمجرد رؤيته و اللباس الذي قد لا يناسب الحقبة التاريخية أو الماكياج الذي ينم عن تناقض مع ماكان متوفرا في عصور مضت..
وقد يبدو هنا ان الفيلم الديني هو الوحيد الذي يستحق إعادة النظر فيه و إحياءه أو الإهتمام به لكن الاستنتاج شمولي إلى أبعد الحدود فالفيلم التاريخي بشكل عام يكاد يكون مغيبا على الساحة الفنية العربية.
أعتقد أن الكثير منا سمع عن مشاهدة رجال البنتاغون الأمريكي لفيلم "معركة الجزائر" للتعرف على تجربة المقاومة الجزائرية كمقاومة عربية و محاولة إسقاطها على العراق للإستفادة ومحاولة إكساب المارينزمالم يستطع أن يكسبه أبناء دوغول.
هذه التحفة الفنية للمخرج الإيطالي جيلو بونتيكورفو" التي أتيح للجمهور فرصة مشاهدتها لأول مرة عام 1966تظل خالدة حتى اليوم بل وقيد الدراسة و تحت المجهر الأمريكي بالتحديد.
فياسف سعدي الذي كان قد حكم عليه بالإعدام أثناء الإحتلال ثم أفرج عنه و أحد أبطال الفيلم الرئيسيين روى كيف أنه فوجئ برجال استخبارات أمريكيين يزورنه منتحلين شخصية صحفيين في البداية ليطرحوا عليه مجموعة إستفسارات عن اسرارومظاهر المقاومة لينتهى به المطاف ليقدم لهم الخلاصة الصريحة الناجعة:"لو أن كل جيوش العالم تحالفت على العراق لن تفلح لأن أي بلد يسعى إلى حريته سيظل يقاوم حتى يسترجعها وهذه قاعدة".
وبونتيكورفو الذي أنتج الفيلم ثلاث سنوات بعد تحرير الجزائر رأى فيلمه يمنع في فرنسا ويتوج في البندقية وأكابولكو وكان.
أما هو نفسه فيقول أن أكثر ما يروقه في الفيلم هو ذلك البناء السمفوني و القوة الأوركسترالية في فيلم معركة ينبثق فيه كفاح شعب قمع طويلا من أجل الحرية مثل "تيار عظيم" حتمي وظافر لا يستطيع شيء رده أو كبح جماحه.
مخرج إيطالي يصور كفاحا عربيا أمر بديع جدا تتجلى فيه تلك الروح الإنسانية الطيبة التي تهدف لكشف الحقيقة وإسدال الستار على الظلم و الأذى لكن أين مخرجونا العرب اليوم من هذه الأعمال؟
أين هو الفن السابع الوازن الذي نستطيع أن نستشف من عناوين أفلامه تلك الجدية الواقعية التي تبحث عن التغيير وتصبو إليه.
قد يتحدث شخص ما ويذكر "عمارة يعقوبيان" الذي عرض حتى في القاعات السينمائية الغربية أو المصير ليوسف شاهين لكن هل أثرت أحداث العمارة في الشارع أو المجتمع أو الحكومة المصرية ليتغير شيء ما و هل عرض الفيلم في الغرب لجودته أم ليستنتج الغربي أن مصر أيضا فيها شواذ و زنا و خمر..؟
وهل توج المصير لأنه رائع أم لأن ابن رشد شخصية محترمة من طرف الغرب لأنها لم تحارب الفلسفة ودعت إلى التسامح كما تفعل رؤيا شاهين المضادة للتطرف؟
وبعيدا عن هذين الإنتاجين أين هي تلك الأفلام الدينية أو التاريخية أو المعاصرة البعيدة عن الابتذال و التقليد سواء ا الهوليودي أو البوليودي ولما يتحدث عن الإيرادات و توجد قنوات أفلام مجانية أ و حتى باشتراك لا تعرض أفلام القضايا التي قد تفوز بجائزة الدب الذهبي أو غيره من المهرجانت التي لا علاقة لها بالتجارة و الإثارة بل بالجودة بمفهومها التأثيري الإنساني؟ مثل الطريق إلى غوانتانامو أو سراييفو حبي وغيرها..
مع تطور التقنية و تخصيص ميزانيات والحديث عن المواهب لازال الفن السابع العربي متخلفا عن الركب بعيدا عن التاريخ الزاخر بآلاف الآحداث التي تستحق الطرح و العرض و بعيدا حتى عن الشارع العربي الذي هو ميلودرامي في حد ذاته.
السينما العربية لازالت كالقمة العربية تجمع ممثليها لكي لاتقول شيئا أو لأكن أقل قساوة فأقول تجمع ممثليها دون أن تخلف وثيقة أو منتوجا يفتخر به تاريخها.
Nassira Takhtoukh
http://br.youtube.com/watch?v=Ca3M2f...post_6597.html
من فيلم معركة الجزائر
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|