من قراءتي للكثير من نصوصك تعودت أن أحصل على العديد من الرسائل مثل:
1- الرسالة السياسية المشفرة
والرسالة السياسية موجودة بكثرة في نصوصك، وهي موجودة أيضاً في هذا النص، وتتكلم عن جلالة الهمزة كرمز لجلالة الزعيم، وهناك تلميحات سياسية كثيرة في هذا النص....
وأنت هنا تعترض سياسياً على كل من يدعو إلى تمجيد النظم وصنع تماثيل للحكام أو وكأنك تقول أنه لا يوجد في هذا العالم نظام حكم يستحق أن يبقى إلى الأبد....إلخ.
من حيث المبدأ أتفق معك، وبالطبع أختلف معك في الأسلوب كما سيتضح من رأيي لاحقا...
2- الرسالة الفكرية الفلسفية
وكأني فهمتك تقول لا تتركوا الشيء المهم الذي تقوم عليه دعائم الحضارة والحياة وتبحثوا عن الأمور الثانوية ( الذي يعتبر وجودها مكملاً )....
إن كنت قصدت ذلك، فيا للمصادفة الغريبة لقد قلت هذه الجملة هذا اليوم لأحد الأشخاص، قلت له لا تبحث عن الكماليات قبل إنجاز الأساسيات وضربت له أمثلة على ذلك...
ولكني هنا وإن كنت أؤيدك في المبدأ ذاته، لكني أختلف معك في استخدام هذا المثال تحديداً، أي أختلف معك في استخدام "اللغة العربية " في قصتك لإثبات وجهة نظرك حول هذا المبدأ تحديداً.
فيما يخص الهمزة والرفع والجر والنصب!
رغم أني مهندس لكني مضطر لاستخدام الرفع والجر والنصب في الهندسة 
نرفع الرمل ، ونجر عربات الاسمنت، وننصب الرافعات...ههه ، أمزح فقط
يا دكتور نبيل
[align=justify]
أنا كمهندس ملزم بأن أدرس جيداً قوانين نيوتن وخصوصا قانون " لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، لكن مدرس اللغة العربية غير ملزم بذلك ليقوم بعمله!
[/align]
وكذلك لمن سيكتب باللغة العربية، أو سيوجه رسالة جماهيرية أوإنسانية أو أدبية باللغة العربية فالهمزة قد تغير معنى الجملة، والرفع والجر والنصب قد يغير من أثر الكلام وجماليته في نفس القارئ...
بالمناسبة دكتور نبيل عودة، هناك زعيم لا يتقن قراءة اللغة العربية، حينما يلقي خطاباً أشاهد النعاس قد دب في عيون الزعماء الآخرين ومرافقيهم!
وتذكرت أحد قادة تجمع نقابي، كان يلقي خطاب وتجد الجمهور يضحك، أو لا يكترث بخطابه لأنه أهمل النحو في كلامه وبطش باللغة بطشا شديداً وهو يلقي الكلام.
لذلك فأنا اعتقد أن تعلم اللغة العربية وكتابتها بالشكل السليم أمر مهم جداً لكل فرد في المجتمع العربي، وهناك متطلبات خاصة يتوجب دراستها كلما تطلب ذلك للكتاب والمؤلفين حتى يتقنون كتاباتهم أكثر وتغدو مؤثرة أكثر.
مثلاً قد يتطلب نشر كتاب معين في أي مجال من أي مؤلف أن يعرض كتابه قبل النشر للتدقيق اللغوي، فلو أهملنا قواعد اللغة منذ الآن سيأتي زمان قد تضيع فيه اللغة و لربما سيغيرون كلماتها كما فعل الاستعمار سابقاً حينما حشر أنف مصطلحاته في أشياء كثيرة تمس حياتنا كعرب!
[align=justify]
الدكتور العزيز / نبيل عودة ، هناك في هذه الحياة أشياء متغيرة يمكننا تغييرها وتطويرها وإعمال العقل فيها كما تفضلت، ولكن هناك مبادئ ثابتة وقوانين ونظريات ككروية الأرض لا يمكننا أن نغيرها لأنها مسلمات ثابتة وراسخة في حياة الناس!
[/align]
[align=justify]
وقواعد اللغة العربية وإن كانت قابلة للتطوير، فإن جهود العرب الأوائل قد رسخت مفاهيم كثيرة وقوانين كثيرة قد أصبحت مسلمات لأنها عين الصواب، وأثبتت جدارتها نظريا وعمليا في حياتنا، لذلك فيجب البناء عليها دون هدمها، لأن هدمها يعني ضياع الهوية!
[/align]
أستاذي الكريم نبيل عودة، كما قلت لك أؤيدك في مبدئك حول الاهتمام بالمهم أولاً قبل الثانوي في كافة أمور الحياة، وأختلف معك في المثال الذي سقته هاهنا، حيث أنني أجد الكثير من قوانين اللغة العربية هي مسلمات كقوانين نيوتن وكروية الأرض..واعتقد لو قرأت لك أو كتبت لك شعراً أو خاطرة بلا همزات وخلطت بين المرفوع و المجرور و المنصوب!
أراهن أنك ستمتعض وستطالبني بالصمت، وستشعر بأن النص قد أصبح صعب القراءة وافتقد جماليته وأصبح كبيت تسكنه الأشباح....
لذلك الإلمام بقواعد اللغة أمر مهم وجميل ويضفي على أفكارنا ونصوصنا روعةً وجمالاً.
ونعم إن إعمال العقل أمر مهم، لكنه لا يبرر أن ننكرر جهود الآخرين وأن نمحو أشياء جميلة حملها الزمان لنا من أجدادنا، فنحن نستطيع أن نبني على الأشياء الجميلة الجيدة دون هدمها، حتى الأنظمة التي نعارضها، إذا كان لها أشياء جميلة يجب أن نبني عليها، وأن نتجاوز مساوئها فقط ونصحح أخطاءها...
هذا ما أردت قوله، ولن أنسى أن أقول لك أن أسلوبك في الكتابة رائع، وأن قصصك ممتعة، رغم أنها لاذعة النقد أحياناً، ورغم اختلافي معك في هذا النص فهذا لا يلغي أن لديك بصمة كتابية إبداعية خاصة بك تعجبني كثيرا....
شكراً لك دكتور نبيل
احترامي وتقديري لك