رد: أثر المناهج الغربية على الدرس النقدى العربى
الفضلى الكريمة الأستاذة منجية
لقد أسعدنى جدا ردك فى وقت غاب فيه أعضاء نور الأدب عن الحوار وكأن الأمر لايعنيهم وكأننا نعيد مرة أخرى ذلك التكاسل والتواكل و"الإنمالية" وهى كلمة منحوتة من عبارة "وأنا مالى" التى أفضت إلى هزيمة الثقافة العربية منذ قرون
وأدهشنى أيضا ردك بما يعمل من وعى حاد بطبيعة علاقة الثقافة الأوربية بثقافتنا وتراجع ثقافتنا أمام المد الغربى الثقافى بشكل عام واسمحى لى سيدتى أن أعود قليلا إلى الوراء لنكشف كيف تم هزيمة الثقافة العربية
ففى عصر الدولة الأندلسية كان الثقافة العربية فى أوجها والحضارة العربية هى الحضارة الازهى والاجمل بما تحمل من تقدم علمى بهر الدنيا جميعا ثم دخلنا فى الحروب الصليبية وهنا حدثت ردة للعقل العربى الذى كسرت شموخه تلك الحروب وهزيمة العرب عسكريا وكأن الغرب الأوربى لم يكتفٍ بهذا بل أراد هزيمة العرب فكريا وثقافيا فجاء فردريك الثانى ملك النورمان فى ذلك الوقت وبدأ فى حركة ترجمة للعلوم العربية ونقلها بالكامل إلى الثقافة الأوربية ونشطت حركات الترجمة فى ذلك الوقت وبدأها قسطنطين الأفريقى ثم توالت تلك الحركات ونشطت ايضا بمساعدة الكنيسة التى عملت على نقل التراث من خالا مدارس الترجة التى أشأتها الكنيسة فى ذلك الوقت وتم نقل الفكر العلمى العربى الى اوربا وهذه كانت هزيمة اخرى للعقل العربى ومن هنا صار العقل العربى يعتمد على المنتج الفكر والثقافى الغربى بشكل ولقد فطن الغرب الى ذلك فحرصوا على ابهار هذا العقل العربى بما ينتجون من فكر ثقافى ويروجون له بانه فكر النعيم والرقى الحضارى
وكما تفضلتِ فى عرضك السابق صار العقل العربى اتكاليا يركن لمن يقدم له الفكر الجاهز وعليه ان يتمعامل معه بغير منهج يعى طبيعة هذا الفكر وكيفية التعامل معه بما يخدم الفكر العربى ويحفظ له هويته
وفيما يتعلق بالنقد ان العقل العربى لم يتعامل مع المذاهب والتيارات الغربية بمنهج يجعل منها وسائل اجرائية لفك شفرات النص الادبى بل تعامل معها على اعتبار انها غايات نقدية ومن ثم استطاع النقد العرب ان يخضعوا النصوص لصالح هذه المذاهب التى لم تخلق اصلا للمجتمع العربى المختلف فكريا وسسيولوجيا عن المجتمع الغربى
وصار عندنا مسميات للنقاد تضحكنا احيانا وتحزننا احيانا اخرى فهذا ناقد بنيوى وذاك تفكيكى وثالث تحليلى ورابع حداثى وخامس ما بعد الحداثى وغير ذلك ومع هذه الفوضى غير الممنهجة فى العروض النقدية والتى تتعامل مع السطح النصى دون العمق فيه والوصول الى المعنى الذى من اجلة أنشئ النص جماليا ودلاليا صارت الذائقة العربية فى انصراف شبه مطلق عن النص الادبى لانها فقدت هويتها العربية وصارت النصوص ايضا افرازا لهذه الفوضى النقدية اقرب الى النص المترجم من النص العربى الخالص
من هنا فسدت الذائقة العربية وصار لدينا نقاد مترجمون وليسوا مبدعين
ويمكن ان تكون لدينا نظرية نقدية عربية متى اعدنا قراءة تراثنا النقدى العربى ومزجنا بينه وبين المعطيات الفكرية الغربية عبر منهج يضمن التوازن والعمل على اخراج مركب نقدى ثالث يوافق إليات الحضارة الحالية
شكرا لك سيدتى الكريمة على هذه المداخلات الرائعة والتى افادتنى على المستوى الشخصى كثيرا واتمنى ان تشرفينا بالتواجد هنا وان نتعاون معا فى تنشيط هيئة النقد فى نور الادب لنصل بها الى الاهداف السامية والفكر الخلاق المتوزان وبانتظار مقترحاتك سيدتى الفضلى
كل محبتى وعظيم تقديرى
|