عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 02 / 2012, 03 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

القلب يصمت أحيانًا


هل سبق لقلب أحدكم أن انفجر دون سابق إنذار، رغبة منه بالانعتاق من كمين جاذبية المشاعر؟ يسمّون هذه الحالة بالطبع سكتة قلبية مفاجئة، قد تؤدي إلى حالة موت فيزيائي غير متوقع! غريب أمر أهل الطبّ، ألا يعرفون بأن هذه الحالة هي مشروع صحوة قسرية، تأتي بعد معاناة ويأس يا سيدتي. يتخلص فيها الفرد من قوانين الجذب الإنسانية والمشاعر العابرة التي لا تحمل معاني تليق بالتميز، كالتملك والأنانية والسخط والغضب!
لا تقلق يا قلب وافعل بعضلتك ما تشاء. لك منّي الشارة الخضراء التي تمنيتها طوال العمر القصير كالدهر، الطويل كلحظة. تخطى يا قلب كافة الخطوط الحمر والبرتقالية، لا تنتظر اللون الأخضر إذا كنت غير مقتنع بجدواه، واعشق كما لم تفعل من قبل يا قلب، اعشق!
خذي قلبي، نعم، أنتِ من دون نساء الدنيا، لا تخجلي، لا تفزعي، كيف يمكن لي أن أمارس حياة لا تتماهى مع حضوري في هذا الوسط الرمادي. لا حياة دون رونق أنت رائدته، فاقطفي ما تبقى من دفق التجلّي، إذا كان هذا العطاء يعني ذوبانًا في أنوثتك المستثارة بحمّى اللقاء المغيّب في جيناتي، فلا تنتظري وهلة قد لا تأتي. اعبري الضفّة الأخرى، لم يبقَ سوى ثلّة من الذئاب التي أطعمتها، فأعلنت الوفاء، يا للغرابة! الذئاب الجائعة لم تنهش لحمي، بل سارعت نحو الغابة القريبة لتصطاد لي أرنبًا أو ما تاه من اللحوم في العتمة، لتردّ معروفًا عابرًا. لكنها الذئاب لم تدرك بأني أنا الإنسان قادر على التوحد مع الفناء للخلاص من لحظة الشقاء.
خذي قلبي، لم يبقَ أمامك الكثير من الوقت يا سيدتي، لا مكان للشفقة في زمن الانهزام والتشاؤم والثورات القادمة من عمق التاريخ. شاهدت بأم العين كيف يهرم قلب الشاب، محظوظ من يقرأ الكتاب بيمينه أو يساره قبل أن تأكل النار والفيضان الأوصال الغضّة.
هذي حياتي معروضة أمامكم للبيع أو للشراء أو للاستثمار بامتيازات وطنية، لتصبح مرتعًا للتجارب. قد تتمكنون من قراءة ما غاب عنّي رؤيته بين الأسطر، لكن لا تقتربوا من القلب لأنه مليء بالمفاجآت وقد ينفجر في وجوهكم ليبعد المتطفلين عن حوضه، ولن يسمح سوى لها أن تقترب بحذر نحوه ليمسّد جيدها ووجهها، قبل أن يصمت أو يسكت لينفضّ من حوله كلّ من قرر أن يراقب حالة العشق الأبدية.
هل سبق لأحدكم أن شعر كيف يتراقص القلب بين الأضلاع، غير آبه بتبعات تمرده على الواقع؟ سكتات القلب هي صمام الأمان، الجدار العازل أمام انهيار العالم وتردي الأنسجة العضوية واحتقان المجسات. ما نفع دفق الدم حين يتعذر تخثره، وانسيابه عبر الأنهر القريبة من المحيط المسمّى حياة دافئة؟ ما نفع قلبًا شقيًا لا يشعر بحمّى العشق المتخفّي خلف نافذة حسناء، لا يقدر على تسلقها سوى أتباع الشيطان والسلطان؟
لعلّ اللحظة التالية هي بداية رحلة العمر الذي لم نفهم رسائله. سيدتي، أدعوك لقراءة تجلّيات القلب حين يشعر بالإرهاق والتعب، عندها فقط يمكن لدفقه أن يتسارع أو يتباطأ ليحصل على تلك اللحظة القادرة على الانطباع في ذاكرة الزمن. عندها فقط يمكنك أن تصدقي همساته، ولا تستغربي كثيرًا إذا صاح القلب دون سابق إنذار "أحبّك".



نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس