رد: حوار أدبي مفتوح عن الشاعر طلعت سقيرق وإبداعاته بمناسبة ذكرى عيد ميلاده
سيدتي الغالية أستاذتي هدى نور الدين الخطيب أسعد ربي أوقاتك بكل الخير
عندما أكون إلى نفسي أقرب يكون ردي بسيطا نابعا من القلب ..
الأوطان سيدتي صنيعة الأنسان .. كمواطنين عرب عاديين كانت مصر ما قبل جمال عبد الناصر
بالنسبة لنا مثلها مثل أي بلد آخر لا حبٌّ ولا وجدٌ ولا مفخرة انتماء .. لكن مصر مع المرحوم
صارت كوطن كبير ورائع في ضمير كل عربي ، ربما غابت تلك الحقيقة عن ضمائر بعض المصريين
وتنكر لها بعض العرب الصغار المتعملقين .. لكن الفرد قد يكون أمة بكاملها حين يكون ذاك الانسان
الذي يساهم في صنع تاريخ مجيد لبلده لأمته ، لناسه الذين يرتفعون حتى مستوى القداسة كما
ارتفع الإنسان المصري في عهد جمال إلى مستوى القداسة والطهر ولو أنكر ذلك الجاحدون
المحزبون الذين بأنانيتهم يرفعون أحزابهم فوق الوطن الذي ساهم أخصامهم برفعته وعلوه !
هكذا هو طلعت .. جميع الذين عرفوه واحبوه عرفوا من خلاله فلسطين ، فأحبوها . قدّم لهم
عنها تاريخ مختلف ، رأي حقيقي متأصل كأصالة حقه في حيفا .. حيفا التي زور المزورون باسم
فلسطين كلها بأنها جزء من كيان العدو حين انحطوا ووضعوا تواقيعهم
( كسر الله أيادي الأحياء منهم وجعل قبور الميتين منهم عذاب )
لقد مثّل طلعت الحبيب فلسطين العشق والحب ، الإرادة والإصرار والأهم :
الأمل والصمود .. صارت مع طلعت الشهيد ومن هم على نفس نهجه أعلى ، أقدس
أحبّ إلى نفس كل عربي كان يبحث عنها في غير كتب التجار والخونة .
إن لم تكن تلك قيمة طلعت يبقى كما غيره من الشعراء والأدباء
قال قولا جميلا لمن استساغ وكفى ! لكن طلعت بالفعل مدرسة
قد نقلت الشاعر والأديب من الخاص إلى العام من الأنا إلى ال نحن ؛ والأهم
البقاء على المبدأ ، لم تغريه السلطة ، لم يغريه المنصب ، لم يتقوقع ، ففي زمن
القائلين بانهزامية : " يا وحدنا " كان يصارع بالكلمة ثقافة " اليتم " لأنه كان يعرف
بأنها ثقافة تمهد لعصر صار اليهودي التلمودي أقرب إليهم من العربي ، وأي عربي ؟
ثم انقلبوا على الذات والتاريخ . كان يصارع بالكلمة ليبقي على لون جلودنا كما خلقها الله
في زمن صار " المتنفذون " باسم القضية يبدلون جلودهم كالأفاعي .. !
قيمة طلعت يا سيدتي يجب أن تُدرك ، أن يُحتفى بها من هذا المنظار الوطني والقومي والإنساني
فأشعاره ، ورسائل عشقه ، قصصه ، خواطره أدبه كلها عابقة بهذا الوله والإخلاص
هذه كلها سمات إنسان لم يتبدل .. بقي إنسان كما أراد له الله أن يكون فكان .
طوبى للإنسان الذي يساهم في رفعة الأوطان في زمن العهر والخذلان .
رحم الله طلعت الشهيد الذي سيبقى خالدا في وجدان فلسطين التي زرعته في رحم تاريخها
وتحتفي بميلاده على هضاب حيفانا وكرملها في موسم الدحنون وميلاد العصافير واخضرار الصفصاف .
|