الصدقة المنسية
أصبح من المألوف لدى كثير من الناس أن يكونوا متخاصمين متقاطعين متدابرين . وأصبح من المألوف أيضاً أن يستمر هذا الخصام والتقاطع أياماً وشهوراً بل أعواماً عديدة ... وأعجب من ذلك أنك لا ترى من يصلح بينهم ، وينهي قطيعتهم ، ويقرِب من قلوبهم ..ويذكرهم بالله تعالى .. ويحذرهم من عاقبة الهجر والقطيعة .. مع أن الله تعالى رغب في إصلاح ذات البين فقال سبحانه : (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم )
ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وبيَن أنه من أفضل الطاعات وأعظم القربات وخير الصدقات التي يمكن للمرء أن يتصدق بها ، ومما ورد عنه في ذلك صلى الله عليه وسلم
اولاً : عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصدقة : إصلاح ذات البين
ثانياً : عن أبي الدرداءرضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى . قال : إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ، ولا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين
ثالثاً :عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل سُلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس ؛ يعدل بين الإثنين صدقة ، ويعين الرجل في دابته ، فيحمله عليها ، أو يرفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ، ويميط الأذى عن الطريق صدقة ،وقوله يعدل بين الإثنين : أي يُصلح بينهما بالعدل
رابعاً : بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للمسلم أن يقول ما يدعو إلى الإصلاح وإن كان لم يحدث بتمامه ، فقال عليه السلام : ليس بالكاذب مَن أصلح بين الناس ، فقال خيراً أو نَمى خيراً
خامساً : وقال صلى الله عليه وسلم :لأبي أيوب الأنصاري يا أبا أيوب ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله ؟ تصلح بين الناس إذا تباغضوا وتفاسدوا
وفي لفظ : ألا أدلك على عمل يرضاه الله ورسوله ؟
وفي لفظ : ألا أدلك على تجارة ؟ ثم ذكر الإصلاح بين الناس في كل ذلك
فاغتنموا هذه الفرص العظيمة ، وتاجروا مع الله تعالى ، وتصدقوا بغير مال ، واسعوا في الإصلاح ، ولمِ الشمل ، ووصل ما انقطع من الروابط
البشرية والعلاقات الإنسانية نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر والله الموفق ..... إعداد القسم العلمي بمدار الوطن