عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 04 / 2012, 38 : 08 PM   رقم المشاركة : [37]
منجية بن صالح
كاتب نور أدبي مشارك

 الصورة الرمزية منجية بن صالح
 





منجية بن صالح is on a distinguished road

رد: أثر المناهج الغربية على الدرس النقدى العربى


الأدب و مفهوم الإبداع و النقد

الأدب هو صورة لإنسان و حضارة و ثقافة و بيئة و حقبة تاريخية معينة في تاريخ الفرد و الزمان و المكان كيف يمكن أن نبدع في أدبياتنا ؟ما هي معايير الإبداع ؟ و هل للإبداع معايير ؟
ما نكتبه هو مرآتنا العاكسة للحظة كتابة كانت فيها مشاعر و فكر و ذوق و فعل و حركة على أرض النص شكلت قيمته الفنية فكان الصدق يتخلل النص يستشعره المتلقي ليتواصل به مع الكاتب و كأنه يحي فيه قيمة إنسانية في كثير من الأحيان تكون غائبة عنا في زحمة حياة تريدنا أن نسايرها لتستدرجنا إلى عالمها المليء بالتناقضات فمقابل جمال الصدق هناك قبح الكذب لأقول أن جمال الداخل الإنساني هو الذي يصنع الإبداع و فقد هذه القيمة الإنسانية يجعل النص يفتقر إلى أبسط مقوماته الجمالية ليجعله ميتا لا يحرك وجدان المتلقي و لا فكره فالنص يعكس كل ما فينا من جمال و قبح من مشاعر حب صادق لها عمق حي داخلنا إلى حزن دفين يشعر الآخر بالكآبة و يذكره بلحظات حالكة في حياته فللنص جذور تمتد داخل المتلقي و تكون فاعلة فيه سلبا أو إيجابا

و أقو لأن الإبداع رسالة و على قدر نوعية و قيمة الرسالة و انسانيتها يكون الإبداع متألقا ليخترق الزمان و المكان و يخلد على الأرض و تتناقله الأجيال و تتعلم منه و الأمثلة على ذلك كثيرة فصقل النفس و الذات هما مصدر الإبداع الأدبي فبدون صدق تكون أعمالنا غائية غوغائية بمعنى أنها لا تكون رسالة إنسانية بل رسالة فردية يرجى من ورائها مصلحة فردية ضيقة و هذا يقتل فيها كل نفس إبداعي لتكون غوغائية تخوض زحمة النصوص تبحث لنفسها عن مكان في الساحة الأدبية ليسمى كاتبها أديبا أو شاعرا و ذلك لمجرد الحصول على نسبة لجنس أدبي معين
قلة وجود النصوص و الكتابات ذات قيمة فنية راقية في حاضرنا الأدبي مرده عدم وضوح الرؤية و غياب المنطق التحليلي عدى مرض العصر القاتل وهو الإزدواجية في التفكير و هذا يكرس التشتت الفكري لأننا نعيش ثنائية فكرية عقيمة لا تثمر فكرا واضحا خلاقا مبدعا و هذا ينعكس على النقد شئنا أم أبينا لأن الأديب هو ناقد و الناقد هو أديب لا يمكن الفصل بينهما و إن فعلنا فقد النقد من الأديب و الأدب من الناقد و أصبحنا نعيش فوضى الفكر مع فوضى مصطلاحات و إستيراد قطع غيار لما أشكل علينا ادراكه و هذا بشكل مبسط ما نعيشه فعلا في زمن العولمة و هيمنة الأقوى على الفكر و القدرة البشرية و المادية للشعوب فالتقدم العلمي مرهون بالقوة الإقتصادية و التي أساس وجودها واستمراريتها الهيمنة و استغلال القدرات المادية للشعوب الصغيرة و الضعيفة ماديا و حتى تبقى كذلك لابد من غزو فكري ممنهج يقضي على قدرتها في التفكير حتى لا تتمرد على سلطة المهيمنة فكل ما نسمعه من كلام حول التقدم العلمي و الحضاري عند الغرب هو مسخر لخدمة مصالحه الداخلية و الخارجية

