ارتشف قهوته واستشعر مرارتها ، نفث دخان سجائره وراح في غيبوبة التفكير
أينها؟ لماذا لم يسكن بريده الالكتروني رسالة منها؟ لم خفت بريق قائمةالأصدقاء وأصبح كمدينة الأشباح بدون اسمها؟
راجع آخر حوار بينهما ، كانت على غير عادتها، خفتت مشاكستها، لم تكن تبادره بالأسئلة بل كان هو من يسحب
الكلمات منها، شعر بأن الشاشة التى
تفصلهما باهتة ، واجمة تلك الليلة وكانت تعابيرها متوشحة لون الغياب
بادرها بمطلع قصيدته الجديدة، لم تكن متلهفة.. لم تعلق على ما جاء فيها كما عودته.
شعر بأن هناك شيئاً ما
سألها : ما بك؟
أنا معك- قالت له- وما لبثت أن أرسلت له جملة ألجمت حماسه وفرحته بوجودها.
قالت له: على الإنسان أن يبتعد ويغيب لفترة ليعيد حساباته وليستشعر مكانته عند الآخرين
جاءت جملتها كغيمة منهكة لا تدري أين ترمي. بحملها.... شعر بغصة وبرودة. تسري في أطرافه
قال لها: لماذا تتحدثين عن الغياب، لا يحتاج الإنسان
للابتعاد حتى يكتشف محبة الآخرين، من يسكن القلب لا يغادره بمغادرة جسده المكان.
صمتت طويلاً، شعر بأن كلماتها تنتحب على لوحة المفاتيح ولم تعد تصله،
أرسل لها عدة جمل ولم يأته الرد أبداً.
تردد في نفس الموعد في الأيام التى تلت ذلك الحوار ولكن بقيت قائمة الأصدقاء باهتة في غياب اسمها
غمس قلمه في مرارة حزنه وكتب كثيراً، حرق لفافات تبغ بعدد الحروف التى كتباها سويا .
انتبه فجأة على لسعة من سيجارته .. لقد وصلت شعلتها إلى أطراف أصابعه ،
أطفأها وأمسك بالورقة التى كانت أمامه ، حاول أن يكتب قصيدة ولكنها جاءت عرجاء ، لقد تعود على أن أن يكتب
بيتاً وترد عليه ببيت الى ان ينهيا القصيدة معاً
كتب سطرا وترك لها فراغاً لعلها تطل من وراء أكمة الغياب..
سلوى حماد