يقول الفكر المادي أن العلاقات الإنسانية هي علاقات تجارية فإن أدركنا جيدا أبعاد هذه المقولة فإننا نعرف أن بمثل هذه العلاقات لا يكون هناك لا إبداع و لا نقد بل نكون تجار كلمة تباع في المزاد ليكون الربح أكبر وهو أساس نمو التجارة أو إفلاسها

لا يكون هناك أدب إلا عندما يكون هناك أديب راسخ في هويته و أنتمائه و ثقافته يحترم خصوصية تراثه و يطوره بأدواته الخاصة فالأدب ينبت في طبيعة الإنسان الخاصة فلا يمكن أن نستورد ثلج القطب الشمالي و نجعله في محيط صحراوي و لا أن نحمل الصحراء و مكوناتها الطبيعية إلى أوروبا الشمالية فكل طبيعة خلقت لبيئتها الخاصة و زرعها في بيئة أخرى يقضي عليها و يصيب أصحابها بالجوع المادي و الفكري كمن يخرج السمكة من البحر ليجعلها تعيش في بركة صناعية لتفقد مذاقها و نكهتها وتتشابه الأذواق و تفقد خصوصياتها المميزة
هكذا يفقد الأدب مميزاته و خصوصية بيئته الجغرافية و الإنسانية لتصيبه العولمة في المقتل و يصبح الغثاء ابداعا بمنظور غيرنا لأننا فقدنا هوية و أنتماء هو ميزتنا التي تشكل خصوصياتنا الثقافية الحضارية
لقد تقدم العلم و الفكر المادي إلى درجة أنه توصل إلى إستنساخ الإنسان و الحيوان و الخطير في الأمر أنه بذلك أراد أن يوحد الجنس البشري ليكون على نفس الشكل حاملا لنفس الفكر و هذا يلغي أهم خاصية كونية و إنسانية و التي خلقها الله تعالى على الأرض ألا وهي خاصية التكامل فلا أحد كامل بذاته ليكون دائما محتاجا لغيره لينتج و هذه الحاجة لا يمكن أن تكون مبنية على الهيمنة و البغي بقدر ما تكون تكامل في ظل ألفة و محبة و تواصل بناء يعترف الكل بنقصه للآخر ليتكامل معه ليكون الأديب في حاجة للناقد و الناقد في حاجة للأديب تربطهما علاقة تعاون و حب لتأدية رسالة إنسانية تضيف للفكر و الثقافة و تبني حضارة و ترسخ الإنسان في هويته الثقافية و أنتمائه إلى أرض و تاريخ

شكري الجزيل لكم لرحابة صدوركم و طول نفسكم في متابعة الموضوع و أقول بهذا الطرح حاولت ا، اقدم تصورا كاملا لوضع راهن و كيفية الخروج منه ربما يكون لبنة في بناء فكر عربي راسخ على الأرض بدون أن يلغي قاعدة التواصل الواعي مع الآخر و من يستورد لا بد أن يكون عارفا بسلبيات و إجابيات ما يستورده ويعرف كيف يتعامل معه حتى لا يدفعنا الجهل بقيمتنا و قيمنا للإستيراد العشوائي فعلى المستوى الإقتصادي هذا المنطق يقتل الصناعة المحلية لأقول انه يقتل ايضا الفكر المحلي و يجعله غير قادر على تأمين حاجياته الضرورية

ما يحدوني للكتابة هو محاولة مني لطرح تصور ربما يكون مختلفا يشاركني فيه البعض و يخالفني فيه البعض الآخر وهي لبنة للبعض ليبني عليها و هذا يكون دائما مصدر سعادة للكاتب لأنه مهما نجتهد فإننا نضيف و لا نفرض و ذلك ابتغاء التواصل نتمنى أن أكون قد ساهمت في بلورة فكر آخر ينطلق من تراثنا و خصوصياتنا على أرض وطن يمتد من المحيط إلى الخليج و الذي هو المرجعية الوحيدة لإخواننا المتواجدين على أرض الغربة فإن عمت هذا الوطن فوضى فبالضرورة ستتطال غربتهم لتصبح غربتان


كل التحية و جزيل الشكر و الإمتنان لكل المشاركين و لكل من اطلع على الموضوع


منجية بن صالح غير متصل   رد مع اقتباس